لست هنا بصدد مناقشة العمل المبدع للفرنسي اميل زولا ولا لشرح ملابسات كتابة
مقاله الشهير ولست أيضا بصدد البحث التاريخي في التهم المبهمة التي تلتصق
بمشتبه بهم بلا أي دليل سوى الكراهية المحضة والتي لا تستند على شيء ذا بال
ان كلمات (انا أتهم) ليست سوى اطلاق صرخة عامة املا في ان تكون للصحافة
وللأدب شيء من اثر على المجتمع كما كان من قبل.
ولست اضع نفسي في مقارنة ولا مقاربة ولا حتى حالة تشابه مع الكاتب ايميل زولا
ولكني اقتبس من صدى الكلمة التي تتردد اصداءها منذ عقود محاولا ان اعيد الحياة
لبعض مضامينها
ولم لا يعرف فإن أنا أتهم…! (بالفرنسية: !…J'accuse) هو عنوان مقالة كتبها
إميل زولا حينئذ حول قضية دريفوس. تم نشر هذا المقال بجريدة لورور في 13
يناير عام 1898 على شكل رسالة مفتوحة لفيليكس فور رئيس الجمهورية الفرنسية
آنذاك. بخصوص محاكمة الفريد دريفوس هو نقيب بأركان حرب بالجيش الفرنسي
من أصل يهودي، تم اتهامه زورا في خريف عام 1894 بتسريب ملفات فرنسية
سرية للمركز العسكري الألماني بباريس، كما تم تجريده علناً من رتبته العسكرية،
وبُعث به إلى جزيرة الشيطان بغويانا الفرنسية، مما دفع عائلته لتنظيم حملة تدافع
عنه. وبدأت المعلومات تتجمع خطوة خطوة حول المخالفات الجسيمة بالقضية عام
1894، كما تم اكتشاف الخائن الحقيقي في نوفمبر عام 1897، وهو المقدم والسن
استرهازي. لذا فقد كان العنوان (انا اتهم) هو تعريف جديد لفلسفة الاتهام ان جاز
هذا التعبير حيث يرجع الفضل إلى هذا المقال في إعادة فتح قضية دريفوس في
الوقت الذي كان فيه المتهم الحقيقي استرهازي قد بُرِّئ من كل التهم المنسوبة إليه،
مما حطم آمال حلفاء دريفوس. تمت محاكمة زولا في فبراير عام 1898 بتهمة
التشنيع العام وقد يعتبر مقال إميل زولا أنا أتهم…! رمزا للفصاحة الخطابية، ولمدى
تأثير الإعلام والصحافة في الدفاع عن الإنسان والحقيقة، وذلك استناداً لما حققه من
نتائج لصالح قضية دريفوس. وقد دفع لقاء هذا ثمنا فادحا فقط لانه تجرء على تفنيد
الاتهام وبحث عن الحقيقة
ونجد أنه سبق الحديث في التاريخ الادبي والفكري عن حوادث مماثلة خاصة من
قبل فولتير وقضية كالاس في القرن الثامن عشر. ثم تناول فيكتور هوغو قضيته
التي واجه فيها الإمبراطور لويس بونابرت والتي ستظل محفورة في أذهان الجميع.
عرف هؤلاء الكتاب كيف يكرسون وقتهم ومهاراتهم الخطابية لمحاربة التعصب
والظلم. واستفادوا من شهرتهم في خدمة ونصرة القضايا العادلة ضد الظلم دون
النظر إلى العواقب.
لكن هذا كان في عصر اخر وعلى ارض أخرى ورغم هذا فان رنين كلمة انا اتهم
لا يزال يتردد في زماننا وعلى ارضنا نحن العرب.
لا يخفى على احد ما تسير اليه المجتمعات العربية من حمى الاتهامات والاتهامات
المضادة بين كل فصائل وجنسيات وتجمعات وانتماءات العرب
فكل دولة تشكك في أي تصرف او تصريح لاي مسؤول في أي دولة عربية اخرى،
ويوضع التصريح تحت المجهر بحثا عن المؤامرة المتوارية خلفه حتى وان كانت
كلمة مديح او ثناء او حقيقة لا يختلف عليها احد فيتم تحليلها وتحويلها وتلوينها
لتتحول كل كلمة الى خرق يتسع على الراقع ويتسيد سوء الظن كل شيء
لا انكر ان بعض الدول العربية لا يمكن ان نتناول تصريحات مسؤوليها بحسن نية
او حتى بسعة صدر لوضوح دورها التدميري والتآمري وهو ما ليس بجديد
فدائما وابدا تأتينا نحن العرب الطعنات القاتلة من انفسنا ومن بني جلدتنا وان
عرضنا جثة العروبة للمناظرة والتشريح لوجدنا كل الطعنات أتتها من الخلف
وربما أتت من داخل القلب فلا أحد يسدد الطعنة التي تقتلنا سوانا.
