” ٣٠ شرقاوي كريم عظيم في رمضان ” .. الشيخ محمود علي حسن .. موهبة فريدة وحب القرآن والتواضع أبرز صفاته

محمود علي حسن

مواليد ٢٦ يناير ١٩٧٣.

انا قارئ للقرآن الكريم معتمد بالاذاعة والتلفزيون ، وحاصل علي بكالريوس الزراعة جامعة الأزهر عام ١٩٩٤ ، وخريج معهد القراءات عام ١٩٩٨ وكنت من المتفوقين وتم تكريمي من الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك وشيخ الأزهر محمد السيد طنطاوي رحمهما الله .

بدأت رحلتي منذ كنت طفلا عمري اربع سنوات حين ارسلني والدي الي كتاب القرية  ببهنباي لحفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ ابراهيم ابو مهدي رحمه الله الذي توفي بعد سنة  ، والتحقت الي كتاب آخر وهو كتاب الشيخ الشيخ السيد عبدالهادي ، وقتها كان والدي رحمه الله  وهو حافظ للقرآن الكريم وناظر مدرسة بالتربية والتعليم كان بدأ يكتشف حلاوة صوتي وان كاتت  وقتها موهبة غير مكتملة .

كنت اعرف جيدا ان والدي يحب سماع القارئ الشيخ محمود علي البنا متابعا لحفلاته ومواعيد اذاعتها دائما ، فكنت اجلس دائما اقلد قراءة الشيخ البنا ليسمعني والدي ، واثناء تلك الفترة وعند سن الثانية عشر كانت موهبتي بدأت تتفجر وتظهر وتفرض نفسها وانا في المدرسة الابتدائية فقام والدي بنقلي الي المعهد الازهري الاعدادي ببهنباي ومنه الي المعهد الثانوي بالزقاريق وهو الذي تخرج منه الشيخ الامام الشعراوي وغيره من علماء الأزهر الشريف ، ومنه الي كلية الزراعة بالقاهرة .

في اثناء هذه المراحل التعليمية كنت قارئ دائم في جميع المناسبات والانشطة ، و اشتركت في جميع المسابقات الداخلية بمحافظة الشرقية ولم يكن لي ميل للمسابقات الدولية ، وفي عام ١٩٩٠ بدأت وانا شاب لم اكمل العشرين عاما الاحتراف الحقيقي حيث اتذكر ان اول اجر تقاضيته كان ٢٥ جنيه مشاركة بالقراءة  في احدي المناسبات .

درست القراءات علي يد مشايخ كبار امثال الشيخ عبدالرحيم حبيب ، والشيخ عبدالرحمن الجندي ، وتقدمت للالتحاق بالاذاعة المصرية في عام ٢٠٠٠ ، ورغم انبهار اللجنه بي وبخامة صوتي واجادتي لاحكام التلاوة وقولهم لي انك صاحب مدرسة خاصة وغير مقلد اعطوني مهلة ٦ شهور للاهتمام ببعض الملاحظات ، ورجعت بعدها في عام ٢٠٠١ واعطوني مهلة اخري ٣ شهور ، وقتها انتابني شعور بانه لا مبرر لكل هذا حيث كنت اتقابل مع خبراء كثيرين يشيدون بصوتي ، لذلك لم ارجع مرة ثانية للاذاعة وقررت ان اكمل مسيرتي في المناسبات والحفلات .

ومرت سنوات وفي  عزاء والدة الاذاعي السيد صالح قدمني الدكتور عبدالله الخولي للقراءة ، وبعد ان انتهيت تحدث لي معتقدا انني عضوا بالاذاعة وتعجب من ذلك شدة التعجب ، حيث ان قدرتي تستطيع الدخول الي الاذاعة بسهولة وتخطي الاختبارات التي تشمل (  اختبار نصف الساعة وعرض اللجنه للتقيم ثم امسية وربع ساعة اخري وهواء  ) ، وبعد شهرين  تقابلت مع الاعلامي علاء الشرقاوي في احدي المناسبات وللمفارقة كان يوم ١٠ رمضان في عام ٢٠١٠ ،  واثناء حوارنا هو الآخر تعجب من عدم انضمامي للاذاعة ، وبعدها بايام قليلة وجدته يتصل قائلا ” اختبارك بعد ٤ ايام ” ، وبالفعل وجدت اذاعة القرآن الكريم تتصل بي محددة لي الموعد للاختبار .

ذهبت وكانت اللجنة مجمعة تشمل الاذاعة وللتفيزيون وبها مجموعة كبيرة من العمالقة اذكر منهم : الدكتور احمد المعصراوي ، والشيخ عبدالحكيم عبداللطيف ، الشيخ القارئ محمد محمود الطبلاوي ، اثنين من الموسيقين ، ومن التلفزيون محمد عبدالعظيم ومحمد عبدالعزيز ، وهكذا تم اعتمادي  عضو وقارئ بالاذاعة والتلفزيون عام ٢٠١٠ .

بلا شك هو والدي رحمه الله الحاج علي حسن ، كان راقيا متعلما حافظا لكتاب الله ، جعلني اعيش طفولتي بشكل طبيعي ، وحببني في القرآن الكريم ، ومازالت نصائحه حتي اليوم  امام عيني لا انساها واهتدي بها .

الرعيل الاول بلا شك احبهم جميعا مثل الشيخ محمد رفعت وعبدالباسط عبدالصمد ومحمود علي البنا وعبدالعظيم زاهر جميعم دون استثناء ، وجيل الوسط ايضا كثيرين امثال الشيخ شعبان الصياد ومحمد الليثي ومصطفي غلوش والشحات انور ، والجيل الجديد الاذاعيين احبهم جميعا لانهم يقرأون كتاب الله كما ينبغي من احكام وتلاوة وصوت حسن ، فالجميع من كل جيل له رونقه ومدرسته الخاصة التي تمتعنا وتزيدنا حبا في القرآن الكريم .

