وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا
بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
احْمَدُوا اللهَ عَلَى نِعْمَةِ الإِسْلَامِ ؛ فَإِنَّهَا النِّعْمَةُ الْعُظْمَى ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى إِكْمَالِ هَذَا الدِّينِ ؛ فَإِنَّهُ الْمِنَّةُ الْكُبْرَى .
قَالَ اللهُ تَعَالَى :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
سورة المائدة
أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ عَلَيْنَا كِتَابَ رَبِّنَا الَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا فَهُوَ خَاتِمُ الْكُتُبِ وَأَقْوَمُهَا وَأَفْضَلُ الصُّحُفِ وَأَكْرَمُهَا .
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا
سورة الإسراء
وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُرْسَلِينَ خِتَاماً وَلِلْأَنْبِيَاءِ إِمَاماً هَدَانَا بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ ، وَعَلَّمَنَا بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ .
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
سورة آل عمران
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى ، وَلَهُ الشُّكْرُ عَلَى آلَائِهِ الَّتِي لَا تُسْتَقْصَى .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ ، وَمَوْسِمٌ أَغَرُّ كَرِيمٌ يَوْمٌ رَفَعَ اللهُ عَلَى الأَيَّامِ قَدْرَهُ وَعِيدٌ شَرَّفَ اللهُ ذِكْرَهُ إِنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ ، جَعَلَهُ اللهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَبَهْجَةً لِقُلُوبِ الْمُؤْمِنيِنَ ، فِيهِ جُلُّ أَعْمَالِ الْحَجِّ ؛ لِيُعَظِّمُوا اللهَ وَيُكَبِّرُوهُ ، وَيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَيَشْكُرُوهُ .
وَقَدْ شَرَعَ اللهُ لَكُمْ فِيهِ التَّقَرُّبَ إِلَيْهِ بِالضَّحَايَا كَمَا شَرَعَ لَهُمُ التَّقَرُّبَ إِلَيْهِ بِالْهَدَايَا .
أَلَا وَإِنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ بِالضَّحَايَا سُنَّةٌ عَظِيمَةٌ وَشِرْعَةٌ قَوِيـمَةٌ سَنَّهَا أَبُونَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَرَضِيَهَا سَيِّدُ الأَنَامِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
سورة الحج
وَلَقَدْ ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ سِنِينَ يُضَحِّي طَلَباً لِمَا عِنْدَ اللهِ وَاسْتِجَابَةً لِأَمْرِ اللهِ .
حَيْثُ قَالَ جَلَّ فِي عُلَاهُ :
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ
سورة الكوثر
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا :
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ ، يَطَأُ فِي سَوَادٍ ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ وَقَالَ :
يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ
أَيِ : السِّكِّينَ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ قَالَ :
بِاسْمِ اللهِ ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَكَانَ أَصْحَابُهُ الْكِرَامُ يُضَحُّونَ كَمَا ضَحَّى .
فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :
كَانَ الرَّجُلُ عَلَى عَهْدِ النِّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ .
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
وَمِنْ أَجْلِ أَنْ تَكُونَ الأُضْحِيَّةُ صَحِيحَةً مَرْضِيَّةً لَا بُدَّ مِنْ تَوَافُرِ شُرُوطِهَا الشَّرْعِيَّةِ .
فَشَرْطُهَا الأَوَّلُ :
أَنْ تَكُونَ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ :
وَهِيَ الإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ .
وَأَنْ تَكُونَ قَدْ بَلَغَتِ السِّنَّ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعاً :
وَهِيَ مِنَ الإِبِلِ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ
وَمِنَ الْبَقَرِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ
وَمِنَ الْمَعْزِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ
وَمِنَ الضَّأْنِ مَا تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ .
وَأَنْ تَكُونَ الأُضْحِيَّةُ سَلِيمَةً مِنَ الْعُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ :
فَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا : الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي أَيِ الْهَزِيلَةُ .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا
وَأَنْ تُذْبَحَ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعاً :
وَهُوَ مِنْ بَعْدِ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ رَابِعِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ عَلَى الصَّحِيحِ .
وَيَنْبَغِي عَلَى المُضَحِّي أَنْ يُرَاعِيَ سُنَنَ الأُضْحِيَّةِ لِتَكُونَ عَلَى وَفْقِ الْهَدْيِ وَالِاتِّبَاعِ فِي التَّضْحِيَةِ .
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :
ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، ذَبَحَهُمًا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
فَطِيبُوا بِهَا نَفْساً لِتَقَعَ عِنْدَ اللهِ مَوْقِعَ الْقَبُولِ وَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَتَصَدَّقُوا .
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ :
لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ
سورة الحج
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
اتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ وَاحْفَظُوا جَوَارِحَكُمْ مِنَ الآثَامِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ وَفِي سَائِرِ الْعَامِ .
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ خَلَقَكُمْ لِعِبَادَتِهِ ، وَأَمَرَكُمْ بِطَاعَتِهِ
ثُمَّ احْمَدُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَوْلَاكُمْ وَأَكْثِرُوا فِي يَوْمِ النَّحْرِ هَذَا وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنَ التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ وَسَائِرَ الأَوْقَاتِ بِلَا عَنَتٍ وَلَا تَضْيِيقٍ .
قَالَ اللهُ تَعَالَى :
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ
سورة البقرة
وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ .
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ
أَلَا وَتَجَمَّلُوا فِي الْعِيدِ ، وَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّقَاءِ وَزَيِّنُوا قُلُوبَكُمْ بِالتَّقْوَى ؛ فَإِنَّهَا مَحَلُّ نَظَرِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَأَحْسِنُوا مُعَامَلَةَ الأَهْلِ وَالْجِيرَانِ وَالأَصْحَابِ وَالإِخْوَانِ وَابْذُلُوا الْمَعْرُوفَ وَأَغِيثُوا الْمَلْهُوفَ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ، وَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَبِرُّوا الْوَالِدَيْنِ وَصِلُوا الأَرْحَامَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمْ وَارْحَمُوا الضُّعَفَاءَ وَالأَيْتَامَ .
وَأَصْلِحُوا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُعَظَّمَةِ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَارْفَعُوا الْبَغْضَاءَ وَالشَّحْنَاءَ مِنْ قُلُوبِكُمْ وَحَافِظُوا عَلَى الْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ وَأَكْثِرُوا مِنَ النَّوَافِلِ وَالطَّاعَاتِ .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ : أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الأَرْحَامَ وَصَلَّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نَيِامٌ تَدْخُلوُا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