نشأة قصور وسرايات ومدارس شبرا ” قصص وحكايات مثيرة “
القصة الكاملة لنشأة حى شبرا العريق أكبر أحياء القاهرة (الحلقة الثانية)
تواصل جريدة أسرار المشاهير نشر القصة الكاملة لنشأة حى شيرا العريق والذى قمنا بنشر الحلقة الآولى منه بالآمس .
وإنتهت بالأمر الذى أصدره محمد علي بغرس أشجار اللبخ والجميز بالتبادل على حافتي الطريق , الذي أنشأه من شبرا إلي قنطرة الليمون بالقاهرة حتى صار طريقا مظلا والمنتزه الجميل لأهل القاهرة , استمر طريق شبرا على جماله البديع إلى أن فتحت قناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل 1869م ..فأخذ جانبا من أشجار اللبخ وأعاد زراعتها في الطريق الذي أعد لمرور ( الإمبراطورة أوجيني ) إمبراطورة فرنسا زوجة نابليون الثالث , وهو الطريق الموصل إلى سراي الجزيرة التي أعدت لإقامتها (الآن قلب فندق ماريوت) وأيضا زراعتها في طريق الأهرام (شارع الأهرام ) تمهيدا لزيارات جلالتها منطقة الأهرام للتخفيف من حرارة الشمس الذي مهده الخديوي إسماعيل.
ويقول على باشا مبارك في كتابه أن في نهاية الطريق – شارع شبرا- بالقرب من شبرا البلد بقية من أشجار الجميز حتى الآن عام 1890م تاريخ تأليف الكتاب , ويضيف أنه (لما كان شجراللبخ يزهر في كل عام زهرته الذكية الرائحة الناعمة الملمس , كان الناس يطلقون على هذه الزهرة “دقن الباشا” نظرا لجمال لحيته…ولم يبق في شارع شبرا إلا أشجار الجميز التي ذهبت هي الأخرى .
وأصدر محمد علي تعليمات واضحة بأن يرش شارع شبرا بالمياه مرتين يوميا.الأولى عند الضحى والثانية عند العصر , بهدف تلطيف درجة الحرارة في الصيف.وتثبيت تراب الشارع شتاء ,لتشجيع الناس على ارتياده للنزهة ..وتم تعيين العمال اللازمين للمحافظة على نظافة الشارع وجماله والاهتمام بأشجاره.
بل وأمر محمد على أولاده وأحفاده ببناء القصور والمساكن على طول الشارع وشجع الأغنياء والأعيان على ذلك … ومنذ ذلك العهد تحولت شبرا إلى منطقة سكن الباشاوات والطبقة الأرستقراطية. وكان الميسورون الذين اتخذوا عربات الدوكار للنزهة .وهي عربة صغيرة يجرها جود واحد .
وبعد وفاة محمد علي باشا 1849م آلت هذه السراي وحدائقها إلى ابنه عبد الحليم باشا. فبنى في الحديقة قصرا آخر , وفي عام 1279 ﻫ يوم 29 شعبان أرسل الخويوي إسماعيل أمرا إلى الكريدى باشا محافظ مصر ( حيث أنه لا يوجد محل في مصر لإقامة صاحب الدولة طوسون باشا ,نجل عمنا المرحوم سعيد باشا والي مصر السابق ) فقد أهديته وأحسنت إليه بقصر النزهة الأميري ، الذي في طريق شبرا .وكذا بالأراضي الموجودة داخل سور القصر المذكور , وهذا هو سر تسمية المنطقة المعروفة في شبرا بمنطقة طوسون.
ثانيا: ـوفي 22 شوال 1279 ﻫ زار السلطان العثماني عبد العزيز مصر بدعوة من الخديوي إسماعيل , وهو أول سلطان عثماني يزور مصر بعد أن فتحها السلطان سليم الأول عام 1517م .وزار السلطان قصر النزهة هذا . ثم غادره إلى قصر شبرا فاستقبله عبد الحليم باشا، أي إن قصر النزهة الذي منحه إسماعيل لابن عمه طوسون غير قصر شبرا الذي بناه جده محمد على باشا.
