المجتمع ذو اللون الواحد “الرأي و الرأي المعدل”

كتب محمد وليد علي

المجتمع الذي تحدثنا عنه في المقال السابق يستحيل أن يتواجد به رأي آخر ، و طالما تحاكت أمم عظيمة بأنها قد نوعت بين أفرادها و أنشأت ساحة من التنوع الفكري و الفلسفي ، الذي أدى إلى بناء قاعدة معلومات منوعة و أفكاراً متعددةً و حلولاً مميزةً خارج الصندوق ، و على النقيض تأتي تلك المجتمعات الأخرى تتفاخر بما لديها من وحدة للفكر ، و أن تلك الوحدة الفكرية قد جعلت منها مجتمعات قوية ،

و بلا شك انها حقا قوية ، لكن السؤال الحقيقي هل مجرد القوة تكفي ؟ و هل حقا من الجيد اتباع فكرة قوية لكن من الممكن جدا ان تكون غير صحيحة إطلاقا ؟ يواجه ذلك المجتمع مشاكل عديدة امام كل جديد ، و في معظم الأحيان يفر هارباً من أي حداثة تقترب منه خوفاً من مواجهتها ، و لكن بعد حقبة زمنية يكتشف ذلك المجتمع أن ركب الأمم قد سبقه بملايين الأميال و ما زال هو متمسك بنفس عبائة والده ، فعندما يبدأ بالتفكير لا يأتي على باله أبداً خلع ثوب الماضي و المضي للمستقبل بل إنه يزيد تمسكا بعبائة والده بعد أن يرقعها ، الترقيع يكمن في خلق آلية تصنع آراءً تبدو مختلفة عن الرأي الأصلي لما بها من حداثة ،

و الغرض منه فقط ابداء و إظهار أن هناك رأي آخر و تنوع فكري لا محدود ، لكن في الأساس في إن هذه العملية تتم بشكل دقيق جداً ، يجب أن نعلم في البداية أن الهدف منها قشرة خارجية جميلة ليس إلا ، يتم في تلك العملية ينتج مزيج مصنع بعناية من حداثة الحاضر التي تتعايش بها بقية الأمم التي تفكر ، و نفس ثوب الماضي المهترئ ،

و في ذلك المزيج شروطاً أصيلة يصعب التخلي عنها في المجتمعات التي نتحدث عنها ، على سبيل المثال ، إذا تعارض شيء من الحداثة مع ثابت من ثوابت هذا المجتمع فتباً للحداثة مفضلين الرجوع للخلف ، لابد أن تتلائم الحداثة مع ما يعتقده المجتمع تماما ولا يحدث أي لَبْس ،

و عندما نأتي إلى الحقيقة نرى أنه عبارة عن وجود رأي أصلي ثابت موحد و رأي مشابه و متطابق مع الرأي الأصلي تماما مع بعض التعديلات ، و الهدف الأساسي من هذا الوضع مشابه للمقال السابق ، حالة دفاع لمن يستنكر على هذه الأمم الجمود و الركود ، و تمثيل مسرحية هزلية لإثبات تنوع و انفتاح مزعوم ،

و لكن يبقى المجتمع على ما هو عليه دون الجرأة على التفكير في عكس ذلك او شك ، و إنما تعيش تلك المجتمعات حالة شك اليقين و الذي سأتحدث عنه في المقال القادم.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.