الكسل أم الغرور: أيهما كان السبب في تراجع أسطورة هنيدي و استنفاد رصيده الفني؟

أزمة التكرار: هل أصبحت عاملا مؤثرا في أزمة الكوميديا المصرية؟

كتبت هذه السطور لا بدافع الهجوم أو التقليل من قيمة فنية بحجم محمد هنيدي، بل انطلاقًا من غيرة فنية على موهبة لطالما كانت رمزًا للتجديد في الكوميديا المصرية، لكنها اليوم تعاني من دوامة التكرار والإخفاقات المتتالية.

كتبت: ريهام طارق 

النقد هنا لا يهدف إلى استعراض السلبيات بقدر ما يسعى إلى تسليط الضوء على أزمة حقيقية يواجهها نجم كان يومًا أحد أبرز رواد ثورة الكوميديا الحديثة في أواخر التسعينيات، وعندما نعود بالذاكرة إلى تلك الحقبة نجد أن محمد هنيدي لم يكن مجرد ممثل كوميدي، بل أيقونة للتغيير في المشهد السينمائي بفضل أعمال سينمائية ناجحة قدمها مثل “إسماعيلية رايح جاي، همام في أمستردام”، استطاع فيها أن يخلق معادلة جديدة جذبت جيلًا كاملًا بأسلوبه الجديد العفوي والبسيط، متجاوزًا القوالب التقليدية التي حكمت نجوم الكوميديا لعقود.

اقرأ أيضاً: هيفاء وهبي .. كواليس واسباب منعها من الغناء في مصر

ما هو السبب الحقيقي وراء تراجع هنيدي وتآكل رصيده الفني حتى حافة الإفلاس الإبداعي؟  

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: كيف تحوّل هذا النجم، الذي كان يومًا عنوانًا للابتكار، إلى فنان أسير لأسلوب متكرر يفتقد للتجديد؟ وهل الكسل أم الغرور هو السبب الحقيقي وراء تراجع نجم حقيقي وتآكل رصيده الفني حتى حافة الإفلاس الإبداعي؟  

وقع هنيدي في فخ النمطية، حيث يعيد تقديم نفسه بصيغة متكررة دون إحداث أي تطور ملموس في أدائه التمثيلي أو خياراته الفنية هذه الأزمة تفاقمت مع الإعلان عن مشاركته في موسم رمضان 2025 حيث راود جمهوره الأمل في أن يكون هذا العمل محطة لإعادة اكتشاف موهبته واستعادة بريقه الذي خفت بفعل سلسلة من الإخفاقات السابقة إلا أن المؤشرات الأولى، بدءا من البرومو الترويجي، لم تحمل أي دلالات على التغيير المنشود، وهو ما انعكس لاحقًا مع عرض المسلسل، حيث اصطدم الجمهور بعمل لا يختلف كثيرًا عن تجاربه السابقة، سواء على مستوى البناء الدرامي أو الأداء الكوميدي، مما عمق الإحباط تجاه فنان كان يومًا ما أحد أبرز رموز التجديد والإبداع في الكوميديا المصرية.  

اقرأ أيضاً: سمية خشاب.. مسلسل “أم 44” تجربة مختلفة لمرأة مصرية في الخليج.. وقالوا عليا بياعة خليج

هنيدي يتمسك بنمط تقليدي لم يعد يواكب تطلعات الجمهور الحديث:

تكشف هذه الإشكالية عن معضلة جوهرية تتعلق بمدى قدرة النجم على إعادة ابتكار نفسه في ظل تغير الذائقة الجماهيرية وتطور معايير الكوميديا المعاصرة وهو ما يثير تساؤلات حول أسباب تمسك هنيدي بنمط تقليدي لم يعد يواكب تطلعات الجمهور الحديث.

