كتب: هاني سليم
يحمل مسلسل «2 قهوة» طابعًا اجتماعيًا رومانسيًا مع لمسة درامية عميقة، حيث تدور أحداثه حول شخصية يحيى الوكيل، شاب في أواخر الثلاثينات من عمره، أنيق الطلة وهادئ الملامح، ينحدر من جذور صعيدية أصيلة، لكنه اختار أن يشق طريقه في العاصمة القاهرة بعيدًا عن تقاليد الصعيد الصارمة.
خلال سنوات دراسته الجامعية، بدأ يحيى في بناء شخصيته المستقلة، حتى أصبح لاحقًا كاتبًا وإعلاميًا لامعًا، يمتلك برنامج “توك شو” شهير يناقش القضايا المجتمعية بجرأة ووعي، الأمر الذي جعله واحدًا من أكثر الإعلاميين تأثيرًا في الأوساط الثقافية والإعلامية.
ومع نجاحه المهني، لم يكن يحيى يتوقع أن يقع في حب فتاة تنتمي إلى طبقة اجتماعية مختلفة تمامًا عنه، هي نيللي، فتاة أرستقراطية تمتلك كافيه راقيًا في منطقة الزمالك الراقية. تعرف عليها بالمصادفة خلال لقاء تلفزيوني جمع بينهما، وسرعان ما انجذب كل منهما للآخر بسبب تشابه أفكارهما في البداية، فجمعتهما علاقة حب قوية اتسمت بالانسجام والتفاهم في معظم تفاصيلها.

غير أن هذا التفاهم لم يستمر طويلًا، فمع مرور الوقت بدأ يحيى يلاحظ تباينًا كبيرًا بينهما في الرؤى والقيم ونظرة كل منهما للحياة. فالبيئة التي نشأت فيها نيللي تختلف كثيرًا عن تلك التي كوّنت شخصية يحيى، لتتحول العلاقة الهادئة إلى صراع داخلي بين القلب والعقل، بين العاطفة والاختلاف الطبقي والفكري.
يزداد الصراع تعقيدًا عندما تظهر طليقة يحيى في المشهد مجددًا، حاملة معها مزيجًا من الندم والرغبة في استعادة ما فقدته، ليس فقط من أجل ابنتها، بل أيضًا من أجل الرجل الذي ما زال يحتل مكانة خاصة في قلبها. وهنا يجد يحيى نفسه في مأزق حقيقي بين ماضيه وحاضره، بين مسؤوليته كأب واندفاعه نحو حب جديد قد لا يتحمل الفوارق الكثيرة التي تفصله عن نيللي.
ومع تصاعد الأحداث، يتناول المسلسل قضايا مهمة تتعلق بالفروقات الطبقية والفكرية في المجتمع المصري، وتأثيرها على العلاقات الإنسانية والعاطفية، كما يسلط الضوء على التناقضات بين المظاهر الراقية للحياة الحديثة وبين الواقع المليء بالصراعات النفسية والاجتماعية.
ويقدم مسلسل «2 قهوة» مزيجًا من الرومانسية والدراما الواقعية، حيث يسعى المؤلف عمرو محمود ياسين إلى الغوص في أعماق النفس البشرية وتحليل العلاقات المعقدة بين الرجل والمرأة في ظل ضغوط الحياة العصرية. ومن جانبه، يقدم المخرج عصام نصار رؤية بصرية متميزة تجمع بين الواقعية والأناقة في تصوير المشاهد، مما يجعل العمل أقرب إلى لوحة درامية متكاملة.
يشارك في بطولة المسلسل نخبة من الفنانين الذين يضفون على العمل ثراءً فنيًا واضحًا، منهم مي القاضي التي تقدم شخصية نيللي الأرستقراطية بطريقتها الخاصة، ونانسي صلاح، ومحسن محيي الدين، وإسماعيل فرغلي، وحازم إيهاب، وإيهاب فهمي، وأحمد الشامي، وهبة الأباصيري، وعمر رياض.
ويُنتظر أن يكون هذا العمل من أبرز المسلسلات التي ستجذب انتباه الجمهور لما يتناوله من قضايا واقعية تعكس العلاقات الإنسانية بتفاصيلها الدقيقة، خاصة تلك التي تجمع بين الرومانسية والتحدي الاجتماعي.
إن مسلسل «2 قهوة» لا يكتفي بتقديم قصة حب عادية، بل يقدم انعكاسًا صادقًا لرحلة الإنسان في بحثه الدائم عن التوازن بين مشاعره ومبادئه، بين ما يريده القلب وما يفرضه الواقع. فهو عمل يجمع بين الدراما الهادئة والمضمون العميق، ويؤكد أن الحب مهما كان صادقًا قد يصطدم أحيانًا بأسوار الحياة التي يصعب تجاوزها، وأن لكل فنجان قهوة – مثلما يوحي عنوان المسلسل – طعمه المختلف، تمامًا كما لكل قصة حب نهايتها الخاصة.