كنا دائما نعرف ونؤكد على ما صنع الاستعمار لسنوات طويلة من بث الفرقة
والعداوة بين الشعوب العربية ودائما ما تلهج كل الالسنة بالاتحاد ونبذ الفرقة تحت
راية عربية كبيرة موحدة
لكن هذا لا يحدث ابدا فالجميع يصيح دائما ولا يفعل أي شيء ابدا.
لكن كانت للعرب مزية هامة دائما وهي انهم يتحدون دائما وينبذون الخلاف الذي
بينهم ويتعاونون إن لم يكن بالفعل فبالقول او القلب وهذا اضعف الايمان اذا إدلهمت
الأمور وجد جديد في القضايا الكبرى
وهو ما لم يعد ممكنا اليوم حيث ان بعض العرب من شعوب او حكومات يصرح
ببساطة ان قضايا العرب الكبرى لا تخصه ولا تعنيه وما تلك القضايا الا شؤون
الاخرين الذين يضمرون له السوء لينتفض ويقوم بدوره التاريخي كعربي ويتهم ،
نعم يتهم.
يتهم من؟
أي عربي اخر . لا يحتاج هذا لاي توضيح
هل ما نرويه لأبنائنا من قصة الثور الأبيض فقد لدى كل العرب مغزاه؟
ام انها صارت مجرد حكاية خرقاء بلا مغزى؟
انه من المضحك المبكي ان زيارة الرئيس الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط او
بمعنى ادق لدول النفط صارت ساحة اتهامات عربية عربية حيث الدول التي أعطت
الجزية لسيد العالم تتهم الدول الأخرى بالفقر وتتهمها بالتقصير في ضيافة الرجل ،
اما الدول التي لم يمر عليها ترامب لأنه يعلم انه ليس لديها ما تعطيه فقد ادعت
الترفع عن تقديم الرشوة ودفع الجزية ولو كان لديها ما يريده ترامب ما كان ليرحل
الا وقد حازه بلا أي مشكلة وإلا فنحن لا نملك الا دماءنا ولا اظن ترامب يطمع في
شيء منها على الأقل حاليا ، لذا فان الرجل بدا سعيدا وهو يرحل وعلى عاتقه يحمل
غلة جولته وغنيمة صولته واضحكته كثيرا مسرحينا العربية المضحكة بعنوان
القدس عربية وقد استمع أيضا للأغنية الكوميدية (الحلم العربي) واظن ان الرجل
قرر ان يذهب لمكتبه في البيت الأبيض ليضع خارطة المنطقة وينتقي منها ضحيته
التالية في سلسلة تدمير الأوطان مستعينا بالعرب واموال العرب وجيوش العرب
لذبح العرب
صار العرب كجحا الذي لا يتدخل لإطفاء النار الا اذا احترق فراشه فقط حيث لم
نكن نعلم من قبل ان تلك النار كان جحا هو من اشعلها في بلده وبيته بل وفراشه
ان النار تأكل المجتمعات العربية من داخلها وتكاد ان تودي بها
المزيد من المشاركات
أي نار؟
نار الاتهام.
الفرقة والتشكك وشق الصف والتخوين وتقديم سوء الظن والذي لم يعد بين الدول
والجنسيات العربية بل صار بين الجنسية الواحدة وفي كل دول وطننا العربي المتهم
الكبير.
