جرعة أنوثة| “أنتِ روعة ولستِ عورة”
بقلم| بسنت يوسف
أصبحنا فى عام 2018 ومازال هناك من ينعت الأنثى ويصفها ب(عورة)…….
صوتها عورة..ضحكتها عورة..جسدها عورة..لباسها عورة..عملها عورة..رأيها عورة..فكرها عورة.
ينشق من هذا الفكر العقيم الجاهل جانب آخر وهم من يدعون ان الانثى سبب كل شر وبليه، فلا يرددون فى وجه المرأة سوى جملة واحدة( انت سبب كل شئ ).
_ إذا تحرش بها أحد.. أنت السبب.
_ اذا تطلقت.. انت السبب.
_ إذا ضربت.. انت السبب.
_ اذا خانها زوجها او خطيبها.. انت السبب.
قديما فى عصر الجاهلية كانوا يعتبرون الانثى رمز للعار والفتن، والذكور رمز العزة والكرامة والفخر، فكان من ينجب أنثى يتوارى عن أعين الناس خوفا من الفضيحة، وكان المهرب الوحيد أمامه هو وأد البنات دفنها حية، أما اليوم لا يتردد بعض الرجال فى دفن أنثاه سواء أخت أو أم أو ابنة أو زوجة فى المنزل كونها عورة، فقد تختلف الأحداث وتتنوع المظاهر ليظل الأشكال قائم و المبدأ واحد.. مبدأ عقيم خالي من الرحمة والإنسانية، هناك من يحرم ابنته من التعليم لكونها انثى، وهناك من يحرمها من العمل لكونها انثى،وهناك من يحرمها من الخروج واستنشاق الهواء لكونها انثى.
فيا من تنعت الانثى ب( عورة) هل تعلم معنى العورة قبل ان تنطقها؟!
_ معنى العورة في الإسلام:
هى ما يجب ستره، ويحرم كشفه طبعا وشرعا فالألفاظ العربية محددة الدلالة، ولا يمكن صرفها من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة قاطعة، وعورة المرأة بالنسبة المحارم ما عدا الوجه والرأس واليدين والقدمين، وبالنسبة للرجل الأجنبي جميع جسمها ما عدا الوجه والكفين على خلاف بين الفقهاء، والمرأة غير المسلمة كالرجل الأجنبي، وعورة المرأة المسلمة على المرأة المسلمة كالرجل على الرجل ما بين السرة والركبة، ولا عورة بين الزوجين.
_ معنى العورة فى اللغة:
يعني الخلل أو النقص أو العيب فى الشئ والاستحياء من ظهوره.
الفكرة هنا ليست تحليل جسد المرأة، فإذا كان جسد المرأة عورة فهناك ايضا مواضع فى جسد الرجل عورة، فكما هى مكلفة بلباس يستر جسدها وعورتها من أعين الناس، فالرجل ايضا مكلف بأن يستر عورته أمام الناس و يتناسى مقولة( أنا رجل)فليس هناك فى الشريعة تصنيف جنسى للحلال والحرام، ولكن الفكرة هنا فى الفكر الشائع عند اغلب الذكور وليس الرجال أن المرأة ملكية خاصة يفعل بها ما يشاء وما يحلو لة وكأنه اشتراها من سوق عكاظ.
الحقيقة أسخط على مجتمعنا العربى الذى يعطى للرجل وزنا وكأنه شئ مقدس مهما كانت عيوبه وأخطائه يبقى رجلا، أما الفتاة واجب عليها فى هذا المجتمع مساعدة الام و الانصياع لرغبة الأب وتحمل سخافات اخواتها الذكور، تعيش دائما مكبلة بالعادات والتقاليد والدين والأخلاق وربط اى حركة أو فعل بالعفة المذعومة وكأنها ترتكب أبشع الجرائم حتى ولو لم يكن فعلها مشين ولكنها أنثى!!!
يضعون لها قيود وبراثن من كل مكان وبدون سبب واضح، يضعفوا من عزيمتها.. يقللوا من شأنها اذا أرادت استكمال دراستها وتحقيق حلمها، ان تكون قدوة لغيرها بحجة أن الفتاة مهما بلغت من مناصب ورقى نهايتها لزوجها وأولادها وبيتها.
ولكن عذرا يا سيدى ما هو المانع فى أن أكون كما أريد وأصبح مسئولة عن بيت واولاد؟! إلا عقلك العقيم ورجولتك المفقودة.
لكم يا معشر الرجال وكأنكم لم تسمعوا بنساء العصر الاسلامى، وعلى رأسهم سيدتنا( خديجة) رضي الله عنها زوجة(رسولنا الكريم) علية الصلاة والسلام كانت تعمل بالتجارة، نساء هذا العصر حاربت وناضلت فى الحروب والفتوحات حتى احتلت الصدارة بجدارة، فالانثى ليست بعورة.. العورة عقلك لو انحصر تركيزه على جسد المرأة فقط.
الانثى عقل..كيان..وجود..انسان مثلك، ليست سوء يجب حجبها و موارتها.. فهي جوهرة يجب عليك صونها.
لك انت……
_ صوتك ليس عورة، رفع الصوت لن يقلل من قيمتك كانسانة ولكن ارفعي صوتك فى وجه كل مضطهد وكونى قوية واجعلي من صوتك سلاحا في وجه الظلم.
_ زينتك ليست تبرج، وهذا الامر ليس حكرا على الزوج وليس مخصص له فقط، كونى جميلة من أجلك انت.
_ تعليمك وخروجك للعمل ليس عيبا، المرأة ليست بنصف عقل بل هي إنسان كامل ذو قدرات وامكانيات تفوق عقل الرجل اساسا.
_ أخرتك المطبخ، ربما هذة أسخف مقولة سمعتها طيلة حياتى فهى تقلل من شأن المرأة ودورها فى المجتمع وحصرها فقط بالطبخ والتنظيف رغم أن المرأة متمكنة من الجمع بين عدة أعمال ويمكنها أن تفعل أى أمر تحبه وتريده.
اعلم ان هناك بعض السيدات يخفن من الابداع والظهور ويمتنعون عن تطوير أنفسهم فى كل المجالات خوفا مما يتعرضون له من هجوم ذكورى بحت وتسخيف من قدراتهم وشأنهم، نعم هناك ضعف فى تمثيل المرأة فى عدة جهات ولكن المطالبات قائمة ومستمرة من عناصر فعالة داعمة للمرأة ودورها فى المجتمع.
فكيف تقبلين بأقل مما تستحقين وانت رمزا للقيادة وعنصر جوهريا فى كثير من المجالات؟!
أخرجي من هذه القوقعة وأهدمى كل الحواجز الواهية التى حالت بينك وبين تطلعاته، اكسري حاجز الصمت وارفضي تلك الوقائع المجتمعية الهزلية التى تهدف إلى استعبادك.
انت لست جسد محرم يثير الغرائز والشهوات والفتن، لا تسمحي لأحد أن يعاملك وكأنك كائن غير بشرى ظهورة يخدش الحياء العام، العورة هي ما تستحى منه ومن ظهوره لعيبه انما انت روعة الحياة وروحها.
تذكري يا عزيزتي ان عزتك فوق كل اعتبار وكرامتك اعز ما تملكين، لا تسمحى لاحد ان يوجه لك او لبنات جنسك هذة العبارات السلبية السامة، لا تمريرها مرور الكرام وكأنك دمية خرساء.
انت لست ناقصة ليكملها الرجل.
انت لست عورة ليسترها الرجل.
انت من تلد نصف المجتمع وتربي النصف الآخر.