الصرخات المرعبة قصة قصيرة….بقلم مصطفى حسن محمد سليم

الصرخات المرعبة
قصة قصيرة….بقلم مصطفى حسن محمد سليم
لم يكن الأمر سوي مجرد كابوس ،أن يخترق عالم الأرواح حياتك ويحولها إلي جحيم، وتحاول أن تهرب من ذلك الجحيم بشتي الطرق والوسائل، ولكن لافائدة من ذلك، وتري نفسك في النهاية تستسلم لذلك العالم الخفي الذى اقتحم حياتك دون إرادتك ،حتي تحاول أن تترك هذا العالم الخفي وترجع مرة اخري إلي واقعك من جديد ولكن لامفر …
حل المساء سريعا في تلك الليلة التي كانت تتسم بالبرودة الشديدة ،والتي لم يتوقف فيها المطر عن الانهمار منذ الصباح الباكر ،وساد الهدوء الأجواءخارج ارجاء المنزل لايقطعه سوي صوت ارتطام قطرات المطر بزجاج نافذة حجرة المكتب، وقفت سعاد تتابع صوت سقوط قطرات المطر في هدوء وهي تنظر إلي ارفف المكتبة التي غطتها الأتربة من كل جانب، وشعرت بالضجر الشديد وهي تحاول معرفة السبب الرئيسي الذي جعل أمها تكلفها بتنظيف المكتبة وهي تعرف كرهها الشديد للقراءة، واتجهت إلي السلم الصغير الموضوع بجانب باب الغرفة وامسكت به جيدا وهي تصعد درجاته ،وعندما صعدت إلي نهايته شعرت بلفحة هواء ساخنة وهي تمر من امام وجهها فجأة فتراجعت برأسها إلي الخلف في حركة لاإراداية وهي تتابع مصدر انتهاء ذلك الهواء الساخن ،ولكن لم تجد شئ غريب في المكان لفت انتباهها، فأمسكت بعض الكتب في يديها وهي تحاول تنظيم المكتبة وبدأت الأتربة تتصاعد من حولها في كل مكان ،وانهمكت في تنظيف المكتبة وفي اثناء ذلك شعرت بيد تحرك السلم الذي تعتليه بعنف، فسقط منها الكتاب الذي كانت تحمله بين يديها علي الأرض تبعته صرخة مكتومة منها وهي تشاهده يسقط من يديها وقد امسكت به الفتاة التي تقف أسفل السلم قبل أن يصل إلي الأرض، فأسرعت بالنزول من علي درجات السلم وهي تنادي علي أمها بنبرات خائفة، اسرعت علي اثرها الأم إلي غرفة المكتب مهرولة خشية من ان يكون قد حدث لها مكروه ،وعندما دلفت من باب الغرفة تسمرت قدميها في الأرض وهي تري سعاد وقد التصقت بجدار المكتبة في خوف شديد وهي تشير بيدها نحو الفتاة التي تقف امامها ترتدي ملابس رثة وعيونها واسعة بشكل غير طبيعي ،فقالت لها سعاد ومازال جسدها الضعيف يرتجف من الخوف لقد وجدت هذه الفتاة تقف أسفل السلم اثناء صعودي عليه لتنظيف المكتبة ولاأعرف كيف دخلت إلي هنا، اقتربت الأم من الفتاة الصغيرة ثم ارتدت إلي مكانها مرة اخري بسرعة عندما اتسعت عيون الفتاة مرة واحدة فشعرت بالرعب الذي بدأ علي صوتها وهي تسألها قائلة من أنت وكيف دخلتي إلي هنا ؟؟ انتظرت الأم الأجابة من الفتاة ولكن لم يجيبها سوي الصمت الذي ران علي المكان، لم يقطعه سوي صوت سعاد وهي تحاول أن تكسر حاجز الصمت الذي خيم علي ارجاء الغرفةوهى تحدث امها قائلة لها ربما تكون بكماء، أندفعت الأم نحو الفتاة قائلة لها لاشأن لنا بذلك سأطردها إلي خارج المنزل ونستريح منها ،وقبل أن تصل يديها إلي جسد الفتاة صدر منها صرخة قوية جدا رجت ارجاء المنزل لم تستطيع الأم تحملها هي وابنتها ،فقاموا بإغلاق عيونهم ووضع ايديهم علي أذانهم ليخففوا من حدة الصوت، حضر علي اثرها زوجها عندما ارتطم بمسامعه صوت صراخ الفتاة وهو يقول لهم ماذاحدث؟؟ فأشارت زوجته إلي مصدر الصوت، فلم يجد شئ في المكان الذي اشارت إليه فنظر إليها مرة اخري وهو يقول لها في سخرية هل كنت تضربين سعاد !!فقالت له في خوف وهي تشير بيدها مرة اخري نحو المكان الذي كانت تقف فيه الفتاة ،لا لقد كانت تقف هنا فتاة في السادسة من عمرها ملابسها رثة وعيونها واسعة بشكل رهيب لايتحمل رؤيته بشر ،فقال لها زوجها وهو يدفعها نحو باب الغرفة ويمسك في يده ابنته الصغيرة يبدو انكم مرهقين من تنظيف المنزل ويجب أن تنالا قسط من الراحة الآن ،فقالت له زوجته وهي تدفع يده في هدوء ولكني لم اشاهدها وحدي صدقني لقد رأتها معي سعاد ايضا ،فأشار لها زوجها في حدة قائلا لها كفي لقد انتهت المناقشة واغلق نور الغرفة وهو يدفع الباب بيديه ،كان يحاول أن يغلق باب المناقشة حتي لايتسرب الخوف إلي قلب اسرته الصغيرة ،لقد وضع كل مايملكه في شراء هذا المنزل وحتي يتبين له حقيقة ماحدث وماسمعه بأذنه…
اشرقت الشمس وهي تلقي بأشعتها علي ارجاء المنزل ،وقد صعدت الأم إلي سطح المنزل لتنطيفه ،وبدأت علي وجهها الحيرة وهي تتفحص المكان بعينيها لم تعرف اين تبدأ فقد امتلأ المكان بجميع الأشياء المهملة من الأثاث الذي تناثر في كل مكان ،واسترعي انتباهها صندوق صغير له غلاف من النحاس يلمع تحت اشعة الشمس مثل الذهب ،فاقتربت منه وهي تفتحه في حذر لعله يكون بداخله بعض الحشرات خصوصا وقد تناثرت عليه الأتربة، وعندما فتحته وجدت مجموعة من الصور القديمة بداخله، واخذت تتفحص تلك الصور بعناية شديدة وتوقفت عند صورة تحمل نفس ملامح وجه الفتاة الصغيرة التي رأتها من قبل ،اخذت تتأمل الصورة ثم قذفتها من يدها واندفعت مسرعة وكأنها تهرب من شبح الموت، ولكن ليست الصورة التي اثارت ذعرها بل التاريخ المكتوب خلفها 1890وعندما رأت زوجها امامها اندفعت نحوه وهي تبكي مثل طفل صغير ،وعندما بدأت تستعيد هدوء اعصابها قامت بتفسير ماحدث لزوجها الذي صعد معها إلي سطح المنزل وهو يتفحص الصندوق جيدا، وقد وجد بداخله خطاب مغلق قام بفتحه وقراءته في سرعة، كان الخطاب مكتوب بخط ردئ جدا يبدو انه من والد الفتاة ،ذكر فيه قصة موت الفتاة عندما وقعت اثناء لعبها من فوق سطح المنزل وانه اضطر للرحيل وبيع المنزل لأنه لم يتحمل ظهور شبح الفتاة الذي كان يظهر له في كل مكان بالمنزل هو وزجته ،وهنا ادرك الرجل أن ماظهر لزوجته وابنته شبح الفتاة وأن حدسه كان صحيح ،ثم طوي الخطاب وهو يضعه بداخل معطفه ،وقد التفت إلي زوجته قائلا لها من الآن لايجب ان نفترق نحن الثلاثة عن بعض تحت اي ظروف…
