نجلاء فتح الله تكتب : آنين ماسبيرو ما بين نجاحات فايق وحاتم وفساد أحمد سليم وانتظار قبلة الحياة من الرئيس

بعد اندلاع ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ادرك القائمون عليها خاصة “جمال عبد الناصر” الرئيس الثاني لمصر مدي أهمية الإعلام لترسيخ مبادئ الثورة والترويج لها وأهمية الإعلام عموما بجانب التعليم في توجه الرأي العام و تحديد وعي الشعب -أي شعب – كما آمن الأمريكان من قبله ان الإعلام والفن هما الوسيلة الأهم لصنع قوة أى دولة بجانب الاقتصاد خاصة انهما احد اهم دعائم الاقتصاد و أحد أهم وسائل نشر الحلم الأمريكي للعالم والسيطرة عليه
وهنا كانت الفكرة لإنشاء مبنى للتليفزيون علي ضفاف النيل في وسط القاهرة تحديدا في ماسبيرو لينطلق إرسال أول تليفزيون عربي في الشرق الأوسط وأفريقيا بعد تليفزيون العراق ، و بعد عدة سنوات من الإعداد للفكرة انطلق البث يوم ٢١يوليو ١٩٦٠ مع العيد الثامن لثورة يوليو
لم يشكل مبنى ماسبيرو وعي المصريين فقط بل العرب والأفارقة دون مبالغة بعد انضمام الإذاعة المصرية للمبنى بعد نقلها من الشريفين لماسبيرو وإنشاء محطات إذاعية مختلفة تنقل أثيرها لجيراننا في العروبة وجيراننا في القارة بجانب القناتين التليفزيونيتين الأولي والثانية بعد إنشاء وزارة الإعلام التى تولي قياداتها عدد من القامات الثقافية رغم انهما ذات خلفية عسكرية مثل دكتور”عبد القادر حاتم ” و” محمد فايق ”
كان لابد لي من الاستهلال بهذه المقدمة لتذكر تاريخ هام يجب علي الأجيال ان تعرفه وتتوارثه .. يجب معرفة مدي أهمية ماسبيرو وكيف تحققت لنا الريادة الإعلامية والدرامية من خلاله بعد ان تحققت بالسينما من قبله وكيف ان اللهجة المصرية يعرفها العرب جميعا بسبب الفن والإعلام المصري وكيف ان كل التليفزيونات العربية تقريبا قامت فوق أكتاف كوادر وقامات ماسبيرو .. وكيف أن ماسبيرو الذي صنعته وآمنت به وأطلقته للوجود ثورة يوليو يئن الآن وينتفض ببقايا الروح التى تبقت له انتظاراً لقبلة الحياة ممن توارثوا الحكم وبقوا من نظام يوليو وباعتباره الكيان الوحيد تقريبا المتبقي من إنجازات ثورة يوليو !
يزعجني كما يزعج الكثير من المصريين هذا المستوى الذي وصل اليه تليفزيون الدولة الرسمي والمعبر عنها والحال التى وصل اليه ماسبيرو وكم الإهمال الذي يعانى منه ولا أدرى إن كان متعمد أو سهو من النظام الحالي خاصة بعد أن أصبح المبنى يتيما بعد إلغاء وزارة الإعلام عام ٢٠١٦ في بداية عهد الرئيس السيسي واتجاه الدولة لتبنى وتملك القنوات الفضائية الخاصة وإحلالها بديلا عن ماسبيرو باعتبارها الصوت الإعلامي للدولة المصرية …وهى القنوات التى قامت علي أكتاف كوادر ماسبيرو وأيضا علي أنقاضه ليصبح ماسبيرو هو الأسد العجوز الذي ينتظر رصاصة الرحمة من الدولة ورأس الدولة أو ينتظر قبلة الحياة لتبعث روحه من جديد لتعود لمصر ريادتها الإعلامية التى أهدرت علي يد تجار الإعلانات والبيزنس المشبوه وقيادات كان همها الوحيد مضاعفة أرصدتها في البنوك
لم تكن انتفاضة موظفي ماسبيرو الأخيرة مجرد انتفاضة بسبب تأخر صرف مستحقاتهم المالية فقط والتى يتأخر صرفها عمدا رغم صرف وزارة المالية لموازنة ماسبيرو في موعدها بل ويتم استقطاع جزء كبير منها كضرائب دون وجه حق تصل الي ٢٨٪وهو مالا يحدث في أي جهة حكومية أخري أو حتى غير حكومية وكأن الدولة تعاقب ماسبيرو وموظفيه المتمسكين به وبانقاذه حتى الآن – بل – ويدفع الحاليين ثمن أخطاء من سبقوهم مع سبق الإصرار !!
وبدلا من أن تتعاطي قيادة ماسبيرو مع ما يحدث بشئ من الحكمة يتم الزج ببعض من انتفضوا الي أقسام البوليس واتهامهم بالباطل لمجرد مطالبتهم بحقهم وحق زملائهم في العلاوات المستحقة منذ عام ٢٠١٦ !!
وحق ماسبيرو المنهوب.. فمن المبكى ان يتم سرقة تاريخ وتراث مصر المسجل في مكتبة ماسبيرو وبيعه لنفاجأ بحفل مسجل نادر لأم كلثوم أو فيلم لنجم ما أو مسرحية ما تذاع علي فضائيات عربية بدلا من ان تذاع علي شاشة التليفزيون المصري صاحب الملكية الأصلية !!
ومن المحزن ان نجد ماسبيرو هذا الكيان العظيم وقد أصبحت ستوديوهاته متهالكة ووحدات الإذاعة الخارجية معطلة بل وحتى الكاميرات معطلة ولا تجد من يهتم يصيانتها أو تحديثها ..من المحزن ان نجد المجلة لسان حال ماسبيرو وهى من اعرق المجلات المصرية والتى كانت أكثرها توزيعا تتحول علي يد قيادات مشبوهة الي مجرد مجلة حائط رغم انها مليئة بالكفاءات الصحفية
كم هو محزن ان يتولي قيادة كيان مهم كالهيئة الوطنية للإعلام قيادات اثيرت حولها العديد من علامات الاستفهام وارتباط اسمها بقضايا فساد بل وحتى حوادث تحرش جنسي لتقود كيان يتحكم ويوجه مصير دولة !؟
فهل هناك أهم من الإعلام كى يحدد مصير دولة ؟!
وأرجو ان تكون البداية في القبض مؤخرا علي الأمين العام للمجلس الاعلي للإعلام والصحافة بعد تحريات الرقابة الإدارية واعتقد انها الخطوة التى تأخرت كثيرا وأعتقد أيضا انها تنتظر آخرين قريبا وأتمنى ان تكون تلك بداية لإعادة الأمور لنصابها الصحيح ولبث الروح ثانية في الإعلام المصري عامة ولماسبيرو خاصة علي يد رأس الدولة وألا نرضي بالفضائيات الخاصة فقط بديلا عن ماسبيرو ، وأن تعود لمصر ريادتها الإعلامية بل والفنية حينما يتولي القيادة أهل الكفاءة وليس أهل الثقة والمرضي عنهم أمنيا فقط بعد أن ثبت بتحريات الرقابة الإدارية انهم فاسدون وثبت بالواقع الفعلي انهم معول هدم لكل الكفاءات بل وسبب أساسي في تدهور حال الإعلام المصري
وفي انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.