نظرة وراء الإسراء والمعراج بقلم: د. رحاب أبو العزم

نظرة وراء الإسراء والمعراج 

تاريخ الإسراء والمعراج

   اختلف كثير من كتاب السيرة النبوية الشريفة في تحديد تاريخ وموعد الإسراء والمعراج، وأرى أن تحديد التاريخ ليس بذات أهمية تحديد وقفة عرفات -على سبيل المثال- فما يهمنا في يوم الإسراء والمعراج أنه كان موعد منحة ربانية لسيد الخلق تهدئة لأحزانه، وشفاء لجراحه وآلامه؛ فليس من الأهمية الدخول في جدال عقيم حول تاريخه أو كيفيته؛ لا يهمنا في أي شهر ولا في أي يوم، ولا يهمنا هل تم بالروح فقط أم بالجسد والروح معًا؛ بل المهم تلك الدروس العظيمة المستفادة، وذلك الفارق التاريخيّ، والمنعطف الحضاريّ، والدلالات الدينية التي نتجت عن هذه الليلة العظيمة. 

نظرة وراء الإسراء والمعراج 

هي المنحة الربانية من الله تعالى، وهي الرحلة المعجزة من بيت الله الحرام إلى المسجد الأقصى؛ وهذا هو الإسراء، وأما المعراج فهو ذاك الارتفاع الإعجازيّ عبر طبقات السماء إلى الوصول لمكانة لم ولن يحظ بها بشر قط.

دروس وعِبَر

   لقد أُسري برسول الله ﷺ، وأُعرِج به في أعجب الرحلات وأغربها إعجازًا ودروسًا؛ وهذا حينما بلغ من الحزن أشده؛ لقد فقد الزوجة المعين، والعم السند العظيم، وصده أهل الطائف صدود العدو الغادر الحاقد حتى وأنه قد بات عاجزًا عن دخول وطنه وأرضه إلا بعد إجارة “المطعم” له. وكان الأمر على قدر ألمه وجراحه العميقة كان على قدر عظيم الهدية السماوية والمنحة الربانية، -ولله المثل الأعلى- فنتعلم أنه على قدر المصاب الجلل لعزيز لدينا يكون على قدر عظيم المسئولية تجاهه كي نساهم في تبديل حزنه فرحًا وبهجة. وعلى قدر هول المواقف يكون رد الفعل الحكيم الذي يجمع بين القوة واللين، وبين الحكمة والعاطفة. وعلى قدر غرابة الأحداث وعجيبها يكون التأمل في حكمة الله تعالى لإجرائها. لقد أُسري برسول الله ليرى طرفًا بسيطًا من آيات الله الكبرى في سمائه مما كان له الأثر العظيم في توهين مكر أعداء الإسلام، وتحجيم قوتهم الزائفة؛ حيث رأى نهريّ النيل والفرات في الجنة ليتأكد للرسالة المحمدية أنها ستسيح بين ربوع العالم البشري، وأن شعوب النهرين سيحملون رايات العلم والثقافة العقائدية والشرعية؛ إنهما يمثلان مصر والشام والعراق ليعلم القاصي والداني قيمة وشأن هذه الحضارات. 

لقد استوقفني ذلك الإناء الذي امتلأ لبنًا وإناء الخمر حينما قدمهما جبريل عليه السلام لنبي الأمة ﷺ فاختار إناء اللبن ليعلنها له الملَك جبريل: (الحَمْدُ لِلَّهِ الذي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، ولو أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ) نعم؛ إنها فطرة أمتك يا محمد واندهشتُ وتساءلتُ: أين تاهت فطرة الأمة المحمدية؟

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.