هي كثيرة ولكن اذكر موقف كنت في شهر رمضان واتصل بي احد الاشخاص اعرفه الساعة الثانية صباحا  ليتفق معي علي عزاء في نواحي مدينة ابو كبير ، وادركت فيما بعد عند وصولي ان اهل المتوفي غير قادرين وقالوا لمن اتصل بي ياريت تعتذر للشيخ محمود علي حسن ولكنه لم يتصل حتي  لا يتعرض لحرج كما يري ، وذهبت ولم اكن اعلم فصليت العصر في المسجد ووجدت تحركات وكلام جعلني افهم الموقف قررت داخلي ان اقرأ في هذا العزاء مجانا تقربا الي الله في شهر رمضان المبارك ، وفوجئت بثلاثة اشخاص يتحدثون معي عن انهم ابلغوا من اتصل بي ليعتذر ، وبدأوا يتحدثوا بشكل واسلوب اصابني بالاستياء عن نصف اجر وبالفاظ وطريقه لا تتناسب باي شكل من الاشكال مع اي شخص وخاصة من يحمل كتاب الله ، لكنني قلت لهم انا كنت انتوييت ان اقرأ مجانا ولكني ساقرأ ” ربع العصر الاول ” دون اجر من اجل احبابي وجمهوري الذي علم بوجودي ، ولكن اسلوبهم ذادني استياء حيث قال احدهم ” هو كدا لتاخد نصف اجر لو عاجبك وتخش ” ، تركتهم وركبت سيارتي الخاصة ووجدتهم يتحدثون لي مرة اخري علي ان انزل واتقاضي الاجر كاملا  ولكنني وقبل ان اتحرك قلت لهم : والله كنت في داخلي انتويت القراءة مجانا ولكن  لن ادخل وتعلموا ان ”  الانسان يعيش حياته من اجل تحقيق مبادئ الكرامة “.

كنت صغيرا وبعد دفن احد المتوفيين في قريتي انا ووالدي رحمه الله ، ونحن عائدين وجدته يشاور علي عدة بيوت متتابعة في القرية ويقول  لي تعرف من بيوت هؤلاء فاقول نعم هذا الدكتور فلان  وهذا المهندس فلان الخ ، قال يا محمود اتعرف ان الله سبحانه وتعالي اكرمهم جميعا من فضله لان اباءهم كانوا  حافظين للقرآن ، ومررنا علي بيت آخر وقال اتعرفه قلت نعم واعرف انه مقتدر ماليا قال والله كان فقيرا وما اغناه الا حفظه لكتاب الله ، ثم مررنا علي شخص قال تعرفه قلت نعم يقرأ في المقابر والبيوت ، قال لي والله ما يحفظ الا ثلاث سور هي يس وتبارك والواقعة ، ولا يخيب له الله ظن ولا رجاء وجيبه ملئ بالخير وبالاموال  ، وذلك لحفظه ثلاث سور فما بال من يحفظ ثلاثين جزء وهو القرآن كاملا من عطاء الله وكرمه.

الجمهور وجوده بالنسبة لي له واقع طيب في النفوس وهو دافع ولا معطل ، الجمهور الجميل الذي يعشق السماع يعطي بهجة وسعادة للمكان ، علي شرط ان يتحلي بالالفاظ العذبة غير الجارحة ملتزما باحترام وقدسية كتاب الله.

انا احب كل الناس وخاصة الشباب ، واسعد دائما بهم واتواصل باستمرار معهم ، وكنت في احدي المناسبات خرج احد الاشخاص  بصوت مرتفع يقول ” يا شيخ محمود ربنا هيكافئك وهيراضيك زي مخليت الشباب يسيب سماع اغاني المهرجانات والاسفاف دا واحببتهم في القرآن ” .

التواضع ، حسن اللقاء ، بشاشة الوجه ، التواصل واحتضان الجمهور .

الحفظ الدقيق لكتاب الله القرآن الكريم بالأحكام ، الدراسة الجادة علي يد مشايخ اصحاب سند بداية من الشيخ الي سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام ، الانكسار والتواضع ، وحب الناس .

هي كثيرة ولكن انا لا احب الا ان ينادوني بكلمة الشيخ وهو تكريم الله سبحانه وتعالي لي ولمن يحفظ القرآن الكريم  ، واحبابي من الجمهور يقولون لي دائما ( رضيت ام لم ترضي تمنعنا او لم تمنعنا سنناديك كما شئنا فنحن نراك القيصر والعندليب والكروان ) .

ليت الزمان يعود يوما ، فلو عاد للوراء لتغيرت اشياء كثيرة ولكنها اقدار الله يفعل ما يشاء سبحانه تعالي .

احتفظ لنفسي بها واتذكر قول  الله تعالي : ( و إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ ) صدق الله العظيم.

اتمني في هذه الايام ان يرفع الله البلاء عن مصر وان ينتهي مرض فيروس كورونا ويرفع الله الأذي والسوء عن عباده .

وان يهدي الله شبابنا وان يجعل القرآن ربيع قلوبهم وان يتجهوا اليه ليحفظوه ، ويركزوا علي عمل الخير .

الي الشعب المصري عليكم بالالتزام فهو طوق النجاة  ليرفع الله عنا البلاء ، كما فعل رسول الله عندما انتشر الطاعون فقال الا صلوا في بيوتكم الا صلوا في رحالكم.

في ظل الانفلات الاخلاقي الي الشباب والناس عليكم بتقوي الله والالتزام بالاخلاق الحميدة .