هكذا وضعنا كتب نيتشه تحت اقدام الراقصة فيفي عبده “1 “

هكذا وضعنا كتب نيتشه تحت اقدام الراقصة فيفي عبده “1 ”

 

 

فيفي عبده ..مع عظيم الاحترام

كنت اتباهي بانني اعرف خليفة الفيلسوف الالماني هايدجر والوجودي سارتر ، وهو الفيلسوف العربي الشهير عبد الرحمن بدوي .. ولايوجد اي طالب فلسفة في العالم لايعرف الفيلسوف عبد الرحمن بدوي ، انه واحد من ابرز اساطين الفلسفة في العصر الحديث ..

 

 

بقلم الكاتب الكبير : طه امين

 

لخص كل تاريخ الفلسفة في كبسولة منذ العصر اليوناني القديم – ماقبل الميلاد – وحتي العصر الحديث .. الفيلسوف بدوي ابن عمده .. ابن عز وأكل الوز .. ابن إقطاعي من قري دمياط ..

ذكر لي تاريخه في حوار صحفي وكيف ترك مصر والجامعة ساخطا بسبب عصر عبد الناصر وتداعيات تأميم ممتلكاتهم وسافر الي الكويت غاضبا من كل شيئ ليُدرس الفلسفة ومعه عمالقة الفكر التنويري في مطلع الثمانينات مثل الدكتور زكي نجيب محمود والدكتور فؤاد زكريا.. ومن الطريف انني نقلت علي لسان هذا الفيلسوف الاقطاعي قوله انني افضل الفلسفة مع الفقر ، علي الثراء مع الجهل !

المهم ان هؤلاء الفلاسفة الثلاثة جعلوا الكويت مركز إشعاع فكري وانا كنت كصحفي مستفيد من هذه الاجواء واحلق في حدائقهم مثل النحلة واصحف اطروحاتهم او اصحف صالوناتهم الرائعة !!

اقرأ أيضا الطفل الموهوب كنز يجب علينا رعايته والحفاظ عليه بهذه الطريقة بقلم محمد أكسم

وكان د عبد الرحمن بدوي يهشم ادمغتنا كل اسبوع ويصدمنا بآرائه ، ويصدر أحكاما لا رجعة فيها .. فقد كان عبد الرحمن بدوي عندما يتكلم هو الفم الوحيد وكنا آذانه جميعا ولم نكن هكذا موتي وانما كنا احياء ندخر هذا الكنز الفكري في اعمق اعماقنا ثم نروح ننشره والزملاء في صحفنا : القبس والرأي العام والوطن والأنباء والسياسة !

ومن آرائه او احكامه انه من المحال وجود فلاسفة في العالم الاسلامي المعاصر ، ويعلل ذلك فلسفيا بان العالم الاسلامي يستند الي الإجماع بينما الفلسفة تحب التفرد وعدم الخضوع للإجماع .. ولم افهم ذلك بعمق وانا شاب الا عندما نضج عقلي بعض الشيئ

 

وقرأت كثيرا لاكتشف ان كلام الدكتور عبد الرحمن بدوي الذي نشرته في مجلة النهضة وجريدة الرأي العام ليس من عندياته وانما كلامه هو اعادة انتاج لرأي

الفيلسوف هيجل ورأيه في “دولة الاسلام المستحيلة”..وادركت بعد ذلك ان الفيلسوف بدوي مثل الموسيقار عبد الوهاب ومشاكله مع اعمال العظماء ،وان بدوي يبني افكاره من آخرين وانه تبني نظرية الدولة الاسلامية المستحيلة من الفيلسوف الالماني هيجل

والذي عاب الورد بانه احمر الخدين ، وقال وكأنه امر بشع او كلمة حق يراد بها باطل ان الاسلام بسوي بين الناس وان ذلك لا يبني مجتمعا والسبب الاخر ان هيجل يري ان معيار الاسلام في التمييز بين الناس هو معيار واحد وهو التقوي ! ..

 

 

بصراحة ضحكت من نظرية هيجل المختلة رغم انه فيلسوف كبير وزعلت في نفس الوقت من الدكتور عبد الرحمن بدوي لانه صدمني
وقلت لماذا لاينسب الدكتور عبد الرحمن بدوي مثل هذا الرأي الفاشل للفيلسوف هيجل ..

وهذا يعني ان الاثنين جانبهما الصواب ، فالتشكيلة المجتمعية في القرآن العظيم تنص علي الدرجات او الطبقات كي يتفاعل المجتمع مع بعضه البعض ، فالقران ينص في محكم اياته :

” وخلقنا بعضكم فوق بعض درجات “

 

اما كلام هيجل او عبد الرحمن بدوي المبني علي التقوي فهو يخالف معيار الرب الذي يتعلق بحساب الاخرة !! وهذا يعني ان الفيلسوف هيجل بني نظريته علي اساس خاطئ وكأنه يصف الله العدل في كل الاديان بانه عنصري لانه يميزهم بالتقرب !!

 

والواقع ان الفلسفة لانهزم دين بل عندما يري الفلاسفة اهل الدين يسلكون طريقا آخر ، وان كنت اظن ان العبثية هي التي تهزم قيم الدين حتي يتفتت لمجموعه مذاهب
ولاشك ان فلاسفة اليهود نجحوا في ذلك وايضا سلوك بعض رجال الدين شوهوا معادلة الدين ..

