مِصرُ التي في خاطري” تكتبها / دعاء خطاب
” مِصرُ التي في خاطري”
في جلسه عائليه هادئه
سألتني إحدى بناتي.. لماذا أنتم مهتمون
بكل شئ قديم وكثيراً ما تتحدثون عن
الماضي بفخر.. ودائماً تضربون الأمثال
بأيامكم وذكرياتها؟!!
هل كانت الحياه مختلفه كثيراً عما
نعيشه الآن؟؟
سافرت للفور بذاكرتي لماضيٍ بعمر الزمن
ليس بعيد..جاوبتها كلمات اغنية
أم كلثوم…” مصر التي في خاطري “
يا أبنتي ليست هي من عرفتموها اليوم!!
وقد تكون ميزه لهذه الأجيال أنهم لا يعرفون غير اوقاتهم الحاليه فيها
فمن الصعب جدااا أن تعيش في زمن
كان كل شئ فيه جميل.. بسيط وطيب
جميع من حولك يشبهونك
وكل ما فيها أصيل وملئ بالخير
ويأتي زمن تتغير عليك الأحوال وتتبدل النفوس ويصبح الناس غير الناس كما
هو الحال الآن!!
فالطرق كانت اكثر إتساع ونظافه وترتيب
والحدائق أكثر بهجه وألوان وأنضر خضره
والميادين أبهى وأكثر نظاميه
والمباني منخفضه اكثر.. ولها نفس الإرتفاعات تقريباً وطابع معماري متشابه
وألوان طلاء متقاربه مما كان يُعطي
إنطباع بالتحضر والرقي في الذوق العام
سلوكيات الناس حتى البسطاء
منهم كانت أرقى.. الأعياد ورمضان
والمصايف كانت أمتع.. والأنشطة التي كنا
نمارسها مع أصحابنا وجيراننا واهلنا كانت
أجمل… وأوقاتنا كانت أكثر بهجه على
بساطتها..لم تكن نزهاتنا مليئه بالرفاهيه
كعصركم.. ولا تكلفنا ما نتكلفه الآن
من مشقه ومصاريف كثيره لنشعر بقدر
ولو ضئيل من المتعه… ولكن كان الرضا
هو سر سعادتنا بالتفاصيل الصغيره
الجميله في تلك الأيام.
لم يكن هناك تفاوت كبير بين الناس
وبعضهم.. لا في المظهر ولا الملبس
ولا مستوى المعيشه ولا في مدارسنا وجامعاتنا.
لا أحد محروم تماماً من حق الإستمتاع
بالحياه ولا تطلعات كبيره تفوق قدرات
أهالينا وواقعنا.. فكلها أحلام من الممكن تحقيقها وآمال يسيره المنال.
ولا أمور جسام كعصركم تُقلق مضاجعنا
ولا أمراض وأوبئه لا نعرف كيف نواجهها
كان كل شئ معلوم وواضح فلا مجهول
مطلوب منا التعايش معه
ولا غد مُقلق لا نعرف ماذا يحمل لنا!!
كان كل شئ له رونق يميزه
وكل ما نتعامل معه اكثر وضوح وصفاء
وكل شئ يتصف بالرقي والبساطه
في نفس الوقت
أقل شئ يُدخل السعاده على قلوبنا
ويجمعنا كلنا صفه الرضا بحالنا وواقعنا
وذلك هو سر تلك الأيام التي تسكن
خاطري ودائماً أرحل إليها بذاكرتي
لأصطحبكم معي بداخلها في رحله
من وقت لآخر.
” أهيم شوقاً.. أعود شوقاً
إلى لَمَاكِ .. وسلسبيلي”❤️