أين يكمن الخلل؟

تكمن الأزمة الحقيقية لمحمد هنيدي شأنه شأن النجم محمد سعد في اعتماده المطلق على اسم المخرج والمؤلف، متجاهلًا مسؤوليته كممثل في تطوير أدائه أو البحث عن مساحات جديدة للكوميديا تتناسب مع تطور الزمن وتغير الذوق العام للجمهور و اعتمد هنيدي على “الكاريزما” والافيهات المتكررة، متناسيًا أن جمهوره الأول قد تغير، وحل مكانه جيل جديد لديه احتياجات مختلفة، بل وطريقة جديدة في استهلاك المحتوى الكوميدي.  

إن الكوميديا لم تعد كما كانت في بداية الألفينات إذ أصبحت تعتمد على أفكار مبتكرة وحوارات ذكية، بينما ظل هنيدي يكرر نمطا واحدا من الأداء دون محاولة تقديم أي إضافات جديدة في المقابل، نرى نجومًا آخرين أدركوا أهمية التطوير الذاتي، يعملون على تزويد مخزونهم الفني من أدوات فنية جديدة و قاموا بخوض تجارب مختلفة تمنحهم أبعادا جديدة ولكن محمد هنيدي ارتكب خطأ جوهريا عندما راهن على رصيد نجاحه القديم، متجاهلا أن الجماهيرية ليست امتيازا دائمًا، بل مسؤولية تتطلب التطوير المستمر لم يدرك أن الجمهور التف حوله في بداياته لأنه قدم طرحا كوميديا جديدا و مختلفا، لكنه استهلك هذا النجاح حتى استنزف تمامًا، فتحولت أعماله الأخيرة إلى مجرد محاولات باهتة لا تضيف شيئًا إلى رصيده الفني.  

هل المعضلة هنا تتعلق بعدم وعي هنيدي بحجم التحولات في ذوق الجمهور ومتطلبات السوق؟ مما يطرح تساؤلات مشروعة: هل هو كسل فني وعدم رغبة في التجديد؟ أم غياب إدراك و وعي هنيدي بحجم الأزمة؟ أم أنه غرور صور لهنيدي أن اسمه وحده كافي لضمان النجاح؟ 

اقرأ أيضاً: الجمهور يشيد بمسلسل قهوة المحطة ويتصدر التريند

دعونا نعلم أن الجمهور لم يعد يمنح هنيدي”شيكا على بياض” لمجرد أنه محمد هنيدي، بل أصبح يقيم أعماله بميزان الجودة، وهو ما انعكس بوضوح على تراجع شعبيته و فقدانه بريقه الذي كان يومًا ما عنوانا وايقونه للكوميديا الحديثة. 

هل هناك فرصة للعودة؟  

بلا شك، فالتاريخ مليء بأمثلة لنجوم استطاعوا إعادة اكتشاف أنفسهم والعودة بقوة إلى الساحة الفنية، لكن ذلك لا يحدث مصادفة، بل يحتاج إلى قرار جاد وإرادة حقيقية و يمكن لمحمد هنيدي أن يستعيد بريقه، ولكن بشرط أن يواجه الحقيقة بشجاعة، ويقف مع نفسه وقفة نقدية حقيقية يعيد فيها تقييم اختياراته الفنية ويتخلى عن التكرار الذي أصبح سمة أعماله الأخيرة التحدي ليس مستحيلا، لكنه يتطلب منه الجرأة على خوض تجارب جديدة، سواء من خلال انتقاء أدوار غير تقليدية، أو تطوير أدواته التمثيلية أو حتى التعاون مع صناع محتوى يمتلكون رؤية حديثة للكوميديا تتماشى مع متطلبات الجمهور الحالي. 

اقرأ أيضاً: الأزهر الشريف ينعى الداعية الشيخ أبو إسحاق الحويني

نحن لا نتشفى في إخفاق هنيدي:

نحن لا نتشفى في إخفاق هنيدي، بل نطمح إلى أن نراه في عمل يعيد إليه مكانته المستحقة، ويدرك في النهاية أن الكوميديا فن متجدد يحتاج إلى ذكاء إبداعي وقدرة على التطوير المستمر، ويعيد حساباته، ويتخذ خطوة جادة نحو التغيير.. أم سيبقى محمد هنيدي أسيرا لصورة قديمة فقدت بريق ولم تعد قادرة على البقاء في المشهد الكوميدي الحديث؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.