” الدور الاصلاحي لجماعة الخدمة في تركيا ” موضوع مناقشة الدكتوراة بالمعهد الاسيوي بالزقازيق غدا

IMG-20200815-WA0009

 

 

 

 

 

” الدور الاصلاحي لجماعة الخدمة في تركيا ” موضوع مناقشة الدكتوراة بالمعهد الاسيوي بالزقازيق غدا

 

 

 

 

 

 

 

 

يناقش غدا  الباحث عمر  صلاح الدين عليوة المسلمي رسالة الدكتوراة بالمعهد الاسيوي بالزقازيق ، بعنوان ” الدور الاصلاحي لجماعة الخدمة في تركيا دراسة تحليلية “، وذلك تحت اشراف   الدكتورة هدي درويش أستاذة الأديان المقارنة , ورئيس قسم الأديان والعميد السابق للمعهد الآسيوي جامعة الزقازيق, وعضو لجنة الترقيات بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية ، الأستاذ الدكتور فتحي العفيفي أستاذ التفكير الاستراتيجي والتاريخ الحديث والمعاصر ورئيس قسم العلوم الاجتماعية بالمعهد الآسيوي جامعة الزقازيق، الأستاذ الدكتور أحمد دهشان أستاذ ورئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين والدعوة جامعة الأزهر فرع الزقازيق.

تحولات منذ مصطفي كمال اتاتورك

تدور موضوع المناقشة حول  ” الدور الإصلاحي لجماعة الخدمة في تركيا دراسة تحليله “
وتعد هذه الرسالة حلقة من حلقات دراسة واقع التحولات التي شهدتها تركيا الحديثة, منذ وصول مصطفى كمال الدين أتـاتورك للحكم, وإلغاءه للخلافة الإسلامية, واتخاذه العديد من الإجراءات الاستبدادية والتعسفية ضد كل ما هو إسلامي, مما فتح الطريق للمواجهة الحقيقية بين الدين والدولة. الأمر الذي دفع إلى ظهور العديد من الحركات الدينية أو الإسلامية, التي شهدتها تركيا منذ تأسيسها وحتى الوقت الحاضر.
ومن ثم كانت ولادة جماعة الخدمة التركية التي تمثل امتداداً لحركة النور التي كانت ضمن أبرز الحركات الإسلامية في تركيا في ستينيات القرن الماضي والتي قامت بدور مهم في محاولة استعادت الهوية الإسلامية للدولة التركية. حيث شرع أتباع الأستاذ “محمد فتح الله كولن”, في تشكيل جماعة تقوم علي تقوم علي تعاليمه, وتشبه تلك القائمة علي تعاليم ” سعيد النورسي” التي انخرط فيها “كولن” في شبابه, فبدأ منذ الأيام الأولي لجماعته في حث الناس من مختلف طبقات المجتمع التركي علي الخدمة التطوعية والمساهمات المالية, من أجل تعليم الشباب تعليماً صحيحاً في مدارس تتسم بالجودة مما يخلق مجتمعاً أفضل.
حاول الأستاذ “كولن” من خلال دعوته أن يبني إنسانا قريبا من الإنسان الذي بناه الرسول صلي الله عليه وسلم في مكة والمدينة, وكان المنهج هو القرآن الكريم والسيرة النبوية التي يتعامل معها بالقلب قبل العقل, وبتحريك الوجدان قبل اللسان. بهدف إيجاد مجتمع إسلامي ملتزم, لكن في الوقت نفسه متلهف للمعرفة والتكنولوجيا الحديثة والتقدم. ومن هنا تميزت جماعة الخدمة بأنها جماعة أو حركة تمزج الحداثة بالتدين.