في مساء تلك الليلة واثناء نومهم في غرفة واحدة شق الصمت المحيط بهم في الغرفة صوت صراخ الفتاة قفزت علي اثرها سعاد من فوق السرير وهي تضئ نور الغرفة بسرعة ثم اندفعت نحو امها في خوف شديد وبدأ الثلاثة ينظرون في وجوه بعض في نظرات حائرة وشعروا بلفحة هواء ساخنة تمر من امامهم في سرعة رهيبة ثم ظهرت لهم الفتاة وهي تخرج وجهها من جدار الغرفة وقد اخذت تصرخ تلك الصرخات المفزعة لم يستمر الأمر سوي ثواني قليلة ولكنه ترك اثر كبير علي افراد الأسرة انهار بعدها الأب علي اقرب مقعد وهو يضع رآسه بين يديه قائلا لزوجته لايجب أن نمكث في هذا المنزل اكثر من هذا سنرحل غدا شعرت زوجته بالأرتياح وهي تسمع منه ذلك القرار وقد احتضنت أبنتها في خوف شديد…
في صباح اليوم التالي بدأت الأم في حزم حقائبهم ،وقد امتلأت عيونها بالدموع ، فلم يمر علي وجودهم في هذا المنزل إلاثلاثة ايام، وبدأت هذه الأحداث المفزعة في الظهور لهم، وعندما انتهت من ذلك نظرت إلي زوجها الذي بدأ الشرود علي وجه وهو يحزم حقائبه، قائلة له إلايوجد حل آخر غير أن نترك هذا المنزل، فنظر إليها زوجها والأسي ينبعث من نبرة صوته قائلا لها لا أن هذه الفتاة ترفض أن يشاركها آحد هذا المنزل لقد اتخذت ذلك القرار حفاظا عليكم، ثم نظر إلي سعاد في خوف ،والتي اسرعت نحوه وهي تقول له في توتر لقد شاهدتها اليوم ياأبي ، كانت تقف خلف زجاج نافذة غرفتي وكانت تشير لي بيدها وتبتسم ،فربت الأب علي كتفها قائلا لها لاتخافي ياحبيبتي، لن تشاهدينها بعد اليوم لقد انتهي هذا الأمر إلي الأبد ماهي إلالحظات وسنغادر هذا المنزل الملعون، ثم تقدم نحو زوجته وهو يشاركها في حمل الحقائب، وعندما اقترب من باب المنزل سمع صوت تلك الصرخات المفزعة يتعالي من خلفه ،ثم ظهرت لهم الفتاة فجأة وهي تبتسم لقد انتصرت عليهم وستظل قابعة في هذا المنزل وحدها وسط صرخاتها المفزعة إلي الأبد …
شعر جميع أفراد الأسرة بالراحة والطمأنينةعندما عادو إلي شقتهم القديمة وقد غادروا منزلهم الجديد إلي الأبد ،ولم تمر إلادقائق قليلة ولبث كل منهم في نوم عميق من اثر شدة الأرهاق والتعب الذي عانوه طوال الأيام الماضية ،وفي اثناء نومها شعرت سعاد بلفحة هواء ساخنة تمر من امام وجهها اعقبها وجود يد صغيرة تهز جسدها الضعيف في عنف، فأستيقظت من نومها مذعورة لتجد تلك الفتاة تقف امامها مرة اخري ،تنظر إليها بعيونها الواسعة وهي تبتسم ممادفعها لاصدار صرخة مرعبة هزت ارجاء الغرفة ،فهرع علي اثرها والديها إلي غرفتها ،وعندما دلف من الباب وجد شبح الفتاة الصغيرة يندفع نحوهم بسرعة ثم اختفي فجأة ،وقد عادت مرة اخري إلي اطلاق تلك الصرخات المرعبة .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.