برنامج “عادات رمضانية” الحلقة الخامسة من فلسطين
إعداد وتقديم/ فاطمة عبدالحميد
★رمضان فلسطين.. تقاليد صامدة رغم التحديات★
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حان موعدنا مع الحلقة الخامسة من برنامجنا اليومي “عادات رمضانية” لنحلق إلى بلد عربي جديد، نبحر في عاداته وتقاليده وتراثه الثري بالطقوس الرمضانية الجميلة التي لاتندثر وتختفي بانتهاء حقبة زمنية معينة، بل تبقى وتتنقل جيلا بعد جيل، فهي بمثابة الإرث الذي يتركه الآباء والأجداد، رحلتنا اليوم من داخل القدس العربية، من أرض فلسطين الأبية الصامدة.
كثيرة هي العادات الفلسطينية الجميلة التي طواها التطور التكنولوجي، واندمجت مع روح العصر وتأقلمت معه، وأمست ذكريات خالدة لدى أهل فلسطين في شهر رمضان شهر الخير والبركة والإحسان، ولكن على الرغم من ذلك لا يزال الشهر الفضيل في فلسطين يحتفظ بالعادات والتقاليد والمظاهر الثقافية والاجتماعية الخاصة به بعد أن توارثتها الأجيال، وتمسك بها الأبناء والأحفاد لتبقى خالدة، ومن أبرزها «المسحر»، والإفطار الجماعي للأسر، ولائحة المأكولات التراثية.
وقال المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض في وقت سابق: «الشعب الفلسطيني بطبعه يمتاز ببناء اجتماعي مترابط يحرص أهله على الدفاع عنه والحفاظ على القوة التي يتمتع بها لا سيما في عاداته وتقاليده في شهر رمضان…حافظ الشعب الفلسطيني على مدار عقود على ملامحه التراثية وطبيعته التاريخية سواء في الموروث الفلاحي أو الحضري في شهر رمضان سواء في اجتماع الأسر على مائدة الإفطار، مستمتعين بالاستماع لصوت إطلاق مدفع رمضان، وتناول المأكولات والمشروبات التراثية التي تشتهر في الشهر الفضيل مثل المنسف والسماقية والملوخية والكعك والمعمول وقمر الدين والقطايف».
يميل الشعب الفلسطيني إلى الافتخار بماضيهم في شهر رمضان، ويرددون الأهازيج والأغاني الشعبية، وأجواء الفرح، بالإضافة إلى الجو الجميل الذي يشيعه «المسحر» بصوته الندي.
وتبدأ الطقوس الرمضانية في فلسطين بعد ثبوت رؤية الهلال شهر رمضان وتحديد اليوم الأول، حيث تعلن المساجد الصيام عن طريق رفع الأدعية والابتهالات، وتضاء الفوانيس في كل مكان بأنوارها الزاهية، فيما يخرج الأطفال إلى الأحياء فرحين، في تقليد يدخل البهجة إلى القلوب حتى اليوم.
ولا تكتمل صورة شهر رمضان من دون «المسحّر»، فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقاليد الفلسطينيين الشّعبية الرّمضانيّة، فقبل السحور بساعتين يجول في الأحياء الشّعبية موقظاً الأهالي، حيث يقوم بالضرب على طبلته، ويرتفع صوته بأجمل الأناشيد الدينية ما يضفي سحراً خاصّاً على المكان.
فمن أشهرما قاله المبيض في هذا السياق عن الشعب الفلسطيني: «من أبرز ملامح رمضان في فلسطين المسحر، الذي يجوب الكثير من شوارع المدن والقرى الفلسطينية، يشدو بصوته الأناشيد الدينية والأذكار، ويضرب على الطبل بقوة، ليوقظ أكبر عدد من السكان ليتناولوا سحورهم».
حيث يجوب المسحر يتغنى ببعض الكلمات المتعارف عليها لدى الفلسطينيين قائلا: «يا نايم وحّد الدّايم يا غافي وحّد الله، يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك، قوموا لسحوركم جاء رمضان يزوركم»، ويلحن هذه الكلمات بضربات فنّية بارعة مستخدماً إيقاع طبلته.
والمسحّر في فلسطين لا يتقاضى أجره في الحال، لكنه ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل منزلاً منزلاً ومعه طبلته الخاصة، فيضرب عليها نهار العيد كما كان يفعل في ليالي رمضان، فيمنحه النّاس المال والهدايا والحلويّات، ويتبادلون معه عبارات التّهنئة بالعيد السّعيد.
أما عن أصناف الطعام الفلسطيني خلال شهر رمضان فتتميز فلسطين بأصناف خاصة يفضلها الفلسطينيون مثل المقلوبة والسماقية والمفتول والمسخن والمنسف والملوخية والكعك والمعمول والزبيب والقطين، كما لا تغيب المتبلات والمخللات والسلطات عن المائدة الفلسطينية، فيما تتصدر القطايف الحلويات من دون منازع، أما المشروبات التي اعتادها الفلسطينيون في هذا الشهر فتضم عصير الخروب وعرق السوس والتمر الهندي وقمر الدين والشاي والقهوة العربية، كما لا يتوانى الباعة عن تقديمها في الأسواق والساحات العامة.
ومن أبرز العادات والتقاليد، التي يمارسها أبناء الشعب الفلسطيني خلال شهر رمضان المبارك، عادة تبادل أطباق الطعام قبيل الإفطار بين الأسر والجيران، وهي المناسبة التي تجعل ربات البيوت يتفنن في إعداد الأكلات للتباهي بها.
وفي شهر رمضان، تضع النساء في عديد من الأسر جدولاً يومياً لتحضير الطعام في بيت كبير العائلة، أو إحضار الطعام إلى بيته. فيما ينقل الأبناء المتزوجون طعام إفطارهم إلى بيت والدهم ليتناولوه معاً.
يتميز رمضان فلسطين بانتشار موائد الرحمن، التي تقدم من قبل رجال الخير والمؤسسات والجمعيات الخيرية، واعتاد الفلسطينيون على الإكثار من الصدقات والتعاضد مع الفقراء والمساكين والإحسان وإرسال الطعام إلى الجيران والأصدقاء والأسر المحتاجة، حيث تنتقل الصحون بين المنازل قبل موعد أذان المغرب في مشهد يعزز الترابط والتلاحم بين الشعب الفلسطيني.
كما درجت العادة على أن يخرج الأغنياء زكاة أموالهم في الشهر الفضيل ما يشيع الفرحة والتضامن بين الأغنياء والفقراء
وإلى هنا تكون قد انتهت حلقتنا اليومية، على امل أن نكون كفينا ووفينا في حديثنا عن عادات فلسطين العربية خلال شهر رمضان المبارك، نصر الله فلسطيننا و قدسنا العربية، وأمدَّ شعبها بالقوة والعون والسداد، وأدم عليهم روح التعاون والترابط والتلاحم، ودمت بخير جميعاً🌹🌹