واقترب شهر البركة والخيرات

واقترب شهر البركة والخيرات

 

بقلم: د.رحاب أبو العزم

الرؤية الرمضانية الحقيقية
ينظر أغلب المسلمين إلى شهر رمضان بأنه شهر مختلف؛ وهو حق كذلك ..شهر مختلف؛ في الأجر لكل فعل خير وقول، وفي العقوبة لكل سيئة فعل وقول، شهر مختلف في قدر الخيرات والبركات من رب السماء، شهر فيه دعاء الصائم حال فطره ليس بينه وبين السماء حجاب، شهر يرق فيه القلوب بذكر الله تعالى، تتهافت الأرواح صوب بارئها تتضرع إليه سبحانه وتنكسر وتخشع، شهر تتلألأ فيه الليالي بصوت المآذن والصلاة والدعاء، شهر تتكاتف الأبدان لتجهيز ما لذ وطاب لفقير ومسكين، وتجتمع فيها الأسر على موعد واحد يسكن فيها الكون لتصدع الألسنة بدعاء ربها لحظة الإفطار.
رؤية الواقع تجاه شهر رمضان
وإن كان الواجب علينا أن تنظر قلوبنا وألسنتنا وأرواحنا وأبداننا إلى شهر رمضان كما بينت بيد أنني ألحظ أن أغلب المسلمين ينظرون لشهر رمضان بأنه شهر مختلف ولكنهم يخرجون منه خسارى لا مكسب لهم، نتعامل مع رمضان الخير بأنه مختلف ولكن في أصناف الطعام والشراب، في كمية النقود التي تصرف على مسلسلات وبرامج أصابت عقولنا وعقول أولادنا بالمسخ؛ وأيم الله مسخ، نظرنا إلى شهر رمضان بأنه شهر مختلف في حفلات الفسوق التي يسابق أصواتها صوت التهجد، وإن أحب أحد أن ينظر إليه أنه شهر القرآن نراه وقد سعى إلى قراءة القرآن سريعًا ليختم أكثر من مرة ويتفاخر بذلك، وما أمرنا بتلاوة القرآن إلا تدبرًا وتفقهًا؛ هو الواقع الأليم وليس مبالغة مني وليس تجنيًا مني، بل للأسف ما نراه كل رمضان أن معظم المسلمين يجحدون النعم الرمضانية.
النعم الرمضانية واستقبالها
لقد أنعم الله علينا بشهر رمضان المبارك؛ فجعله شهرًا تصفد فيه الشياطين فجحدنا النعمة وذهبنا نستقوى بهوى النفس الذي هو أشد من الشيطان، وأنعم علينا بشهر تجاب فيه الدعوات فذهبنا نقضي لياليه أمام تفاهات إعلامية، أنعم علينا بشهر ترتقي فيها الأرواح لنبحث عن ما يشبع بطوننا إلى حد التُخمة، أنعم علينا بشهر نرتقي فيه بالقرآن فذهبنا نتسابق من سيختم وكم مرة سيختم بلا تدبر وبلا عمل وبلا روح بل ألسنة تردد وانتهى الأمر؛ وكأننا نتعمد أن نسلط علينا غباءنا بجحود كل نعمة ينعمها الكريم سبحانه علينا، ليسري معنى الآية علينا ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا/ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا))
ونندهش من خروجنا خاسرين
يبقى شهر رمضان ميدانًا يتنافس فيه المتنافسون، ويحسن فيه المحسنون، وتتريض فيه النفوس على العبادة الليلية تنأى بنفسها عن شبهات الرياء، وتسكن إلى بارئها، وتتعالى عن الخطيئة لتكسب الهدى والرشاد، وترفع الأعمال والأقوال عبر ثلاثين يومًا لتشهد لنا بالقبول أو علينا بالرد والرفض؛ ويبقى للقبول علامات، وللرفض علامات؛ وكما أن الاستقامة على العمل الصالح من أعظم مظاهر قبول أعمالنا الرمضانية نرى النكوص والزهد في الطاعة وتركها، والعودة إالى المعاصي والتكاسل من أعظم علامات الرد، ولقد حذرنا الله تعالى أن نكون مثل صاحبة الغزل في قوله تعالى: ((وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا))، نحن نندهش من خروجنا من رمضان وقد حدث النكوص والانتكاسة، وقد سعينا في رمضان لملء البطون وتناسينا غذاء الروح، وسعينا إلى برامج السفهاء وتناسينا برامج التفقه في الدين، ومن ادعى أنه شهر الترفيه فقد كذب على الله ورسوله. شهر رمضان من أعظم النعم الربانية على الأمة الإسلامية وجحود الشهر لا يعني إلا خسارته وخسارته لا تعني إلا استمرار الضعف والهوان والكرب والغم.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.