الحوار بين الأديان

 في الوقت الذي تبنت فيه جماعة الخدمة ضرورة الحوار بين الأديان والثقافات باعتباره ضرورة في عالمنا اليوم, وأن الدين لا يجب قصره علي المجال الخاص للفرد, بل يجب أن يصير جزءاً من الحياة العامة, وان تركيا لن تصير أمة عظيمة مرة أخري إلا إذا عاش الناس حياة إسلامية مخلصة, وان تركيا مؤهلة لقيادة العالم الإسلامي مرة أخري, أو المشاركة في ذلك خلال القرن الحادي والعشرين.
وتنبع أهمية دراستي من خلال إظهار الدور الإصلاحي لجماعة الخدمة في تركيا, خاصة أن المجتمع التركي فقد هويته الدينية إبان فترة حكم مصطفي كمال أتاتورك, الذي سعي بكل ما أوتي من قوة علي بناء مجتمع غير محدد الهوية, مندمجاً مع المدنية الحديثة وفق نموذج يستلهم الحضارة الأوربية. الأمر الذي أدي إلي تحول تركيا لعالم التغريب والعلمانية. وفقدِها الوازع القيمي والأخلاقي بل ومحاربة الدين الإسلامي علانية.
وفي سياق النضال الفكري لكثير من الأحزاب والحركات الاجتماعية لإعادة الدين الإسلامي إلي وضعه الطبيعي داخل الدولة التركية, كانت جماعة الخدمة التي أخذ مؤسسها علي عاتقه تصحيح المفاهيم وإزالة اللغط عن القيم والثقافة الإسلامية, ومحاولة إعادة تركيا إلي العالم الإسلامي, كما استطاعت الجماعة إقامة العديد من المشاريع الإصلاحية سواء علي الجانب الفكري أو الثقافي أو الاجتماعي, ومحاولة غرس النفوس التركية مرة أخري بالدين الإسلامي. ومن هنا جاءت أهمية الدراسة في الكشف عن دور جماعة الخدمة في نشر الإسلام بالقيم السمحة, وفضائل الأخلاق, فضلا عن تبنيها منهجاً مغايراً في الإصلاح عن باقي الجماعات الدينية والحركات الاجتماعية التي ظهرت بتركيا حتى اليوم.
وقد جاء تقسيم البحث إلى مقدمة وخمسة فصول, علي النحو التالي:-
الفصل الأول: جاء بعنوان “الأوضاع في تركيا بعد الخلافة العثمانية”, ويحتوى على مدخل للفصل ومبحثين أساسيين وهما:-
المبحث الأول : يتناول تركيا في عهد مصطفي كمال أتاتورك وتطبيقه سياسة المنع للدين الإسلامي, بل تجريمه أو تحريمه.
المبحث الثاني: يدرس الصحوة الإسلامية في تركيا, وظهور الأصوات الداعية لربط تركيا بماضيها الإسلامي, وكذلك الأحزاب والحركات  الاجتماعية التي تحاول إعادة الهوية الإسلامية للمجتمع التركي.
الفصل الثاني: جاء بعنوان “جماعة الخدمة النشأة والتأسيس”, وقد قسم إلي مبحثين:-
المبحث الأول : تناول حياة ونشأة “محمد فتح الله كولن” مؤسس جماعة الخدمة.
المبحث الثاني: تعرض لنشأة وبدايات جماعة الخدمة التركية.
الفصل الثالث: يناقش “الإطار الفكري والعقائدي لجماعة الخدمة”, من خلال مبحثين:-
المبحث الأول: يدرس فيه الباحث الملامح العامة لفكر الجماعة, من خلال عرض مبادئ “كولن” الفكرية, ومقوماته الإسلامية. فضلا عن عرض مميزات منهج الجماعة الفكري.
المبحث الثاني: يناقش العقيدة عند جماعة الخدمة, من خلال بعض القضايا والمسائل العقائدية الخاصة بالذات الإلهة ومعرفة الله, وأسماء الله وصفاته, ووحدة الوجود والحلول والإتحاد. فضلا عن التصوف عند الجماعة, والوحي الإلهي في فكر جماعة الخدمة.
