توقّف عن مطاردة الكمال…فالحياة لا تنتظر اكتمال الظروف
توقّف عن مطاردة الكمال…فالحياة لا تنتظر اكتمال الظروف
بقلم / نولا رافت
نقضي سنوات من أعمارنا نبحث عن المثالية في كل شيء: في عملنا، وعلاقاتنا، وحتى في أنفسنا. ننتظر اللحظة “المناسبة” لنبدأ مشروعًا نحلم به، أو لنخبر شخصًا بما نشعر به، أو لنغيّر حياتنا. لكن بينما ننتظر اكتمال الظروف، تمضي الحياة بلا توقف.
الكمال وهم يسرق عمرك
الكمال ليس إلا سرابًا، كلما اقتربت منه ابتعد خطوة أخرى. حتى الذين تظنهم “ناجحين بلا أخطاء” يحملون فوضاهم الخاصة خلف الستار. مطاردة الكمال تجعلنا نؤجل الفعل، فنعيش في دوامة من الانتظار الدائم، ونفقد لحظات ثمينة كان يمكن أن تصنع معنا فرقًا.
الجمال في التفاصيل غير المكتملة
أجمل اللوحات ليست تلك التي خلت من العيوب، بل تلك التي تركت فيها ضربات الفرشاة أثر الروح. كذلك نحن، لسنا بحاجة إلى حياة مثالية لنشعر بالرضا؛ يكفينا أن نعطي أفضل ما لدينا رغم النقص، وأن نجد البهجة في التفاصيل الصغيرة، حتى وإن لم تكن كاملة .
إبدأ الآن بما تملك
لن تأتي اللحظة السحرية التي يتوافق فيها كل شيء. ابدأ من حيث أنت، بما لديك، وبالإمكانات المتاحة أمامك. لا تنتظر أن تصبح خبيرًا قبل أن تتعلم، أو غنيًا قبل أن تبني حلمك، أو بلا خوف قبل أن تخوض التجربة. الحركة هي ما يمنحك القوة، والخطوة الأولى – مهما كانت صغيرة – أعظم من ألف خطة مؤجلة فتصالح مع إنسانيتك.
قبولك لعيوبك ليس ضعفًا، بل هو اعتراف بإنسانيتك. اسمح لنفسك أن تخطئ وتتعلم، أن تحزن وتنهض، أن تتعب وتستريح. حين تدرك أن الحياة ليست سباقًا نحو الكمال بل رحلة مليئة بالتقلبات، ستشعر بخفة لم تعرفها من قبل.
في النهاية، الكمال لا يصنع السعادة، بل الشجاعة لفعل ما تحب رغم خوفك، والتقدير للحظات البسيطة رغم ضجيج العالم. توقف عن مطاردة المثالية، وابدأ بعيش الحياة كما هي: ناقصة، جميلة، وحقيقية.