قيل قديما انك حين تشير متهما بإصبعك فان بقية الأصابع تلتف لتشير اليك انت
متهمة أيضا فدائما انت تتهم أيها المتهم حتى ولو بيدك انت فان نار الاتهام لا يشعلها
غيرك
فما الذي يذكي نار الاتهام ولهيبه داخل المجتمع الواحد والبلد الواحد والبيت الواحد؟
، منذ فترة ليست بطويلة جرت احداث قضية في احدى المدارس التابعة لإحدى
المؤسسات المسيحية في مصر ذات السمعة التعليمية الطيبة حيث اعتدى او تحرش
رجل طاعن في السن يحمل على كاهله ثمانية عقود من الزمن بطفل صغير من
تلاميذ تلك المدرسة بمساعدة امرأة حقيرة من العاملات وقد تقدم اهل التلميذ بعد
اكتشاف الواقعة بالشكوى في المسار القانوني بشكل طبيعي وكان من حقهم وقتها ان
يتهموا فعلا فهم المجني عليهم والمجني عليه لابد ان يتهم الجاني .
هذا طبيعي ، لا . . ليس أي شيء طبيعي في الموضوع فقد انزلق الاتهام من
الشخص الى المؤسسة التي يعمل لحسابها وتم تعميم الاتهام بعد هذا ليشمل الدين
الذي تدين به المؤسسة التي تشرف على المدرسة التي يعمل بها المتهم .. ثم وبشكل
فيزيائي كسقوط احجار الدومينو تم اتهام المواطنين الذين يدينون بالدين الذي تدين
به المؤسسة التي تدير المنظومة التي تشرف على المدرسة التي يعمل بها المتهم
ولو كان المتهم او المجني عليه من جنسية أخرى لشمل الاتهام الدولة أيضا ليدور
كأس الاتهام المر على الجميع .
هل انتهينا؟
لا .. بمجرد الحكم على المتهم بدا الاتهام المضاد ، ليس الدفاع عن المتهم او
محاولة تبرئته . .لا
انما اتهام كامل للمجني عليه واسرته وبلده ودينه ومؤسساته الدينية والمواطنين
الذين يعتنقون دينه وكل من يشبهه او يصدقه او يتعاطف معه بالتلفيق والعصب
والتآمر وكل ما يمكن ان يصلح كجريمة
بل وصل الامر بالبعض ان هدد وتوعد بالرد عن طريق دول أخرى لردع هؤلاء
الوافدين على هذا البلد
غريب؟
لا طبعا .. مرحبا بك في مصر العربية
ان مشاعل الاتهام ومثيري الفتنة اكثر نشاطا من هيئات انفاذ القانون واكثر اثرا
واقناعا من المؤسسات الدينية
وقولهم اشد توقيرا واحتراما من احكام القضاء
فقد علمت من مصادر موثوقة من تلك التي تدير الازمة عبر شاشات الهواتف
حكماء العصر الذين يعلمون كل شيء حتى خائنة الاعين وما تخفي الصدور، وهم
للعلم منتشرون كالنار في الهشيم على كل منصات التواصل الاجتماعي وكل
المقاهي والتجمعات وحتى الدينية منها في المساجد والكنائس على حد سواء
ان المسيحيين يخططون لإنشاء جيل كامل من الشواذ من المسلمين بالذات
ويستخدمون لهذا أمثال هذا المعتدي لدفع أطفال المسلمين للشذوذ حتى يتم انتاج جيل
جديد لا يمكن الاعتماد عليه ، ومن جهة أخرى ومن مصدر موثوق أيضا من نفس
الفئة التي لا تخفى حكمتها على احد سمعت ان المسلمين يخططون لطرد المسيحين
من مصر او حصارهم والتضييق عليهم لدفعهم للهجرة خارج البلاد لتخلوا للمسلمين
الذين هم وافدين من الصحراء أساسا وما هم الا ضيوف على هذا البلد.
وبالطبع كان هذا مؤمنا ايمانا راسخا بما يقول .
وذاك لا يقل عنه يقينا بطرحه الذي لا يقل سفاهة وغباء
للأسف ان بعض أصحاب تلك الأفكار أصدقاء احبهم واقدر عقولهم لكن الاتهام
شهوة كبيرة وحين تنزلق اليها تدمنها فتؤثر على عقلك وروحك فتصير تهذي بكلام
فارغ كما ترى.
لست ادري لماذا لم يفكر احد في ان هناك رجل شاذ الرغبات منحرف جنسيا قام بما
قام به لأنه مجرم فقط وانه من الطبيعي ان يلقى المجرم عقابا رادعا .
لكن المصريين مسلمين كانوا او مسيحيين هم عرب ومن طبيعة العربي ان يتهم
فلم اجد بدا انا أيضا من ان أتهم.
فلست اقل منكم عروبة
لذا فاني وبكل تصميم..
أتهم..!

قد يعجبك ايضآ