وقصر النزهة للأسف تحول إلى مدرسة التوفيقية … إلى أن تم هدم القصر.. أما قصر شيكولاني فقد تحول إلى مدرسة الاستقلال.
الأمير عمر طوسون هو الابن الثاني للأمير طوسون بن محمد سعيد بن محمد علي مؤسس مصر الحديثة، ولد في مدينة الإسكندرية يوم الأحد الموافق (5 رجب 1289 هـ= 8 سبتمبر 1872)، ولما بلغ الرابعة من عمره فقد والده، فكفلته وربته جدته لأبيه وأشرفت على تعليمه، وكانت دراسته الأولى في القصر ثم استكملها في سويسرا، وبعد تخرجه تنقل بين عدة بلدان أوروبية مثل: فرنسا وإنجلترا، وشاهد ما هي عليه من حضارة وتقدم، ووقف على ما وصلت إليه من رقي وتطور في مجالات الصناعة والزراعة، وعاد إلى الوطن محملا بزاد كبير من العلم والثقافة وإجادة للإنجليزية والفرنسية والتركية وعزم على إصلاح بلده والتجديد فيها. يعتبر الأمير عمر طوسون ايضا مؤرخ باحث من أمراء أسرة محمد علي باشا السابقين بمصر، وله مؤلفات عديدة عن تاريخ مصر الحديث وأثارها، كما اهتم بتدوين تاريخ الجيش المصري فى عصر محمد علي باشا … فماذا عن قصره القابع فى حى شبرا؟ لقد قمت بالبحث و عثرت على تلك المعلومات التفصيلية القيمة للقصر:
يقع هذا القصر بشارع أرض الأمير عمر طوسون بشبرا ، وتطل واجهته الجنوبية الشرقية على شارع مدرسة شبرا الثانوية بينما تطل واجهته الشمالية الغربية على حي روض الفرج ، ويحيط بالقصر حاليا أربع مدارس هي مدرسة شبرا الثانوية ، ومدرسة قاسم أمين الإعدادية ، ومدرسة حسنى مبارك الثانوية للبنات ، ومدرسة روض الفرج .
وقد ورث الأمير عمر طوسون باشا هذا القصر عن والده وله قصران آخران بمصر غير قصر شبرا يقع الأول بحي الزمالك بالقاهرة بينما يقع الثاني بمدينة الإسكندرية ،لا يعرف على وجه التحديد تاريخ بناء هذا القصر إلا أنه من الممكن تأريخه من خلال طرزه المعمارية والفنية بأنه بني بعد سنة 1303هـ / 1886م .
التخطيط المعماري للقصر:
يتكون المسقط الأفقي للقصر من مساحة كبيرة كان يحيط بها حديقة كبيرة تعتبر حرم القصر كان يتوسطها القصر وقد اقتطعت مساحات كبيرة من حرم القصر لبناء أربع مدارس به إلى جانب مبان حديثة ملاصقة للقصر ، وللقصر أربع واجهات رئيسية ، أما التخطيط المعماري للقصر من الداخل فإنه يتكون من ثلاث طوابق يتكون الطابق الأول من بهو رئيسي وعدة حجرات لاستقبال الزوار ، وحجرة كبيرة كانت تستخدم كمكتبة وحمامات ومطابخ وحجرات للخدم وحجرات ملحقة تستخدم كمخازن – حواصل – للقصر ، هذا إلى جانب حديقة خلفية داخلية صغيرة للقصر ، أما الطابق الثاني فقد تعرض لحريق كبير ويتقدمه بهو رئيسي ويضم حجرات النوم الخاصة بأسرة الأمير أو الحريم وجناح خاص بالأمير وحمامات ملحقة به إلى جانب عدة حجرات أخري ، كما يوجد طابق تحت الأرض يقع أسفل القصر وبه عدة سراديب يقال أن بها عدة مخارج يخرج منها إلى شارع شبرا الرئيسي أو إلى كورنيش النيل حيث كان يوجد يخت كان خاصا بالأمير عمر طوسون كان معدا للهرب به .
