مجلس التعاون الخليجي يؤكد على أهمية اعتماد دول الخليج على الاستجابة المشتركة للتحديات
>كتب _حسام الجبالي
أكد الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني أن مجلس التعاون يواجه تحديات داخلية وخارجية عدة تؤثر على أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها، وأن الوقت مناسب لنعرف حقيقة أين نحن من ذلك كله، خاصة في ظل استمرار تطور العوامل المحركة للاستقرار في المنطقة، مما يضاعف من معاناة شعوبها.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها الأمين العام في كلية الدفاع الوطني بمدينة مسقط اليوم الأحد 30 ديسمبر 2018م، بحضور رئيس أركان قوات السلطان المسلحة الفريق الركن أحمد بن حاثر بن ناصر النبهاني و اللواء سالم بن مسلم قطن آمر الكلية وكبار القادة في الكلية وعدد من كبار المسئولين في السلطنة.
وأضاف الأمين العام أن العلاقة بين القوى العظمى أصبحت تأخذ منحى آخر حيث تختبر كل منها الأخرى في مسائل التجارة والطرق التجارية واتفاقيات الحد من التسلح، بالإضافة الى الصراعات الدائرة في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم ودول البلطيق وبحر جنوب الصين والفضاء السيبراني، وفي منطقة الشرق الأوسط التي تتسابق فيها كل من الولايات المتحدة وروسيا والقوى الاقليمية الأخرى لتحقيق مكانة لهم فيها رغم تضارب المصالح بين الجميع.
وقال الأمين العام إن على دول مجلس التعاون أن تكون مستعدة وقادرة على التحكم باستقلالها وسيادتها وحماية مصالحها من خلال الاستجابة المشتركة للتحديات، وقال إن التاريخ يبرهن لنا أن الأمم التي نجحت هي تلك التي كانت قادرة على بناء تحالفات قوية وثابتة على أسس متينة، مشيرا الى أن دول مجلس التعاون طبقت الاستجابة المشتركة للتحديات بنجاح كبير عندما بادرت في مايو 1981م بتأسيس مجلس التعاون كتجمع إقليمي تمكن من تعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
وقال الدكتور عبداللطيف الزياني إن الجانب الأمني لم يكن هو السبب الوحيد لتأسيس المجلس وإنما رغبة القادة المؤسسين في تعزيز الرفاه الاجتماعي من خلال التكامل الأوثق بين دول ذات فكر متماثل تربط بينها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية ودينية، فضلا عن المصالح والمنافع المشتركة. وأضاف إن مجلس التعاون تمكن من الوصول الى مرحلة التكامل من خلال شبكة المشاريع والمؤسسات الخليجية في كافة المجالات، فقد قامت دول المجلس ببذل جهود كبيرة من أجل تعزيز أمن المجلس من خلال المبادرات التي تم تنفيذها كإنشاء قوات درع الجزيرة المشتركة، وإنشاء القيادة العسكرية الموحدة، ومركز العمليات الجوي والدفاع الجوي، ومركز العمليات البحرية الموحد، وانشاء قوة الواجب البحري (81).
وأضاف إن مجلس التعاون أسهم بدور كبير في مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة ومكافحة الهجمات السيبرانية بكافة أنواعها من خلال التعاون وتبادل المعلومات الاستخبارية والتقنيات، مضيفا أن المجلس نجح في حماية الدول الأعضاء خلال الحرب الايرانية العراقية، ولعب دورا رئيسيا في تحرير الكويت ، وأسهم انتشار قوات درع الجزيرة لحماية المنشآت الحيوية خلال الاضطرابات التي شهدتها مملكة البحرين في عام 2011م، كما قامت قوات درع الجزيرة أيضا بالكثير لردع العدوان الخارجي.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون إن دول مجلس التعاون نجحت في التخطيط لمشاريع البنية التحتية الرئيسية المشتركة وأهمها تكامل شبكات الربط الكهربائي التي حققت كافة أهدافها الاستراتيجية من خلال تعزيز أمن إمداد الطاقة وزيادة اعتمادية وتعافي أنظمة الشبكات الخليجية. فقد أسهمت فعلا بواقع 100% في تجنيب الانقطاع الكامل أو الجزئي وقدمت الدعم والمساعدة في نحو 1700 حادث انقطاع ، مشيرا الى أن دورها لم يقتصر على تقديم المساعدة في الحالات الطارئة فحسب، بل الأهم من ذلك أنها تتيح الآن للدول الأعضاء تبادل الطاقة.
واضاف إن دول المجلس أدركت مدى الحاجة لتوسيع وتنويع وحماية القاعدة الاقتصادية لجميع الدول الأعضاء، من خلال عدد من المبادرات مثل إنشاء السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي وحرية تنقل الأفراد والبضائع وتنقل العمالة. وأضاف إن الاحصائيات تظهر أن الانشطة الاقتصادية في دول المجلس ارتفعت بمعدل 37 مرة منذ قيام السوق الخليجية المشتركة عام 2003م، كما تضاعف عدد الشركات المساهمة ثلاث مرات وتضاعف عدد البنوك التي تنتشر فروعها في الخارج بأربعة أضعاف، كما ارتفعت رؤوس الأموال من 16 مليار دولار أمريكي الى 265 مليار دولار، وارتفعت التجارة البينية بين دول المجلس من 6 مليارات دولار أمريكي الى 133 مليار دولار.
وأكد الدكتور عبداللطيف الزياني أن رؤية مجلس التعاون تتمثل في تحقيق الأمن والازدهار لكافة الدول الأعضاء، وأن يسود الاستقرار كافة دول المنطقة، مما عزز من دور مجلس التعاون الاقليمي والدولي، موضحا أن قادة دول مجلس التعاون ملتزمون بمبادئ وأهداف مجلس التعاون، والقمة الأخيرة للمجلس الأعلى هذا الشهر خير دليل على ذلك، موضحا أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أعرب في كلمته الافتتاحية للقمة عن ثقة واهتمام كافة قادة دول المجلس في الحفاظ على وحدة مجلس التعاون وذلك لتعزيز دوره الحالي والمستقبلي وتسخير طاقاته لخدمة شعوب مجلس التعاون والحفاظ على أمن واستقرار دوله الأعضاء والمنطقة في مواجهة تحديات وتهديدات المجموعات والمنظمات الإرهابية.
وشدد الأمين العام على أن دول المجلس بحاجة إلى مجلس التعاون في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، حيث أصبحت فيه الاعتمادية المتبادلة الركيزة الأساسية للأمن والتعافي والازدهار في كافة أرجاء العالم، وقال إن مجلس التعاون قد اجتاز الاختبار منذ نحو 38 عاما، وسوف يبقى هو النموذج الأفضل لمنطقتنا، وقد تطور ليصل إلى الشكل الذي هو عليه حاليا خلال تلك السنوات وسوف يستمر في التطور، معربا عن أمله في الحفاظ على هوية المجلس الفريدة والبناء على تاريخه باعتزاز لكي نضمن مستقبلا أكثر اشراقا للمنطقة وشعوبها.