هرمون الحب وعلاقته بالنشوة والسعادة أثناء العلاقة الحميمة
هرمون الحب وعلاقته بالنشوة والسعادة أثناء العلاقة الحميمة
بقلم: د. رحاب أبو العزم
*ماهية الحب*
طالبني البعض بالكتابة عن الحب وماهيته بجانب المقالات الدينية والأدبية، وفكرتُ كثيرًا، ووجدتُ أنه من الأهمية بيان كيفية ولادة مشاعر الحب في قلوبنا خاصة تجاه شريك الحياة، وأخصص مقالي للحديث عن ذاك الشعور الغريب الذي يفيض به القلب ويترجمه عقد النكاح. الحب في معناه العلمي الطبي هو هرمون يعرف باسم “الأُكسيتوسين”؛ وهو الهرمون المختص بالعديد من المشاعر والحالات التي يمر بها الجسم، ويؤثر بقوة على تكوين مشاعر الأمومة والأبوة، بالإضافة إلى تعزيزه للحياة الجنسية والثقة بالنفس. يتم إنتاج هرمون الأُكسيتوسين في منطقة صغيرة جدًا في الدماغ تعرف باسم “ما تحت المِهاد”، ثم ينتقل من مكان الإنتاج إلى الغدة النخامية التي بدورها تفرزه إلى الجسم ليزداد وقت المداعبة بين الزوجين، ووقت الولادة فيساعد على انقباض الرحم، ووقت الرضاعة لتحفيز هرمون اللبن. يمر المحب بعالم من التغيرات الداخلية عند مروره بطيف الحب، وقد يتميز عالم التغيرات بالعمق والجمال العجيبين، حيث يرفع الحب مستوى السعادة الداخلية للمحب وكأنه يحلق في السماء من شدة فرحته عند لقاء محبوبه، بالإضافة إلى إحساسه الغريب المفرح بنبضات قلبه تزداد عند لقاء معشوقه، وذلك -علميًا- تحت تأثير الهرمونات العصبية الناقلة -السابق ذكرها- التي تزيده رغبة في الارتباط بمن يحب للوصول سويًا إلى لذة الحب والاستمتاع معًا بالسعادة والاستقرار العاطفي.
*فوائد هرمون الحب*
وفي أثناء بداية شعور انجذاب الشخص لشخص آخر تزداد مستويات هرمون الأُكسيتوسين مع هرمون الدوبامين والسيروتونين [هرمونات السعادة] وهي بداية الشعور الحقيقي والمفاجئ بالسعادة؛ لذا فإن من أهم فوائد هرمون الحب هو اندفاع القلب تجاه شعور السعادة. إن هرمون الحب من أهم عوامل الاسترخاء النفسي والتوافق الروحي بين الزوجين، ويعمل على تقليل التوتر في الحياة الزوجية، ومعين على النوم بهدوء بجانب الحبيب الزوج شريك الحياة، ومن خلال هرمون الحب تتم عملية الجِماع بأسلوب متناغم وبكيفية مريحة تجلب النشوة والطمأنينة، فالأزواج التي تربطهم علاقة حب قوية يكونون أقل عرضة للإكتئاب والإحباط من الذين يعيشون سويًا كالأغراب عاطفيًا وبدنيًا. ومن خلال هذا المعنى جدير بنا أن نتذكر الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم ذاكرًا امرأة أراد خطبتها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “اذهب فانظر إليها فإنه أجدرُ أن يؤدمَ بينكما”، ومعنى يؤدم بينكما: ما يؤلف بين قلبيّ الزوجين، وتدوم المحبة بينهما؛ فعند الزواج لا ينبغي للرجل أن يتزوج ولا المرأة أن تتزوج حتى ينظر كل منهما إلى الآخر، ويرضى منظره وهيئته؛ لأن هذا متطلب أساسي في توافق القلبين وراحتهما الروحية والنفسية لتستقيم الحياة الزوجية بينهما فيما بعد، ومثل هذا النظر والراحة قبل الموافقة على النكاح هي الحب والألفة بين الزوجين التي لا يد للبشر فيها، بل إن الحب شعور جارف تجاه المحبوب يقذفه الله تعالى في القلب لا سلطان للبشر عليه. إنما أمرتنا الشريعة الغراء بإحكام مشاعر الحب بقدر من التفكير والاستشارة والاستخارة.
*ولنا لقاء قادم عن أسباب ومراحل الوقوع في الحب فانتظرونا…*