الفصل الرابع: تناول “الأخلاق عند جماعة الخدمة”, ويحتوى على مدخل للفصل ومبحثين أساسيين وهما:-
المبحث الأول: يدرس مصادر وأهمية الأخلاق عند الجماعة, من خلال عرض رؤية مؤسس الجماعة للكتاب والسنة, ونظرته لأهمية الأخلاق في ضوء ما تطبع به المجتمع التركي من أخلاق مغايرة للدين الإسلامي الحنيف.
المبحث الثاني: يناقش المبادئ أو الصفات الأخلاقية عند الجماعة, من خلال كتابات المؤسس والتي تدعو للأخلاق النبيلة مثال الإيثار وحفظ السر والوفاء والولاء, فضلا عن صفات الصبر والثبات والمسامحة والعفو, وغيرها من الصفات الحميدة التي يجب ان يتصف بها أبناء الجماعة وغيرهم في ضوء الرؤية الإصلاحية للمجتمع التركي.
الفصل الخامس: يدرس “محور الإصلاح وآلياته عند جماعة الخدمة”, من خلال ثلاثة مباحث:-
المبحث الأول: يتناول الإصلاح في فكر جماعة الخدمة, من خلال عرض مفهوم الإصلاح عند الجماعة, ومظاهر التجديد والإصلاح في فكر الجماعة.
المبحث الثاني: رؤية الجماعة للمجتمع ومحورية الإنسان في الإصلاح, وتصنيفهم الفكري والعقائدي للإنسان الذي يجب أن يحويه المجتمع.
المبحث الثالث: يناقش وسائل جماعة الخدمة في معالجة المشاكل الاجتماعية, وذلك من خلال محورين: الأول: الفقر المعنوي. والثاني: الفقر المادي. وذلك في ضوء رؤية الجماعة الإصلاحية.
    وينتهي البحث بالخاتمة، والتي يبرز فيها الباحث النتائج الرئيسية، والنقاط الهامة التي انتهي إليها موضوع بحثه، ثم قائمة المصادر والمراجع العربية والأجنبية.
وقد توصل الباحث الي جملة نتائج يمكن صياغتها علي النحو التالي:
أولاً- ان العالم الإسلامي به الكثير من الجماعات والحركات التي تهدف للإصلاح والتغيير, والقليل النادر منها, إستطاع من تحويل الأفكار إلي نماذج عمل يشهد به الواقع المعاش, ولعل السواد الأعظم من تلك الجماعات أو الحركات مجرد دعوة نظرية أو رؤية أيديولوجية لم تتمكن من اانخراط أو التحول إلي الواقع المجتمعي عن طريق برامجها وآلياتها في الإصلاح والتغيير. إلا أن جماعة الخدمة التركية أو كما توصف في بعض الكتابات “حركة كولن” استطاعت أن تشكل رافداً مهماً من روافد التغير والتحول الاجتماعي داخل تركيا. وأنها استطاعت أن تقدم الدين الإسلامي كنظام حياة داخل تركيا وخارجها بما لا يتعارض مع العصرنة أو الحداثة.
ثانياً- ان جماعة الخدمة يمكن وصفها بأنها جماعة مدنية مجتمعية تصطبغ بالصبغة الدينية تنظر بعين الاعتبار لظروف المجتمع التركي, وانها لا تسعي لفرض برامجها أو فكرة حركتها, بل تعتمد علي مجموعة من الأفكار والرؤى الثقافية والتربوية والتعليمية بهدف العودة بمنظومة القيم الإسلامية داخل النسيج المجتمعي التركي.
ثالثاً-  أن الملامح العامة لفكر جماعة الخدمة, والتي يمكن قراءتها من خلال مبادئ “كولن” الفكرية قد ركزت علي التخطيط والإصلاح والتجديد, والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, والعلاقة بين العقل والعمل, والحوار وقبول الآخر, وعالمية الإسلام. جميعها تهدف لنشر ثقافة البناء المخطط لحياة الإنسان, والتعايش والسلام وقبول الآخر, وذلك في ضوء الالتزام بالسلوك الأخلاقي والمنهج الإسلامي الحنيف. مع الوضع في الاعتبار المصادر الفكرية لـ”كولن” التي تمثل روافده الفكرية المستوحاه من الكتاب والسنة وتجربته الصوفية, فضلا عن الرافد الكوني والثقافة العالمية المعاصرة, ووعيه بالتراث التاريخي والمدنية المعاصرة.