تقع بوابة القصر الخارجية بالناحية الجنوبية الشرقية للقصر وتطل على شارع مدرسة شبرا الثانوية المتفرع من شارع طوسون – أرض الأمير عمر طوسون – وتتقدم هذه البوابة القصر بسور خارجي كبير يتوسطه البوابة الخارجية وهذا السور بمثابة الحرم الخارجي للقصر وقد اقتطعت أجزاء كثيرة من هذا السور استغلت الناحية الجنوبية الشرقية منه كإدارات حكومية أما باقي السور فإنها أصبحت ملاصقة لمبان حديثة ،يتوسط سور القصر الخارجي بوابة القصر الخارجية وهي على هيئة عقد نصف دائري يعلوه ميمة كبيرة ويحيط بكتلة المدخل كرنيش حجري بارز.
تؤدي البوابة السابقة الخارجية للقصر إلى مساحة مستطيلة تعتبر حرم القصر الداخلي ، وعلي يمين ويسار البوابة يوجد عدة مداخل تؤدي إلى حجرات كانت تستخدم كغرف إقامة الحراس والبوابين القائمين بحراسة القصر وهذه الحجرات مستغلة حاليا كإدارات حكومية ، تؤدي المساحة السابقة أو حرم القصر الداخلي إلى حديقة القصر وهي حديقة كبيرة جدا اقتطع فى الناحية الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية أجزاء كبيرة منها لإقامة مدرسة فى كل ناحية يفصلها عن القصر سور خارجي ، ويوجد بحديقة القصر السابقة القصر .
أما القصر فإن الواجهة الجنوبية الشرقية تعد أهم واجهته وتتكون من قسمين القسم الأول وهو السفلي ويقع به الطابق الأول للقصر وبه ثلاث مداخل رئيسية أكبرها المدخل الأوسط للقصر وتتشابه الثلاث مداخل فيما بينها فى أنها تبرز عن سمت جدران الواجهة ويحمل المدخل الأوسط أربعة أعمدة حجرية بينما يحمل المدخلين الآخرين عمودين من الحجر ويتوصل إلي كل من المداخل السابقة عن طريق عدة سلالم حجرية، تؤدي السلالم السابقة للثلاث مداخل إلى ثلاث فتحات مستطيلة معقودة بعقد نصف دائري زخرف داخله بالنحاس المشغول على هيئة أوراق نباتية وفروع على طراز الباروك والركوكو ويتوسط كل فتحة مصراعي باب من الخشب ، ويكتنف المدخل الأوسط فتحتي شباك مستطيلتين عقد كل منهما بعقد نصف دائري ويغلق على كل فتحة ضلف شيش خشبي ، وبالإضافة إلى الثلاث مداخل السابقة للقصر فإنه يوجد على يمين المدخل الأوسط مدخل أخر فرعي يتوصل إليه من عن طريق سلالم أخري من الرخام تؤدي هذه السلالم إلى فتحة باب مستطيلة معقودة بعقد نصف دائري ويغلق عليها مصراعي باب من الخشب ،وقد فتح بهذه الواجهة 15 فتحة شباك مستطيلة عقد كل منها بعقد نصف دائري ويغلق عليها ضلفتي باب من الخشب ، ويظهر أسفل الطابق الأول واجهة الطابق الأرضي أو سراديب القصر وتطل على حديقة القصر بتسع فتحات صغيرة مستطيلة عقد كل منها بعقد موتور.
