سليمان نجيب الذى لا يعرفه احد
كتبت / غادة العليمى
مازال ارشيف المجلات الفنية يبهرنا بالاخبار والحكايات والنوادر لفنانيننا من الزمن الجميل
وفي حوار نادر نشرته مجلة الكواكب مع الفنان الكبير سليمان نجيب أثناء مغادرته لمنصب مدير دار الأوبرا المصرية تحت عنوان «وداعاً أيتها الأوبرا»:
سأله محررمجلة الكواكب الكاتب الكبير «أنور عبدالله» عن سر عدم زواجه، هذا السر الذى لم يتحدث عنه سليمان نجيب قبل ذلك وكان يتهرب من الإجابة عنه للصحف والمجلات من قبل.
وقد كشف سليمان بك نجيب الذى كان قد تجاوز الستين من عمره عن سبب عزوفه عن الزواج ، قائلاً :
«كنت طوال حياتى عازفاً عن الزواج لأننى أحب حريتى وأخشى أن تقيدها سلاسل الزوجية ، ففى شبابى كنت أهوى السهر وحياة الفن التى تبدأ فى القاهرة مع بداية الليل فلا أعود إلى البيت إلا مع ساعات النهار الأولى ، وكبرت هوايتى وكبر معها حبى لفنى وحريتى وحياة السهر»
وتابع نجيب:
بعدما توليت منصب مديردار الأوبرا كان هذا المنصب يحتم على أن أتعامل دائماً وأخالط أهل الفن من الممثلين والراقصين والمغنيين والموسيقيين ، ويبدأ كل ذلك بعد الساعة التاسعة مساء.
وأضاف الفنان الكبير :
أنا بطبعى شخص أقدس الحياة الزوجية وحقوق الزوجة، لذلك لم أكن واثقاً من أننى سأكون زوجاً يحترم حقوق الزواج وأنا على هذه الحالة من صداقة الفن والسهر، ثم من هى هذه الساذجة العمياء الصماء التى ستقبل بزوج يعود لها كل يوم مع شروق الصباح من تياترو أو مكان تعرض فيه لألوان الإغراء.
ونفى سليمان بك نجيب أن يفكر فى الزواج بعد أن خرج على المعاش وقلت مهامه مؤكداً أنه سيستمر فى طريق الفن وحياته وسهرة، قائلاً : لقد فات الأوان ياعزيزى..
وُلد سليمان مصطفى نجيب يوم21 يونيو من عام 1892 لأسرة عريقة عُرفت بعشقها للأدب.
والده هو «مصطفى نجيب» قاضي وشاعر وأديب ومدير الإدارة العربية بالديوان السلطانى.
شقيقه هو«حسنى نجيب» مدير إستديو مصر ومدير الإذاعة، وخاله هو «أحمد زيور باشا» رئيس وزراء مصر، وعمه محمود باشا شكري رئيس الديوان الملكى، وإبن عمته الدكتور أحمد زكى أبوشادى شاعر وأديب.
إلتحق رحمه الله بالمدرسة التحضيرية بدرب الجماميز بالسيدة زينب بالقاهرة، وحصل على شهادة البكالوريا من المدرسة الخديوية، ثم بكلية الحقوق عام 1916م، ولكنه لم يكمل دراسته بها وإنضم لجماعة أنصار التمثيل وفرقة عبدالرحمن رشدي، وفرقة الشيخ سلامة حجازى.
منذ اللحظة الأولي عشق إبن الأكابر الذوق الشعبى فتمرد على تقاليد أسرته العريقة وكتب مقالات بمجلة الكشكول تحمل عنوان «مذكرات عربجى» إنتقد فيها متسلقي ثورة 1919م، وخرج عن تقاليد أسرته لعمله بالفن، وأجبرته أمه على ترك التمثيل، وألحقه والده بالعمل كسكرتير خاص لوزير الأوقاف، ثم سكرتيراً لوزير المواصلات، ثم مديراً لمكتب رئيس مجلس الوزراء حتى وزارة على ماهر. عمل بالسلك الدبلوماسى كوكيل لقنصل مصر باسطنبول بتركيا.
فُصل من العمل السياسي بقرار من وزير الخارجية المصري في عام 1926، وعاد لمصر وعمل وكيلا لوزارة العدل، ثم وكيلا لدار الأوبرا عام 1938، وأصبح مديرآ لدارالاوبرامن عام 1939، ليصبح أول مدير مصري لدار الأوبرا.
قام رحمه الله بتمصيرالأوبرا وفتح أبوابها للفرق المصرية بعد أن كانت حكرًا على الفرق الاجنبية.
فى عهده عرف المصريين الأوبرا لأول مرة مع إحتفاظه بتقاليدها بمنع التدخين والأحاديث أثناءالتمثيل.
بعد رحيل والدته عاد للتمثيل بعد ما رشحه صديقه المخرج محمد كريم عام 1933 ليشارك الموسيقار محمد عبد الوهاب فى أول أفلامه «الوردة البيضاء»، وأصبح مديرا لجمعية أنصارالتمثيل عام 1935م، وأستقال فى عام 1953 ليتفرغ لأعماله بالسينما والمسرح، مثل حوالى57 فيلما منهم:
«زينب، ليلى بنت الأكابر، غزل البنات، أحلام الربيع» .
حصل رحمه الله على البكوية من الملك فاروق؛ ليصبح أول ممثل يحصل عليهاقبل يوسف وهبي وكتب إسمه على أفيشات الأفلام «سليمان بك نجيب».
اكتشف العديد من الفنانين منهم:ميمى شكيب، زوزو شكيب، السيد بدير، سعيد أبو بكر.
قام رحمه الله بتربية أولاد خادمته الثلاثة وتعليمهم، وأوصى قبل وفاته بنقل كتبه وهداياه وصوره لدار الأوبرا المصرية، وسيارته الخاصة لسائقه، وشقته لخادمه.
وفي يوم 18 يناير من عام 1955 رحل عن عالمنا .
رحمة الله عليه وعلى زمنه الجميل الطيب