يا نبرة الحنين … بقلم: حكيمة جعدوني

يا نبرة الحنين

بقلم: حكيمة جعدوني             

يا من شوقُها سبانا
ما امتهن القلبُ في وصلكِ وَنّةً شوقي
ولا انزاح المسك من فيكِ، وفوح الورد ناسانا
إنّي ناظمٌ في أوداجكِ الحمراء أقصودةً
لها في وصفكِ إعجازٌ… ولها عند الإلقاءِ نيرانا
كم لاح من شوقكِ فيضٌ، يهيم المتحابون لو…
نهلوا من كأسه، اقتضى اللبيبُ بخمرهِ سكرانا
يا شاهداً من الصبَا لا ندّ في محياه… يا أنا
لو أنني أموت من قبلكِ، لأبعثنّ القلب نحوكِ إبانا
دعي يا أحلى الأمطار، خيوطَ طلّكِ ترنو
ما ارتوت فلاةُ القلب من بعدكِ، والنضبُ نادانا
لو دنتْ دنيايَ بدنيّةٍ دونكِ، لناديت: يا أنا…
يا من تراها أحيت العروق وأوقدت جمرانا
ناجيت في الخلوات طهراً من شعركِ، لو أنكِ…
رأيتِ القلوب في الأعقاب، اشتهت لنا أزمانا
ما للعين لنا حولاً عن شمسكِ يا شوقي
فاسري بنومٍ في دبيب القلب، لو انبجست سمانا
لو درى الصبحُ بشوقِنا، ما انتهى سمرُه بدماكِ
فقبسُ الهجرِ سجّر الفؤادَ ببعدكِ، وأتقن الطغيانا
يا أنا… يا أنا…
يا جنةً من أحرار القدس
عفَت المآتم مقتَّلاً، فمتى للوصال أن يريح ممشانا؟
إني لو لازمتُ مدحكِ، ما انبرى القلب وهلةً
ولا دان للعمرِ سعدٌ من بعدكِ، أو حبٌّ يرعانا
لاقت الوجوه من صلد شوقكِ ما أفرغ الفياه
ولو جالت لهم محاسنُ الوصال، لدثّروا الأكفانا
أراكِ حبيبتي، أراكِ حيناً بثوبٍ يهدّل الأطراف حبّا
كأنه قصرٌ ذهبيٌّ بآخر مروج الزهر يرسل اللمعانا
يا أنا… يا أنا…
يا من قتلتِ بهجركِ صوتي
إن الأمير استلّ شعره…
عسى لو دكّ يوماً شبحَ النسيانا
دعيني أراه…
ذاك الوجهَ الحزين…
الذي نُفيتُ إليه
بعد كلّ هاته السنين
على رمالِ طريقٍ به كلُّ العناوين…
فلِمَ لا أراكِ؟
يا أنا، أتتذكرين؟!!
يا قصيدةً تسحق أصابعي
وتهرب من رسائل الشعراء…
تفرج عن كل المتحابين
يا أنا، أتتذكرين؟!!
كيف كان الحب
يمرّ بنا كمرّ السكين…
وعيناكِ كذهبٍ أسود
يطرد تكلّسي وتحجّري
ينعش غمرةً ذاك الوتين…
ألا يا أنا…
أذكر جيّداً أنني كتبتُ لكِ
واشتقتُ إليكِ
وبكيتُ
وبكيتُ إليكِ
يا أنا…
إن سماء مدينتي عاقرٌ دون وجهكِ…
حتى عنادل المرير
التي لطالما غنّت لشروقكِ
قد اغتالها الحزن
واحتلها جندُ الحنين…
وهذا الصبا الذي اتّقد
كأنه حُممٌ غدا بصدري
لتتأوّه بي أصوات التائهين…
الخائفين من خنجر الفراق…
ويزفّ لي بأقداح الأسى
جبال الحزن بقلبي…
كوَريدٍ ينزفُ من دمه العليل
يا أنا… يا نبرة الحنين
يا وهادَ الجِنان
أيا طَعمَ الياسمين…
لو أن لي عودةً فأفدي لكِ
ما عزاه لقاؤنا الأخير
ذلك الموت الأليم
صاحب الثوب الأحمر
وانكساره المهين…
لأقمتُ كوكباً من الشعر
عند يديكِ
وأنشأتُ نجومًا وسهولًا لدى عينيكِ
وغيّرتُ طبع التكوين…
لكتبتُ فوق كفّيكِ أغنيةً
وأدعُ لكِ التلحين…
يا قرّةَ عينٍ تمدّ لي
في الثانية ملايين السنين…
فما قولكِ… الآن
لو أراه…!!
ذاك الوجه الحزين
الذي نُفيتُ إليه بعد موتكِ
بعد كلّ هاته السنين…
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.