نجيب سرور وسنوات الاعتقال في سجون صلاح نصر وسر القصيدة التي قتلته
نجيب سرور وسنوات الاعتقال في سجون صلاح نصر وسر القصيدة التي قتلته
تقرير: رشا لاشين
عبثا أن تكون الدنيا خالية منذ بدء الخليقة من شاعر ولد على أرضها مثل “نجيب سرور“.
شاعر العقل الذي اتهم بالجنون وكأن الدنيا تعانده وتتحدى الصبي المتمرد الذي كبر بداخله.. قضى بسبب تمرده هذا نصف حياته في المصحات العقلية.. كيف لهذه النفس الحساسة والمشاعر الفياضة الخلاقة أن تصدم بالدراجات الكهربائية على عقله الرصين.. كان هذا العقل يزن كافة رؤوس شعراء مصر وكتابها والوطن العربي كله فكتبت عليه العبقرية في التعبير والآداء.
رحلته مع اليسارية
سرور شاعر من رموز النهضة المسرحية العربية في ستينات القرن العشرين.. تفتحت عيناه على دنيا ظالمة يملؤها الجحود والخذلان والقسوة بقرية إخطاب مركز أجا محافظة الدقهلية حيث كان الفلاحون حفاة يملؤون القرية بؤسا وحسرة مضطهدين بسياط رجال الإقطاع الغليظة وهذا ما نمى فيه روح الثائر المتمرد الساخط على الظلم حين رأى أبيه يضرب أمام عينيه من عمدة القرية خادم السلطة والإقطاع.
مرت الأيام ثقيلة في طفولته وشبابه وبالكاد حصل على نصيبه من التعليم في مكان كان يعج بالجهل والفقر..
غامر ونجح وسافر إلى القاهرة ليحصل على دبلوم معهد الفنون المسرحية ورغم ذهابه إلى روسيا لاستكمال دراسة المسرح هناك وانضمامه إلى صفوف اليسار واعتناق أفكارهم إلا أن “سرورا” لم يكن مهملا لبذرة الأرض البكر الطيبة التي غرست في رجولته حينما مرت به السنوات في المعتقل.

سجون صلاح نصر
والذي لاقى فيها كل صنوف العذاب فبدلا من أن تستقبله مصر كروائي وأديب عظيم.. كانت السجون في مصر تفتح أبوابها على مصراعيها ليكون من ضحاياها.. بمنتهى الجنون العاقل والتركيز في كل حرف ومعنى كتب “سرور” قصيدته ” كسميات” المليئة بالعبارات البذيئة بداية من العنوان وحتى نهايتها والتي بدأت بتفاصيل جنسية صريحة وقد هالني ألفاظها عندما قرأتها.
فكيف للشعر والأدب أن يكون بذيئا يحمل بين طياته نفسا يائسة مكسورة مصدومة من زوجة خائنة ووطن مغتصب فصب غضبه وخذلانه صبا بأن وصف كل امرأة بأنها عاهرة بل وأن مصر بلده نفسها هي ذاتها هذه العاهرة ويبدو أن الظلم في حياته قد جاوز المدى فكتب قبل إنقطاع أيامه من الدنيا كلمات تسابق الموت قال فيها..


قد آن يا كيخوت للقلب الجريح أن يستريح.. فاحفر هنا قبرا ونم وانقش على الصخر الأصم: يا نابشا قبري حنانك.. ها هنا قلب ينام لا فرق من عام ينام وألف عام.
هذي العظام حصاد أيامي فرفقا بالعظام.. أنا لست أحسب بين فرسان الزمان لكن قلبي كان دوما قلب فارس المنافق والجبان