الدكتورة نشوي أحمد تكتب :مشاهدة واحدة تكفي ومشاهدات عديدة لا تكفي
الدكتورة نشوي أحمد تكتب :مشاهدة واحدة تكفي ومشاهدات عديدة لا تكفي
كثيرًا ما نشاهد أعمال لمرة واحدة فقط ولا نقوى علي مشاهدتها ثانية فقد يرجع هذا إلي مدى واقعية العمل الشديدة وتصويره للواقع الحقيقي المؤلم الذي نعيشه بدون تزييف أو تجميل.
فمثلاً فى فيلم بنتين من مصر هو فيلم يحكي عن القضايا النسائية مثل العنوسة فى إطار مجتمع يعاني من القهر والكبت كما تحدث عن البطالة والبحث عن لقمة العيش وضياع الأمل. من أكثر المشاهد المؤلمة التي لا أقوى علي مشاهدتها مشهد غرق العبارة حينما أتصلوا علي أخته لتتأكد من نجاة أخوها ام لا فذهبت هي وأبنه عمها ومدى أحساسهم بالخوف عند القرب من كل جثة ولحسن الحظ وجدوه علي قيد الحياة ولكنه أصبح شبه ميت فالحادث تسبب له بالشلل والزامه الفراش فإلي متي سنعيش وأحلامنا وطموحنا شبه ضائعة وعارية يعصفها الريح حيث يشاء.
وثاني فيلم هو الشوق يحكي الفيلم عن أسرة بسيطة فقيرة فى إسكندرية عجزوا عن إنقاذ طفلهم الوحيد المريض بالفشل الكلوي وتلجأ الأم إلي التسول وتكمل فيه حتي بعد ضياع أبنها لحماية أسرتها من الفقر ولكي تحافظ الأم علي سرها تهدد كل الجيران بأنها ستفضح سرهم بالمقابل المحافظة علي سيرة بناتها وشرفهم. الشوق يضعنا أمام شخصيات من لحم ودم عانوا من الفقر والجوع والأحتياج وضياع الأمل والشرف فمن المشاهد المؤلمة التي لا أقوى علي رؤيتها مشاهد مرض الطفل وهو يعاني من المرض وهم جالسين بجواره مكتوفي الأيدى لا يقوون علي فعل شئ لعدم توافر سرير بالمستشفي له.
ثالث فيلم هو باب الحديد وتدور أحداث الفيلم بداخل سكة حديد مصر وأطرافها الثلاثة هم بائع الصحف الأعرج “قناوي” (يوسف شاهين) الذي يقع في حب بائعة المشروبات الغازية المثيرة “هنومة” وتلعب دورها الممثلة المصرية الراحلة هند رستم التي تحب حمّال المحطة “أبو سريع” ويجسد دوره الممثل الراحل فريد شوقي.
من المشاهد الؤلمة التي من الصعب مشاهدتها لحظة قتل صديقة هند رستم بالخطا بدلا منها وأخر مشهد عندما أخذوه إلى مستشفى الأمراض النفسية فهذا الفيلم لم يسبب لي أنا فقط التعاسة ولكن علي المخرج أيضاً فبعد هذا الفيلم أنهالت عليّه الكوارث وتم حجز على عفش بيته وهرب منه المنتجون وأضطرر أن يعيش ثلاث سنوات أطلق عليها السوداء في حياته.
رابعاً فيلم الحقونا للمبدع نورالشريف الفيلم يتحدث عن سرقة كليته بدون علمه حيث يتبرع “قرشي” بدمه لرجل الأعمال الكبير رأفت “عادل أدهم” المصاب بفشل كلوي وتتكرر عملية نقل الدم مقابل تعيينه سائقا لسيارته وتجرى عملية جراحية لقرشي ويتم أستئصال كليته دون علمه ويحاول قرشي الحصول على حقه.أصعب مشهد وهو يحلم لحظة العملية ويفزع من نومه قائلاً “كليتي” ولا نستطيع أبداً أن ننسي جملة “سرقونا حتي لحمنا” كانت كافية أن تعبر عن مغزى الفيلم ومعاناة الإنسان من القهر والظلم والفقر والإحباط وعدم الامان في بلده.
علي الناحية الأخري هناك افلام مهما شاهدتها أكثر من مرة لا تمل منها.
علي سبيل المثال فيلم العار فهو فيلم أكثر من رائع, مباراة سينمائية حية بين ثلاث شخصيات أروع وأقيم من بعضها الآخر فكل بطل دارس دوره بحرفية شديدة.. كل لقطة… كل مشهد….مدروس إن صح القول كل شئ مدروس.. ….كل شئ محسوب ونشاهد الفيلم في كل مرة برؤية ونظرة جديدة ونستمتع أكثر بالتفاصيل.
