هل «السوشيال ميديا» حرة؟ بقلم ياسر عبد العزيز

يوم الخميس الماضى، ألقت سلطات الأمن المصرية القبض على شابة لبنانية تدعى منى المذبوح، بعد بثها فيديو اُعتبر مسيئاً لمصر والمصريين على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، وتم توجيه عدد من التهم إليها، وهى تهم يمكن أن تفضى إلى سجنها، وفقاً للقوانين النافذة.

لقد شاهدت الفيديو، كما شاهده ملايين من مستخدمى وسائط التواصل الاجتماعى، ويبدو بالفعل أن الشابة اللبنانية تورطت بقول عبارات توقعها تحت طائلة القانون، مع الأخذ فى الاعتبار أنها بثت فيديو آخر فى وقت لاحق، يمكن أن نفهم منه أنها تعتذر وتتراجع عما سبق أن قالته فى حق الدولة المصرية وشرائح من المصريين.

تفتح هذه الواقعة الباب مجدداً لبحث مسألة التواصل عبر وسائط التواصل الاجتماعى، وهو بحث يمكن أن يفضى إلى استخلاصات واضحة، رغم أن كثيرين من مستخدمى هذه الوقائع الرائجة لم يدركوا بعد طبيعة الفضاء الذين ينشطون فيه.

فى العام 2010، حاول أحد المواطنين البريطانيين ويدعى بول تشامبرز أن يمازح متابعيه البالغ عددهم 650 شخصاً على موقع «تويتر»؛ فغرد قائلاً: «سأنسف مطار روبن هود!!». لكن السلطات البريطانية أخذت مزحته على محمل الجد، فأدانته بشكل أولى بتهمة «استخدام نظام الاتصالات العامة فى التهديد»، وفقاً لقانون الاتصالات للعام 2003.

وفى شهر يناير الماضى، اضطرت الفرنسية أمينة خان، التى باتت صاحبة أول وجه إعلانى لفتاة محجبة لدى شركة «لوريال» العالمية لمستحضرات التجميل، إلى الانسحاب من حملة إعلانية ضخمة تنفذها الشركة، بسبب بعض التغريدات التى بثتها على موقع «تويتر» فى العام 2014، وهى تغريدات فُهم منها أنها «تعادى السامية».

وفى مصر، لدينا عدد كبير من الحالات التى أًدين خلالها مدونون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعى بسبب تغريدات اُعتبرت محرضة على الإرهاب، أو مسيئة لأشخاص وأطراف، أو مزدرية للأديان.

يقودنا هذا إلى عدد من الاستخلاصات المهمة؛ أولها أن السيادة الوطنية على المجال الاتصالى للدولة باتت ممتدة وشاملة فيما يتعلق بوسائط التواصل الاجتماعى، مثلها تماماً مثل الإعلام التقليدى.

وأن التغريدات التى يتم بثها عبر تلك الوسائط يجب أن تراعى عدم التورط فى الأخطاء الكبرى من عينة التحريض على العنف، وإثارة الكراهية والتمييز، والطعن فى الأعراض، ونقل الأخبار المضللة.

لم تعد وسائط التواصل الاجتماعى فضاء «حراً» كما اعتقد البعض، بل هى ديوان الإعلام الجديد، الذى تحكمه الحدود، وتسرى عليه القوانين التى سبق أن حكمت الإعلام التقليدى.نقلا عن المصرى اليوم

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.