السعودية بين الوعد والوعيد
بقلم/ أحمد السيد
انزعجت السلطات السعودية منذ مساء يوم الاثنين من هجوم كبير لحشرة صرصور الليل .
الأمر الذي أدى إلى تداول الخبر على مواقع السوشيال ميديا.
ومع البحث والتفتيش تأكدنا أنها حشرة صغيرة الحجم تشبه الجراد ولديها أرجل طويلة.
وذكرت صحيفة سبق السعودية على لسان حامد بن محمد متولي أستاذ فسيولوجي أعصاب الحشرات بقسم الأحياء بجامعة أم القرى قوله إن: “صرصور الليل المنتشر بشكل كبير نوع يعيش في الأماكن المظلمة والدافئة.
لكنه اعترف في الوقت نفسه بأن انتشار صرصور الليل الذي يتكاثر في الأوقات الباردة مثلما هو الحال الآن ويختفي خلال 4 – 6 أسابيع القادمة، في مكان واحد هو دليل على “عدم النظافة”.
كما أكدت الإمارة عبر تويتر أنها تسخّر كافة الجهود والطاقات والإمكانيات المتوافرة لديها لسرعة القضاء على هذه الحشرات حرصاً على سلامة ضيوفها.
وأضافت: “تم توجيه كافة الفرق المتخصصة بالعمل في المكافحة للقضاء على هذه الحشرات بعدد 22 فرقة مكونة من 137 فرد مجهزين بـ 111 جهاز مكافحة”.
وأعلنت الإمارة أنها قامت بالتركيز على مواقع توالد تلك الحشرة وتكاثرها بغرف تفتيش الصرف الصحي ومناهل مياه الصرف المكشوفة حول ساحات الحرم المكي، ودورات المياه المحيطة بالساحات الحرم.
وكان ثاني ما تداوله رواد مواقع التواصل الإجتماعي أن هذا الحادث الصادم والغريب على البيت الحرام على حد وصفهم من علامات “غضب الله” على ما يحدث في المملكة مؤخراً من السماح بإقامة الحفلات وخلافه من إجراءات ولي العهد السعودي الانفتاحية على حد وصفهم.
- وقد ذكرت بعض الصحف المحلية قبل أيام من أن المملكة تشهد الأيام القادمة هبوب الرياح التي لا تستقر على جهة معينة وهي الرياح الماكرة “الشبطية” والتي ستدخل يوم الجمعة المقبلة 11يناير، وتستمر لمدة 26 يوما، وكذلك وجود الرياح في تلك الأيام والتي تعمل على انتقال الحشرات من مكان لآخر.
ولكن من يتدبر كتاب الله يجد أن الأمر كله عبرة وعظة.
وكما قيل إتعظ بمن قبلك حتي لا يجعلك الله عبرة لمن بعدك.
وهي رسالة من الله وعبرة لمن يعتبر فهي ريح وليست رياح.
ولو تتبعنا آيات القرآن نلاحظ أن كلمة (رياح) بالجمع تأتي دائماً بالخير، أما كلمة (ريح) بالمفرد فتأتي مدمرة
. وجاء ذكر الرياح مجموعة دائماً مع الرحمة. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الفرق بينهما.( الغالب أنَّ الواحدة تكون في الشرِّ، والرياح المتتابعة يكون فيها خير: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ[الروم:46]، والريح العاصفة في الغالب تكون شرًّا، لكن مهما كانت -سواء ريح شديدة أو رياح متتابعة- نسأل الله خيرها، ونتعوَّذ بالله من شرِّها، والغالب أن الرياح المتتابعة تكون خيرًا: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ.
- ، وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ[الأعراف:57].
] وأما في حالة الريح الشديدة والمدمّرة فقد قال تعالی: ﴿فَلَمّا رأَوهُ عارِضاً مُستَقبِلَ أَودِيَتِهِم قالوُا عارِضٌ مُمطِرُنا بَل هُوَ ما استَعجَلتُم بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أليمٌ﴾. [13] و روي أن النبي (ص) كان يقول إذا هبت الريح: «اللّهُمَّ اجْعَلهَا رِياحاً وَلاتَجْعَلْهَا رِيحاً». [14]؛ لأن علی العموم ما جاء بلفظ الرياح يدلّ علی الرحمة وما جاء بخلاف ذلك يدلّ علی العذاب والهلاك . ويقول صاحب البرهان في علوم القرآن: «… ونقل السيوطي – رحمة الله – عن ابن أبي حاتم أنّه نسب لأبي بن كعب أنه قال: كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة وكل شيء فيه من الريح فهو عذاب». [15] و نری أنّ الريح مستعملة بمعني الرحمة أحیانا، في قوله تعالی: ﴿هُوَ الذِي يُسَيّرُكُم فِي البَرِّ والبَحرِ حَتّی إذا كُنتُم فِي الفُلكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها…﴾. [19].
لكن هناك سؤال وهو لماذا ذكر لفظ الريح علی خلاف العادة بمعنی الطيبة ولم يذكر لفظ الرياح؟
فأُجيب: إن هذه الريح الطيبة مرتبطة بعذاب بعدها مباشرة، وكأنّها تعبر عن الهدوء الذي يسبق العاصفة، فيبدو الهدوء ظاهراً وإذا به يخبيء عذاباً ودماراً، وهذا ما يتضح عند تكملة الآية «جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَ جَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ظَنُّوا أَنَّهُم أحِيطَ بِهِم
وقد وردت الریاح بصيغة الجمع في القرآن الكريم عشر مرّات، مذكورة في: سورة البقرة آية (164)، والأعراف (57)، والحجر (22)، والكهف (45)، والفرقان (48)، والنمل (63)، والروم (48و46)، وفاطر (9)، والجاثية (5).
وأما كلمة «ريح» ذکرت صريحا أربع عشرة مرة في سورة: آل عمران (117)، وذكِرت مرّتان في يونس (22)، ويوسف (94)، وإبراهيم (18)، و الإسراء (69)، والأنبياء (81)، والحجّ (31)، وسبأ (12)، وص (36)، والشوري (33)، و الأحقاف (24)، والذاريات (41)، والحاقّة (6). کما أن كلمة «ريحاً » ذکرت أربع مرّات في سورة: الروم (51)، والأحزاب (9)، وفصّلت (16) والقمر (19).
ذُکرت الريح خمسين مرة في آيات شتّی بالأسماء والأحوال والآثار المختلفة. ومن تلك الأسماء هي: الحَاصِب، والذارِيات، و الرُّخاء، والسَّموم، والصَرْصَر، والطُّوفان، والعَاصِف، والإعْصَار، والعَقِيم، والقَاصِف، واللَّوَاقِح، والمُبَشِّرَات، فيجو المرسلات، والناشِرَات.
وختاماً فهذه ريح جاءت بعذاب فالجراد وغير ذلك من الأشياء التي يرسلها الله لينذر ويعذب بها كما جاء في القرآن الكريم. (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ۖ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْصهَا غَافِلِينَ (136).
فيجب علينا أن لا نجعل الأمر يمر دون عبرة وعظة، ويجب علينا التوبة والرجوع إلى الله، ونحمده في الرخاء فيحفظنا في الشدة والسلام.