ثاني فيلم هو بطل من ورق مايميز هذا الفيلم هو بساطته وبساطة أداء الفنان ممدوح عبدالعليم الذي يحكي أنه كاتب روايات رعب وكاتب الآلة الكاتبة المنوط بكتابة روايته ع الآلة الكاتبة يسرقها ويطبق كل مافيها حرفيًا.
أضاف الفنان ممدوح عبدالعليم فى هذا الفيلم تفاصيل بسيطة أعطت للفيلم رونق مثل اللغة الريفية والمنديل والإفيهات التي لانزال نرددها “مابيعرفش يوقفها” و”ياسنه سوخة ياولا” بالإضافة إلي الدويتو الرائع مع الصحفية سوسن”أثار الحكيم” فمن جمال رامي كشوع هو صدقه فى إصراره لمحاولة إثبات الحقيقة حتي بعد مغالطة كل الناس له ومهما مرت الأيام والسنوات علي فيلم بطل من ورق لا نزال نشاهده بدون ملل ونضحك علي كل مشهد وإفيه.
وثالث فيلم هو الرجل الثاني حيث يعتبر من أهم أفلام السينما المصرية ومن العلامات الفارقة في حياة الفنان الراحل رشدي أباظة الفنية (عصمت كاظم) وكيمياء الاداء الرائعة بين كل صناع العمل الـفـيـلـم.
يـحـكــى عـن عـصـابـة دولـيــة لـتـهـريـب الـمـجـوهـرات بـيـن الـقـاهـرة وبـيـروت الـرأس الـمـدبـروالـمـحـرك والـمـخـطط لـهـذه الـعـصـابـة هـو عـصـمـت كـاظـم الـرجـل الـثـانـى فـى الـعـصـابـة وتـعـاونـه عـشـيـقـتـه الـراقـصـة سـمـرة الـتـى تـعـمـل فى الـمـلـهـى الـذى يـديـره وتـأتـى الـمـطـربـة لـمـيـاء لـلـعـمـل فـى هـذا الـمـلـهـى عـدة أحـداث مـثـيـرة وبـمـعاونـة الضابط السورى والمطربة لمياء والراقصة سـمـرا يـتـم الـقـبـض عـلـى أفـراد الـعـصـابـة الـدولـيــة.
ومن المشاهد الرائعة التي أنتظر وأستمتع لروعة الأداء لحظة نزول سامية جمال من علي السلم وتقول أتكلم ياأكرم من أروع المشاهد حقاً التي ظهر فيها جمال ورونق سامية جمال وسلاسة التمثيل مع رشدى أباظة وصلاح ذوالفقار وصباح ولحظة تحول رهيبة من كونها مع العصابة وزوجها الذي خانها وترك أبنتها تموت إلي أن يتم الكشف عن حقيقة الرجل الكبير
رابعاً فيلم فيلم النمر والأنثى يتم تكليف الضابط وحيد (عادل إمام) بالتنكر والدخول وسط عصابة أكبر تجار المخدرات عبده القماش (أنور إسماعيل) لكي يقبض عليه متلبسا ويتفق اللواء حسني”يوسف داوود” مع فتاة الليل التائبة نعيمة (آثار الحكيم) التي تشبه ياسمين على أنتحال شخصيتها وتوهم القماش أن وحيد زوجها ومعها أبنها تامر (ماهر عصام) فيصدق القماش الأمر في البداية إلا أن شقيقته عدلات (عايدة عبد العزيز) تكشف للقماش الأمر ويقرر القماش الأنتقام من وحيد ونعيمة فيدسون المخدرات لوحيد في القهوة إلى أن يصبح مدمناً ويدبرون له حادث سيارة ينجو منها وحيد ونعيمة وتامر بأعجوبة ثم ينعزل الثلاثي في مكان بعيد إلى أن يشفى وحيد من الإدمان في الوقت الذي يعتقد فيه القماش ومساعديه أن وحيد ونعيمة والطفل قد قتلوا في الحادث يقوم القماش بعملية التهريب بكل ثقة بعد أعتقاده أن وحيد قد انتهى فيظهر وحيد ويدخل في صراع مع القماش وعصابته إلى أن يقدمه مدان للعدالة ينتهي الفيلم بزواج وحيد من نعيمة بعدما فشل في التحكم في مشاعره تجاهها وطفلها فيقرر الارتباط بها للأبد.
هذا الفيلم صعب تحديد مشهد واحد فقط لكن أكثر المشاهد التي اعشقها لحظة كمين القبض علي القماش وظهور المركب ويقول القماش الكلمة وطريقة عرضها أكثر من رائعة لحظة الانتهاء من المخدرات لحظة انتهاء الفساد والظلم.
بعد هذا السرد نبين مدى أهمية هذه الأعمال كاملة علي حد سواء أكانت أحادية المشاهدة أو متعددة المشاهدة ودورها البارز فى السينما المصرية.
د نشوى احمد حسين
مدرس تمريض الصحة النفسية