أما واجهة الطابق الثاني للقصر فإنه يعلو كل مدخل من الثلاث مداخل التي بالطابق الأول شرفة خشبية تطل على حديقة القصر أكبرها الشرفة التي تعلو المدخل الأوسط ويقع خلف هذه الشرفة ثلاث دخلات مستطيلة معقودة بعقد نصف دائري من النوع الذي يعرف باسم عقد ذو طيات وهو من العقود التي انتشرت فى القرن التاسع عشر الميلادي ونراه بكثرة فى العمائر التي يرجع تاريخها إلى عصر محمد علي باشا،كما يوجد أيضا أعلي كل مدخل من المدخلين اللذان بالطابق الأول شرفة خشبية تطل حاليا التي على يمين المدخل الأوسط على مدرسة شبرا الثانوية ويقع خلف كل شرفة فتحة مستطيلة معقودة بعقد نصف دائري يغلق عليها ضلف زجاجية كما يوجد على يمين ويسار كل شرفة فتحة شباك مستطيلة معقودة بعقد نصف دائري يغلق عليها شيش خشبي.
أما واجهة القصر الشمالية الغربية فإنها تطل على حديقة القصر الخلفية التي تطل بدورها على شارع الجسر بحي روض الفرج وتتشابه هذه الواجهة مع الواجهة الجنوبية الشرقية فى أن بها ثلاثة مداخل أكبرهم المدخل الأوسط وهو مدخل تذكاري يبرز عن سمت الواجهة ويصعد إليه من خلال سلالم رخامية فقد معظمها حاليا ، والمدخل يتقدمه ثلاث فتحات مستطيلة عقد كل منها بعقد نصف دائري محمول على أربع دعامات حجرية أما سقف المدخل فإنه محمول على أربعة عقود نصف دائرية ، يؤدي المدخل السابق إلى ثلاث فتحات مستطيلة معقودة بعقود نصف دائرية وكانت كل فتحة من هذه الفتحات تؤدي إلى البهو الرئيسي بالطابق الأول إلا أن الفتحتين الجانبيتين سدتا حاليا ، أما المدخلين الآخرين فإن الأول يقع فى الطرف الشمالي للواجهة وكان يتقدمه سلالم رخامية فقدت حاليا وهو ملاصق لمدرسة شبرا الثانوية ، أما المدخل الثاني فيقع بالطرف الغربي للواجهة ويتوصل إليه عن طريق عدة سلالم وكلا المدخلين يبرزان عن سمت الواجهة.
ويعلو كل من المدخلين شرفة خشبية يفتح عليها فتحة مستطيلة معقودة بعقد نصف دائري يغلق عليها ضلف زجاجية ، هذا وقد فتح بواجهة الطابق الأول للواجهة الشمالية الغربية 16 فتحة شباك مستطيلة يغلق على كل فتحة منها شيش خشبي ، أما واجهة الطابق الثاني فيفتح بها أربع فتحات مستطيلة تفتح اثنتان منهما على شرفة خشبية محمولة على ستة كوابيل حجرية بينما تفتح اثنتان على شرفات المداخل الجانبية .
أما الواجهة الجنوبية للقصر فتطل على الحديقة التي تتقدم القصر حيث يوجد بها مبان مهدمة حاليا كانت على الأرجح مخصصة للحراس الذين كانوا يقيمون بالقصر كما يوجد بها سور ملاصق لمبان حديثة ،وتنقسم هذه الواجهة إلى قسمين القسم الأول ويمثل الطابق الموجود تحت الأرض ويري به فتحات مستطيلة عقدت كل منها بعقد موتور وكانت هذه الفتحات مخصصة للإنارة ولتهوية الطابق الأرضي كما يوجد بهذا القسم فتحة باب صغيرة معقودة بعقد نصف دائري تؤدي إلى الطابق الأرضي للقصر أو سراديب القصر ، كما يوجد بهذا القسم سلالم جانبية صاعدة تؤدي إلى الطابق الأول حيث تؤدي هذه السلالم إلى فتحة باب مستطيلة يغلق عليها مصراع باب خشبي حيث كان يؤدي هذا الباب إلى مطابخ وحمامات القصر – مسدودة حاليا – ،أما الواجهة الشمالية الشرقية للقصر فإنها حاليا ملاصقة لسور حديث يفصلها عن باقي واجهات القصر وهو سور مدرسة شبرا الثانوية .
تابعونا فى الحلقة الثالثة