هـدايـا النـبـي ﷺ من رب السماءكتبت/ســـوسن محمـــود

 هـدايـا النـبـي ﷺ بيْنَما جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِن فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقالَ: هذا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليومَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَنَزَلَ منه مَلَكٌ، فَقالَ: هذا مَلَكٌ نَزَلَ إلى الأرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَسَلَّمَ، وَقالَ: أَبْشِرْ بنُورَيْنِ أُوتِيتَهُما لَمْ يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بحَرْفٍ منهما إلَّا أُعْطِيتَهُ.

هـدايـا النـبـي ﷺ من رب السماء

الراوي : عبدالله بن عباس المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

شرح الحديث ومفردات الكلمات

ما أَعظَم هذا الدِّينَ الإسلاميَّ! وما أَعظَمَ ما فيه من البُشرياتِ الكثيرةِ التي أعطاها اللهُ لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم وأمَّتِه؛ فإنِّه سبحانه أَنزَل عليه الذِّكرَ مِن القُرآنِ، وجَعَل ثوابَ قِراءتِه عظيمًا، فبكلِّ حرفٍ حسنةٌ، والحَسناتُ تُضاعَف، وخَصَّ سبحانه بعضَ السُّور والآياتِ بفضل زائدٍ لِمَن قرَأَها؛ حضًّا على قِراءتها، وترغيبًا فيها.

هـدايـا النـبـي ﷺسُورةَ الفاتحة وخواتيمَ سُورة البقرة

هذا الحديثُ يَذكُر مِنْحةً رَبَّانيَّةً لِمَن قرَأَ سُورةَ الفاتحة وخواتيمَ سُورة البقرة؛ فقوله: “بينما جِبريلُ قاعِدٌ عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم سمِع نَقيضًا من فوقِه فرَفَع رأسَه”، والنَّقيضُ: الصَّوتُ الصَّادرُ من حركةِ شيءٍ، فقال جبريلُ: “هذا بابٌ من السَّماءِ فُتِح اليوم، لم يُفتَح قطُّ إلَّا اليومَ، فنَزَل منه مَلَكٌ، فقال: هذا مَلَكٌ نزَل إلى الأرضِ، لم يَنزِلْ قطُّ إلَّا اليوم”، وهذا كلُّه تمهيدٌ لأمرٍ عظيمٍ؛ لأنَّ فَتْحَ بابٍ من أبواب السَّماء لأوَّل مَرَّة، ونزولَ مَلَكٍ غير جبريلَ لأوَّل مرَّة إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، يَدُلُّ على عِظَم الأمرِ المبعوثِ به، فلمَّا نزَلَ المَلَكُ سَلَّم، وقال للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: “أَبْشِر بنُورَين أُوتيتَهُما لم يُؤتَهُما نبيٌّ قَبْلك: فاتحةُ الكتاب، وخواتيمُ سُورة البقرة، لن تَقرأ بحَرفٍ منهما إلَّا أُعْطيتَه”، وهذا من عظيمِ فَضْل الله على نبيِّه وعلى أُمَّتِه، وقد سَمَّاهما نُورَين؛ لأنَّ قِراءةَ كلِّ آيةٍ منهما تَجعَل لقارئِها نورًا، يَسعَى أمامَه، ويُرشِده ويَهديه إلى الطَّريقِ القَويم والمنهجِ المستقيم؛ لِما يَحويانِه من المعاني الجَليلة، والتي فيها الاعترافُ بالرِّبوبيَّة وما فيها من اللُّجوءِ التَّامِّ إلى اللهِ بالدُّعاءِ العظيمِ بألفاظِهما.

هـدايـا النـبـي ﷺ مَكانةِ سُورةِ الفاتِحة وخَواتيمِ سُورةِ البقرة

في الحديث: بيانُ عِظَمة مَكانةِ سُورةِ الفاتِحة وخَواتيمِ سُورةِ البقرة، والحثُّ على قراءتِهما.

وفيه: بيانُ أنَّ مِن الملائكةِ رُسلًا إلى الأنبياءِ غيرَ جبريلَ.

هـدايـا النـبـي ﷺ  مفردات ومعاني

◆ قوله ( نقيضا ) ، أي صوتا شديدا كصوت نقض خشب البناء عند كسره ، وقيل : صوتا مثل صوت الباب .

◆ ( من فوقه ) ، أي مع جهة السماء أو من قبل رأسه.

◆ ( فرفع رأسه فقال) أي جبريل ، الضمائر عائدة لجبريل وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم.

◆ ( هذا باب) أي هذا الصوت ، صوت باب.

◆ ( من السماء ) أي من سماء الدنيا.

◆ ( فتح اليوم ) أي الآن .

◆ ( لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك ) هذا من قول الراوي في حكايته لحال سمعه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو بلغه منه .

◆ ( فقال ) أي جبريل أو النبي – صلى الله عليه وسلم – .

◆ ( هذا ) أي النازل.

◆ ( ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم ) أي الملك.

 ◆ ( بنورين ) سماهما نورين لأن كل واحدة منهما نور يسعى بين يدي صاحبهما أو لأنهما يرشدان إلى الصراط المستقيم بالتأمل فيه والتفكر في معانيه ، أي بما في آيتين منورتين.

◆ ( أوتيتهما لم يؤتهما ) بصيغة المجهول ، أي يعطهما .

◆ ( فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة ) والمراد ” آمن الرسول ” كذا قيل وتبعه ابن حجر ، والأظهر بصيغة الجمع أن يكون من قوله ” لله ما في السماوات وما في الأرض ” ثم رأيت ابن حجر قال : فما لم تنزل على أحد من الأنبياء آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة ، وأول تلك الخواتيم آمن الرسول وروي عن كعب أولها ” لله ما في السماوات ” .

◆ ( لن تقرأ ) الخطاب له – عليه الصلاة والسلام – والمراد هو وأمته إذ الأصل مشاركتهم له في كل ما أنزل عليه إلا ما اختص به.

◆ ( بحرف منهما ) أي بكل حرف من الفاتحة والخواتيم .

◆ ( إلا أعطيته ) حال والمستثنى منه مقدر ، أي مستعينا بهما على قضاء ما يسخ من الحوائج إلا أعطيته ، أي أعطيت ما اشتملت عليه تلك الجملة من المسألة كقوله ” اهدنا الصراط المستقيم ” كقوله ” غفرانك ربنا ” ونظائر ذلك في غير المسألة فيما هو حمد وثناء أعطيت ثوابه .

هـدايـا النـبـي ﷺ وكل يوم حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.