أفراح القبة “بانوراما متكاملة الأبعاد” : بقلم نشوي أحمد
أفراح القبة “بانوراما متكاملة الأبعاد” : بقلم نشوي أحمد
الروائى”نجيب محفوظ”
مما لاشك فيه أن أدب نجيب محفوط هو أدب العقل , تتميز أعماله بالبساطة والسخرية ,والذكاء الذي يؤدى إلي الشك فلقد كان الشك هو أساس البحث عند نجيب محفوظ فهو عقل النهضة الأدبية.
فتتميز رواياته بأنه يري مبررالفعل الإنساني ودوافعه والعلاقة التي تحكم سلوك الأفراد وتدفعهم إلي الفعل فهو يرسم شخصيات إنسانية خصبة تمثل الإنسان في عجزه وضعفه وقلقه وضياعه كما تمثله في قوته وإرادته ونبله.
نبذة عن المسلسل
تدور أحداث المسلسل حول أحد الفرق المسرحية في فترة الستينات وأجتماع حول عرض نص مسرحي بعنوان “أفراح القبة” فحينما يبدأ الممثلون بقراءة النص ;يكتشفوا أن هذا النص يحكي حياتهم الحقيقية وأسرارهم الخفية فيرفضوا عمله , لكن مالك المسرح “الهلالي” يصر علي عمل النص وفي خلال العرض نكتشف المزيد والمزيد من الأسرار.
السيناريو والحوار (لمحمد امين راضي وأكملته نشوى زايد من بعده)
أستعانوا بفن الحكي والسرد فالحوار يوضح بكل براعة مبررات الشخصية ودوافعها ومعاناتها وصراعها ;فكل كلمة في موضعها. فهم أستطاعوا أن يحافظوا علي بلورة النص بإيقاع درامي رائع فائق الجمال , فعلي الرغم من إضافة بعض الشخصيات مثل فتنة وعبده أبو تحية وسنية وعلية أخوات تحية وأشرف شبندي إلا أنهم جعلوا الحوار متكامل البناء لا يستطيع أن يخل أي جزء منه عن الأخر.
المخرج “محمد ياسين”
هو مقاتل ومايسترو هذا العمل الفني , حيث أنه أختار نص صعب صياغته فنيأ وتمكن بكل حرفية أن يصيغه بجودة عالية . أستطاع أن يجعل كل مشهد حالة خاصة وعمل درامي كافي بذاته , جعل المتفرج يحفظ كل كادر.كل تفصيلة ,فالحوار كامل نردده في كل مرة نسمعه . أستخدم المخرج خاصية الفلاشباك وتداخل حدود الزمان والمكان : في البداية كانت غير مفهومة لكن بعد وقت وجيز جداً نكتشف أنها مبررة لتبين مدى تطور الشخصيات وهذا أساس نمط عمل نجيب محفوظ وهو “التغير”. كما تمكن محمد ياسين من تطبيق رؤية نجيب محفوظ حيث أنه نجح في جعله عمل جماعي , كل شخصية بطلة في حد ذاتها خصبة بأبعادها وتفاصيلها وعلاقتها مع الأخرين. والجدير بالذكر أنه أبرز عنصر الرمزية بكل براعة والحقيقة متعددة الأوجة وهل يمكن السماح في أخطاء الماضي والعلاقة بين الخير والشروكواليس المسرح وأسراره.
الموسيقي التصويرية “هشام نزية”
مما لاشك فيه أن الموسيقي هي من العناصر البناءة في العمل الدرامي , فلقد تمكن هشام نزية بتراكات الموسيقي التعبير عن صراعات الشخصيات ومبرارتها وكذلك الغموض الذي يحمل الكثير من الأسرار. موسيقي هشام نزية كانت الاصوات الداخلية للشخصيات ومرايا تعبيراتهم.
الديكور”محمد عطية”
هو عامل إبهار مبدع في هذا العمل من ديكورات المسرح وكواليسه وتباينه مع بيت حليمة وبدرية وسرية حجرة فتنة وجمال غرفة درية وفوضوية غرفة طارق.
الملابس ” مونيا فتح الباب”
ملائمة مع الحقبة الزمية من ملابس النساء والرجال.
الإضاءة “احمد رشاد”
الإضاءة الخافتة كانت معبرة عن الجو الزمني (الستينات) في مصر والتي كانت تعبر عن الظل في الكواليس وأركان المسرح والبيوت والعرف متوازية مع قوة الأحداث في الشارع أو علي خشبة المسرح.
المونتاج “أحمد العجاتي”
كان تحدى كبير بالنسبة له في التعامل مع خاصية الفلاشباك وربط الاحداث ببعضها البعض بدون إحساس المتلقي بالملل أو الرتابة أو الامنطقية.
الانتاج “الشروق للإنتاج الإعلامي”
حرفية في الإنتاج لإظهارالعمل بما رايناه عليه وهذا يدل أيضاً أن القائمين علي الإنتاج علي وعي بجودة العمل القائمين عليه.
الممثلين
فإختيار الممثلين عبقرية بحد ذاتها , فكل ممثل تشكل بحرفية مختلفة من مني زكي وتعبيرات وجهها وصمتها وحركة الجسد معبرة بشكل رائع , وأياد نصار الذى أبرز عقدة الشخصية بكل براعة لحظات القوة والضعف والغضب والبكاء كالأطفال, وصبري فواز الذى إلي الأن لا أستطيع أن أنسي طريقة أبتسامته المعبرة وأدائه البسيط السهل الممتنع, وصبا مبارك ذو الأداء المتميز الناضج مع الحضور والثقة العالية , ومحمد الشرنوبي الذي أدي دور مختلف عن الأدوار السابقة , فلقد أدى دور صعب ومركب وأظهر البحث عن الأنتصار للخير والتطهر من أثام الماضي والصراع بين براءة المشاعر ونار الأنتقام , وأيضاً أحمد السعدني فهو ضربة معلم مقارنة بالكثيرمن أدواره فلقد كان النكهة الجميلة في هذا العمل الفني , وأكاد أجزم أن هذا العمل نقلة كبيرة في تطور أداء السعدني.
كندة علوش من أكثر الأدوارتاثيراً علي وجه الخصوص , أهتمت بالكيف وليس الكم حيث أنها عملت في ٣ حلقات فقط ولكن دور “فتنة ” كان متميز جداً ذو كاريزما عالية لاتستطيع أن تدرك ردود أفعالها وهذاهو المبهر في أدائها, سلوى عثمان هو دور غريب وجميل في ذات الوقت فهي تحب رجلاً تعلم حق المعرفة إنه لايحبها ولكنه يأتي علي عتبتها عندما تتأزم علاقته مع “تحية” ولكنها أدت الدور بكل براعة, سوسن بدر أسمها كافي للحديث عنها فهي كليوباترا الدراما المصرية , صابرين أبدعت بكل المقاييس في كل مشاهدها وإحساسها بالفرح المنزوع بالكسرة والحسرة, جمال سليمان بسيط بدون تكلف ولا تصنع , سيد رجب الغائب الحاضر عمل دور الأب بكل واقعية , دينا الشربيني أستطاعت بكل براعة ان تجعلك تكرها بمجرد رؤيتها , رانيا يوسف الأخت الضحية من أجل أخواتها.
أفراح القبة هو عمل فني متكامل بكل المقاييس ذو نكهة متميزة بين الواقع والخيال.