نجلاء فتح الله تكتب / نون والقلم

جوع الشهرة وشهوة الظهور أصبحا لا يقلا قبحا عن جوع وشهوة السلطة أو المال الآن في عصر السوشال ميديا أصبح الجميع يلهثون وراء تلك الشاشة الصغيرة التى لا تتعدي بوصات قليلة وتسيطر عليهم اكثر من سيطرة الآلهة علي الإغريق منذ آلاف السنين:،أصبحت تلك الشاشة هي المسيطرة ، المهيمنة ، ،المتحكمة أصبحت تفرق المجتمعان وتجمع الشتيتان فقد باعدت بين أفراد البيت الواحد وجمعت كل منهم علي حدي مع أفراد اخرين يبعدون آلاف الأميال والنتيجة خراب كل العلاقات أصبح جوع الشهرة هو الغول المسيطر علي العقول ولايهم ان كانت تلك الشهرة سلبية أو إيجابية كيف ولماذا تشتهر ولكن ما يهم هو الشهرة في حد ذاتها لم اتعجب عندما طلبت منى ابنتى الصغرى ذات العشر سنوات أن أسمح لها بعمل قناة علي اليوتيوب باسمها تسجل عليها فيديوهات ليراها العالم ولكنى توقفت طويلا أمام ذلك ..هل اصاب الهوس الجميع بما فيهم ابنتى وذهبت كل نصائحى معها ومع شقيقها حول كيفية استخدام التكنولوجيا عموما والسوشال ميديا خاصة سدى !!
هل قوة بريق الشهرة وصخب الميديا أقوى من أى نقاش أو نصيحة ؟؟!
: وبعد طول نقاش عن سبب عملها لهذه القناة ومحتواها وماالجديد الذي ستقدمه لتفيد به الآخرين ؟كان جوابها بمنتهى البراءة وبنفس بساطة أسلوب طلبها انها تريد الشهرة و”الفلوس ” وكلما زاد عدد ال followers و زاد عدد المشتركين ” subscribes “ أصبحت هي “ Bolger” معروفة واستحقت أن تحصل علي آلاف الجنيهات من موقع يوتيوب !!
ويعد ان تخطيت مرحلة الدهشة وبعد طول نقاش لتأجيل فكرة القناة لحين الوصول لسن الرشد وإدراك ماهية محتوى ما ستقدمه للآخرين وان كانت تستحق الشهرة والنجاح أم لا انتقلت لمرحلة أخرى من الدهشة والتأمل
ما كل هذا الذي يحدث الآن ما كل هذا الصخب وما كل هذا الجوع للشهرة من كل الأعمار والأجناس وفي العالم العربي بالذات ؟!
كم بلوجر حقيقي يستحق المتابعة ويقدم محتوى يحترم عقلية المتلقي ؟! ما كل تلك الفيديوهات التى تملأفضاء اليوتيوب من أشخاص أقل ما يقال عنها أنها تافهة وما كل تلك المنشورات “posts” التى انتشرت بسخافة لتحصل علي اكبر عدد من التعليقات “comments “ليزيد عدد المتابعين وبالتالي يتم تلقي آلاف الجنيهات من ادارة اليوتيوب والفيس بوك
جوع المال والشهرة اصبح المحرك الأساسي لكل ما يحاصرنا الآن من تدنى علي كل الأصعدة والذي انتشر في العالم العربي كالطاعون ولا تجد من يكافحه … ولعل ما قدمته لهفة أو “دنيا سمير غانم “في مسلسل “بدل الحدوتة تلاتة ” هو تصوير لمرحلة التدنى الفكرى والأخلاقي لما وصلنا اليه في العالم العربي
ورغم أن سياسة اليوتيوب التى انشى عام ٢٠٠٥ والذي يعد ثالث اكثر المواقع شعبية بعد فيسبوك وجوجل تحظر رفع ألأفلام المسيئة أو التى تشهر بأشخاص أو تحث علي العنف أو الإجرام إلا ان الواقع مغاير تماما لانه اصبح اسهل الطرق للانحراف والإجرام والابتزاز والتشهير وكلما زادت أعداد المشاهدة وارتفع التريند اصبح تحصيل الدولارات اسهل وأكبر ولا يهم المحتوى وأصبح هذا المنزلق الذي انزلق له الجميع دون استثناء حتى مواقع الصحف الكبرى ولم تصبح المصداقية والحقيقة هي شعار المرحلة -بل- التريند هو هدف المرحلة الوحيد بغض النظر عن أي شيء
والآن إذا أردت نشر أي شائعة أو التشهير بأي شخص أو إثبات ان عندك عربية ومش مهم بتعرف تسوق أو لا … كل ما عليك الا ان تقوم بتسجيل فيديو وأنت سايق أو وأنت في الحمام حتى، المهم انك تحقق الهدف وكلما زادت “تفاهتك ” زاد عدد المتابعين والمشتركين وارتفع التريند ولتذهب الحقيقة ومعها العقل للجحيم …المهم …انك تكون نمبر وان

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.