⁩الابتلاء سُنَّة الله في الأرض بقلم الداعية الإسلامي مهندسة بهيرة خيرالله⁩

⁩الابتلاء سُنَّة الله في الأرض بقلم الداعية الإسلامي مهندسة بهيرة خيرالله

– ونحن ننظر هذه الأيام ما أصاب البشرية من ابتلاء بالدَّاء الذي لم يُعرف له بعدُ دواء “كورونا كوفيد – 19″ ، وننظر ما أصاب من حولنا من الدول من حرائق وتدمير وخراب وقتلي ومصابين في لبنان والإمارات وأفغانستان وكوريا الشمالية ؛ وكذلك الفتنة بين المسلمين حتي يتقاتلوا ويتهاجروا كما هو واقع بين الدول حولنا التي تدين بالاسلام قولا لا فعلا فتغير وتنهب وتقتل وتسفك الدماء !!. .. يجب علينا أن نعرف أنه ابتلاء من الله عز وجلَّ .

– يقول تعالي : { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } [الأنبياء: 35] والفتنة هي الابتلاء والامتحان والاختبار ، مأخوذة من قول ” فتنت الذهب والفضة ” أي أذبتهما بالنار ليتميز الردئ من الجيد .. والمعني أي نختبركم أيها الناس بالشدة تارة وبالرخاء تارة ، وإلينا تردون فتحاسبون علي هذا الاختبار حسنه وسيئه .
& ويقول تعالي مُبينا الغاية من الابتلاء : { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الأعراف: 168] أي لعلهم يرجعون إلي الله طائعين شاكرين حامدين منيبين مستغفرين . وقال تعالي : {أحَسِبَ النَّاسُ أن يُترَكُوا أن يَقولوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفتنون (2)}[العنكبوت]. وقال تعالي في أكثر من آية : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }، وعلي حسب العمل يكون الجزاء .

– والابتلاء سُنة الله في خلقه ، والله تعالي يبتلينا ليربينا؛ يبتلينا بالشدة والرخاء ، بالنعم والمصائب ، والخوف والجوع ، والصحة والمرض، والغنى والفقر، والعز والذل ، يبلوكم بما تكرهون وبما تحبون . وهو اختبار المهم نتيجته ، ليميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق، ولإظهار المُحب من المُبغض، والصديق من العدو، والرحيم من القاسى القلب .

– والناس حين نزول البلاء ثلاثة: فريق يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر فهذا محرومٌ من الخير ؛ والثاني يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله ، والثالث يقابل البلاء بالرضا والشكر؛ وعلي مقدار الصبر علي الابتلاء يكون الثواب ؛ وقد قال رسول الله (ص) : (( أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، فُيبتلى الرَّجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتي يتركه يمشي علي الأرض ما عليه خطيئة )) . وقال (ص) : ( عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمره كله خير ، وليس ذلك إلا للمؤمن : إن أصابته سراءَ شكر فكان خيرًا له ، وإن أصابته ضراءَ صبر فكان خيرًا له ) .

– وفوائد الابتلاء متعددة ، فمنها إفاقة للعبد من المعاصي وفتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله تعالي . ومنها تكفير لسيئاته ومحو لخطاياه وحطًّ لذنوبه وأوزاره ، كما قال النبى (ص) : (( ما يُصيب المسلم من نصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا همٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذىً ولا غمّ ، حتى الشوكة يُشاكها ، إلا كفَّر الله بها من خطاياه )) . وقد يكون الابتلاء استدراجاً لجاحد النعم الكافر بالمُنعم ، فقد يبتلى بالعطاء والإنعام : زيادة فى الرزق ، وصحة الجسم ، وعلو المناصب والسلطان ، وغيره من زينة الحياة الدنيا ، يُستدرج بها حتى يعتقد أنه عند الله خيرٌ من المؤمنين ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر ، وهو قوله تعالى :{ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } [القلم]. ومنها رفع الدرجة والمنزلة فى الآخرة . ومِنَ الناس مَن يقوى إيمانه ويزداد يقينه ويعلم معنى الإيمان بالقدر وأن ما أصابه ما كان ليخطأه وما أخطأه ما كان ليصيبه وأنه لا ينفع ولا يضر إلا الله عز وجلَّ ، كما قال تعالي : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} [الحديد] .

… فلنجعل هذه الآيات هي العمدة فى حياتنا ولا يسعنا إلا الرضا بالقضاء والصبر علي البلاء والشكر علي النعماء لننال الجزاء ، ونقول كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “ما أصبتُ ببلاءٍ إلا كان لله عليَّ فيه أربعُ نعمٍ : أنه لم يكن في ديني ، وأنه لم يكن أكبر منه ، وأني لم أحرم الرضا به ، وأني أرجو الثواب عليه “. جفت الأقلام ورفعت الصحف ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا ملجأ منه إلا إليه ، وما لنا من دونه من ولي ولا نصير .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.