” نقطة زيت “

كتبت منى شاكر 
و لما أشرقت الأرض بنور ربها.. أيقظتها خيوط ضوء الشمس المتسللة من النافذة لتخبرها أنه اليوم المنتظر.. انها اللحظة التي اشتاقت لقدومها منذ ما يقرب من ست سنوات.. انه اليوم الدراسي الأول لإبنتها في المدرسة الابتدائية..

نفضت الغطاء و قامت بكل نشاط و كأنها هي الطفلة التي تستعد للإحتفال بهذا العيد.. نعم.. فهي تعتبره بمثابة يوم يليق به الاحتفال و الاستعداد و الحفاوة كالعيد تماما ..

اتجهت إلى المطبخ لتعطي لإبنتها القبلة مع كوب الحليب.. و النصائح مع الإفطار..

و لأنها تعلم أن ابنتها تحب القصص مثلما تحب شطائر الجبن بزيت الزيتون.. قررت حينها أن تكون نقطة الزيت هي بطلة حكايه الصباح..

سكبت الأم نقطة زيت على كوب الماء الصغير.. و أخذت نقطة أخرى في راحتيها.. دلكت بها يد صغيرتها و أخذت تقول لها بحنان..

“صغيرتي الجميلة..
أرأيت كيف تكون نقطة الزيت عندما تكون مع الماء و لكنها لا تختلط به.. أريدك أن تكوني كذلك إذا واجهت يوما من البشر من يختلف عنك و لا يتلائم مع تربيتك او أخلاقك.. ترفعي بنفسك عنهم بسلاسه دونما تكبر أو غرور.. بل إعتزي بنفسك كنقطة زيت الزيتون التي جاءت من الشجرة المباركة..

و لأن “زيتها يضئ و لو لم تمسسه نار” كوني وضاءة بلا اشتعال أينما ذهبت.. ليكن لحضورك بصمة في النفوس.. و لكلامك أثر في العقول.. و لطلتك ذاكرة لا تنسى..

ليكن لك أثر.. كما أثرت تلك النقطة الصغيرة في يدي.. فرغم صغر حجمها.. الا انها لا تزال ترطب راحتي بوجودها فيه..

و الآن يا قرة عيني.. هل أنت مستعدة ليومك المهم؟”

ابتسمت الصغيرة و قالت..
” نعم يا أمي لقد فهمت نصائحك الجميلة .. و لكن سيكون عليكي أن ترافقني إلى المدرسة.. لأنه بسبب نقطة الزيت تلك.. لقد مرت الحافلة.. و لم أشأ أن أقاطعك حينها.. لإستمتاعي بحديثك”

ابتسمت الأم و قالت:
” إذن.. هيا بنا يا زيتوني الشقية”

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.