 رابعاً-   أن جماعة الخدمة تتبني منظومة أخلاقية تمثل جانباً مهماً وإيجابياً في أخلاق جماعة الخدمة ليس لأمر الدعوة فحسب, إنما للواقع العملي في مجالات الخدمة سواء التعليمية أو الثقافية أو الاقتصادية أو الإغاثية أو الإعلامية, وغيرها من المجالات التي تنذر الجماعة نفسها للقيام به.
خامساً- أن رؤية جماعة الخدمة لعلاقات الإنسان بالمجتمع تبرز من خلال صفات الأخوة والتواضع والتسامح, والتي جعلتها أساساً لتلك العلاقات, وذلك فضلا  عن العديد من الصفات التي من الواجب أن يتصف بها الإنسان مثل الاستقامة والأمانة والإخلاص والتفاني والصبر وغيرها من الصفات التي تحفز علاقات الإنسان بمحيطه, وتجعل الجماعة تلك الصفات موضع الأهمية بمكان في التعامل مع الأخر, وذلك لإظهار عظمة وأخلاق المسلم السمح الذي جعل “كولن” مثله فيها هو الرسول صلي الله عليه وسلم, ولتشكل الجماعة منهجاً جديداً في الدعوة الإسلامية انطلاقا من مبادئ وأفكار مؤسسها “كولن” بهدف التلاقي والتلاحم بين الشعوب.
سادساً-  أن جماعة الخدمة في سياق دورها الإصلاحي في معالجة المشاكل الاجتماعية, استخدمت جميع الوسائل المتاحة بهدف  المشاركة الفعالة في داخل تركيا بنشر المدارس وفصول التقوية والمعاهد التحضيرية والجامعات, أو المساهمة في مشروع بيوت الطلبة لغير القادرين من أبناء الريف, كل ذلك وغيره ساعد قطاع كبير من أبناء المجتمع التركي. فضلا عن الهدف الاسمي والأرقى للجماعة والمتمثل في نشر قيم التسامح والأخلاق والفضيلة, والعمل علي بناء جيل مسلم يمتاز بخصوصية ثقافية عالمية, وخلفية إسلامية ناضجة وراشدة. هذا إلي جانب مهارة الجماعة في استخدام وسائل العصر الحديث, للوصول لأكبر قدر ممكن من الشعب التركي بصفة خاصة, وباقي دول العالم عامة, لترسيخ مفهوم الوعي بحقائق القضايا الإيمانية بصورة مبسطة, والسعي لتأصيل أفكار الجماعة في المجتمع التركي.
وأخيراً…  فان جماعة الخدمة التركية قد أسهمت بشكل فاعل في المجتمع التركي, كجماعة مدنية تحمل من الأفكار التي تبعث علي الإحياء والتجديد للدعوة الإسلامية سواء داخل تركيا التي كانت تزخر بالعديد من التناقضات الفكرية الرامية لدحر الثقافة الإسلامية في سياقها التاريخي الحديث, وعدم السكون والاستكانة, بل الحركة مع وجود دافعية إيمانية صلبة تتمحور حول السمو الأخلاقي والسلوكي, مرتكزة علي أفكار مؤسس الجماعة في سياقها التطبيقي, والتي لا تنفصم مطلقاً عن الكتاب والسنة, مضافاً إليها تلك الغايات السامية الأخلاقية المستمدة من السادة الصوفية في علاقتهم السامية بالخالق والمخلوق. بحسب كتابات فتح الله كولن الذي تحدث عن الصوفية والتصوف بإسهاب, واضعا الكتاب والسنة نصب عينيه, في تدليله واستنتاجاته الفكرية.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.