﴿حَتَّى إِذَا بلَغَ أَشُدَّهُ وَبلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً

﴿حَتَّى إِذَا بلَغَ أَشُدَّهُ وَبلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾

 

 

﴿حَتَّى إِذَا بلَغَ أَشُدَّهُ وَبلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾

 

بقلم: د. رحاب أبو العزم

 

لقد تجاوزنا الأربعين

 

حينما يتقدم بنا العُمر..ونرى بداية الحصاد؛ حصاد ابن أنجبناه وربيناه…. حصاد عمل بدأناه في العشرينات من العمر..حصاد علم درسناه فاستفدنا منه واستفاد منه غيرنا..حصاد اختيارات صائبة واختيارات قد جانبنا فيها الصواب….هي مرحلة ما بعد الأربعين؛ مرحلة مختلفة في مظاهرها وعمق لحظاتها…مرحلة تجبرنا أن نقف.. لتدفعنا إلى التأمل في وريقات العمر الماضي.. مرحلة تهيء لنا منظومة فكرية وعاطفية مستقبلية مختلفة؛ فنحن فيها لا نحتاج إلى الحب فقط بل إلى فهم أفكارنا واحترام آمالنا وتقدير كياننا، نحتاج علاقات تسمح لنا أن ننام بهدوء وراحة بال فقد سأمنا علاقات الغموض التي لا وفاء فيها ولا عهد…

نحتاج علاقات نرى من خلالها جمالًا لكل شيء.

بعد الأربعين نحتاج علاقات تجعلنا نبتسم لنعيش السلام الداخلي.
نستحق علاقات مُريحة دون مواقف تُقلقنا ولا أجوبة تُحيرنا…

 

الأربعون مفترق الطريق

بعد تجاوز الأربعين من العمر نقف في مفترق الطريق؛ يغلب علينا التمني بطول العمر ونخدع أنفسنا بمقولة “ما العمر إلا رقم” متجاهلين وعن قصد أن ما عشناه في طفولتنا وبداية شبابنا ذهب بلا رجوع، وأن ما نظنه مجرد رقم يستحيل عودته، ويأبى العقل تسلم الراية وحده، وتأبى العواطف الاستسلام لمنتصف الطريق؛ فنجدها وقد امتطت جوادها تجاه التحدي لتزداد قوة وسرعة؛ فيرتمي العقل بين أحضان شريك لراية المستقبل، وترتمي المشاعر بجوادها بين ضلوع السند الإيجابي.

الحقيقة هي وجوب شكر النعمة

 

يقف الإنسان السوي في مفترق الطريق وقد بلغ تمام القوة العقلية والبدينة حين تجاوز الأربعين ليعيش اليقين بحتمية التوجه إلى بارئه عز وجل ليشكره تمام الشكر، ويسأله بكل خضوع أن يعينه على شكر عظيم نعمائه التي أنعمها عليه طوال ما مضى من العمر، وعلى جل نعمائه التي أنعمها على والديه، ويواصل دعاءه وخشوعه لله تعالى سائله أن يعينه على إتمام عمره بالعمل الصالح المقبول، وإنهاء كل باطل كان يعيش عليه، وأن يبارك الله في ذريته ويصلح شئونهم ومعاشهم.

الأربعون هو التوبة النصوح

 

يقف الإنسان السوي عند الأربعين كارهًا للظلم، راغبًا لرد المظالم والديون، مؤمنًا بأن ما بقي من العمر ليس بكثير كي نضيعه وراء مفاسد الكبر والغرور والكيل بمكاييل الظلم والإفتراء.
بعد الأربعين -ليس لنا اختيار آخر- يجب أن نقف عند قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ كي يتوب مضيع الصلاة، وشارب الخمر، وقاطع الرحم، وآكل أموال الناس بالباطل، ومهلك أموال اليتامى، وآكل الربا، كي يتوب مدمن الإباحية، ومدمن المخدرات، ومدمن البطالة، كي يتوب الظالم لزوجته المستهز بوصية سيد الخلق «استَوْصُوا بالنساء خيرًا »، كي تتوب الخائنة لزوجها، كي يوفي كل ناقض للعهد والوعد.

سؤال وجب على نفسي أن أسأله لنفسي وتسأله كل نفس قد تجاوزت الأربعين إن لم نتب بعد الأربعين فمتى تكون التوبة؟

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.