وكيف ان الامة الاسلامية عانت كثيرا من هيمنة التيار الدينيي التكفيري ” الوهابي ” المتشدد في الجزيرة العربية وفي وقت كانت الكويت تتمتع بحرية وجودية لافته .. وازعم ان الاعتبارات السياسية لعبت دورا في ذلك ..

 

وهي نتيجة تفاهمات بين سلطات الامن في الكويت وجماعات التكفير ” يانحلة لاتقرصيني ولا عايز عسل منك ” فكانت جماعات التكفير تجمع التبرعات من الداخل لصالح مايجري في افغانستان ومناطق اخري ، وسلطات الامن تعمل نفسها من بنها في الكويت .. لهذا كانت شعلة التنوير والفكر والثقافة وحرية الرأي لها تكلفة باهظة .. سمحت بوجود فلاسفة علمانيين من الأوزان الثقيلة داخليا .. بينما خارجيا كان التكفير الذي له جذور يأخذ ابعادا خطرة ! ..

 

 

وكنت اري الدكتور بدوي بستشهد بما جري قديما ماحدث في مصر عام 1913 عندما كفروا منصور باشا فهمي وفصلوه من الجامعة وهو يناقش رسالة دكتوراه في السوربون عن المرأة في حياة الاسلام ، كفروه وطردوه من الجامعة واعتزل الرجل الحياة لعدة سنوات ، ولم يحظي بالتقدير اللازم ..

وهكذا في عام 1923 جردوا الشيخ علي عبد الرازق من ألقابه ثم د طه حسين ود فوده ونجيب محفوظ !! .. وفي شبابي لم يكن لي مذهبا فكريا اقتدي به ، ولا ادخن غليونا ينبعث منه افكارا ودوائر دخانية فقد كنت أعبث طائشا وازعم انني مؤمن ” بالماليشيدية ” وهو مذهب فلسفي منبعج اقرب للعبثية الكاريكاتيرية الساخرة

 

كتبت عنه في مطلع الثمانينات ومعناه ” ماليش دعوه باي حاجة

” .. دع الكون لخالق الكون ..

 

وكان الفيلسوف عبد الرحمن بدوي يضحك من نظرية الماليشيدية وينصحني ان ادرس الفلسفة الوجودية طالما احب التأمل حتي يكون لي مسار ..وعملت بنصيحته

 

واكتشفت ان الفيلسوف هيجل هو فيلسوف فحل قبل ان اقرأ عن تلميذه نيتشه الذي كنت اعتقد انه اساس المعرفة وتذكرت صديق الدراسة الجامعية الدكتور يسري ابو ودن وهو احد الشخوص في روايتي بنت الدولتلي ولكنه في الرواية ليس ابو ودن وانما ” ابو العنين” وربما جعلته ابو العنين لاري بهما كما اريد في الفلسفة ..

اقرأ أيضا نجيب محفوظ رواية لا تغيب .. الخميس القادم بملتقى الهناجر 

وفي الرواية اخذت يسري ابو ودن للراقصة فيفي عبده ، فقد كان الدكتور يسري ابو ودن وهو معيد يزين بيته بصورة الفيلسوف نيتشه واتخذه اماما عقليا .. وبصراحة كنت ” متغاظ منه” فجعلته في الرواية يلقي بكتبه تحت اقدام الراقصة فيفي عبده ..

فيفي عبده
فيفي عبده

واظن ان الدكتور يسري لم يتحكم في عقله .. او راوح مكانه واصابته لوثة عبثية او عدمية نيتشه .. نعم ..كان نيتشه هو لوثة عقل وداء فلسفي .. انه مرض معظم الفلاسفة منذ الفيلسوف برنيموس حتي صديقي د حسن حماد الذي
يجزم ان نيتشة ليس عدميا .. وربما اصدقه رغم انه اعلن موت الله في روايته العالم المرح .. وهو ايضا
لايوجد قيم ثابته ولا حقيقة ايضا .. أو هو من هذا النوع الذي يقول ان الانسان يستطيع ان يتحدي السماء .. او يقف في وجه السماء ويرفض هذا ويقبل ذاك !!

اقرأ أيضا أحفادي ” بين ارسطو وكانط .. يا إلهي كم انت عظيم وستجبر بخاطري

واظن انني اخذت حذري من قبل او كما ينبغي عندما درست فلسفة نيتشه ، وكنت اصلي دون مبالغة وانا أدرسة في مطلع التسعينيات وكان الفيلسوف فؤاد زكريا قد غادر الكويت وتوفي .. كنت مرعوبا من سحر فلسفة نيتشة الذي هوس اوروبا كلها بافكاره

 

فقد كنت أعي تحذيرات الاصدقاء بانك ينبغي ان تحصن عقلك مسبقا عندما تدرس عبقريات نيتشة في العبثية .. ستشعر انه اما هو مجنون ام نحن جميعا مجانين وهو العاقل ..اذ يكفي انه الفيلسوف الوحيد تقريبا الذي تجرأ علي الذات اللاهية ووضع الله” عز وجل في تفكيره ” .. وضعه ” استغفر الله العظيم ” في دائرة مغلقة وحكم عليه بالموت قبل ان يسلم نفسه لسرايا المجانين !!
غدا نستكمل الحوار .

.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.