طوال مسيرة 49 عاماً من التنمية العُمانية .. الإنسان الهدف والغاية

طوال مسيرة 49 عاماً من التنمية العُمانية .. الإنسان الهدف والغاية

مسقط، خاص:

حرصت القيادة السياسية العُمانية على التأكيد دوماً أن التنمية ليست بغاية في حد ذاتها، وإنما هي بناء الإنسان الذي هو أداتها وصانعها، ومن ثم ينبغي ألا تتوقف عند مفهوم تحقيق ثروة مادية وبناء اقتصاد متنوع، بل عليها أن تتعدى ذلك إلى تكوين المواطن القادر على الإسهام بجدارة ووعي في مسيرة النماء والبناء الشامل، وذلك من خلال تطوير قدراته الفنية والمهنية، وحفز طاقاته الإبداعية والعلمية، وصقل مهاراته المتنوعة، وتوجيه كل ذلك نحو خدمة الوطن وسعادة المواطنين.

لا تقتصر التنمية في السياقات العُمانية على تحقيق معدلات عالية للنمو الاقتصادي، إذ لابد ان ينعكس هذا النمو على رفاهية المجتمعات ونوعية الحياة، وان يسهم في تعزيز التناغم الاجتماعي والاستقرار الشامل.

فخلال مسيرة البناء والتنمية التي شارفت على العقود الخمسة، حققت عُمان بالفعل نجاحات تنموية بعينها تدفع دفعا في طريق المستقبل، فقد أشار تقرير التنمية البشرية 2018 الى ان السلطنة حققت المرتبة الخامسة عربيا، والـ 48 عالميا، متقدمة بذلك أربعة مراكز عالمية، ومركزا واحدا عربيا عن تصنيف العام الماضي.

يؤكد التقرير الأممي أن الفضل في إحراز هذا التقدم يعود إلى السياسات الاقتصادية والتنموية التي تعمل على تنمية الثروة البشرية في الدولة، وتحقيق أعلى معدلات التطور والنمو في مجالات التعليم والصحة وجودة الحياة، في إشارة تفسر تصنيف السلطنة ضمن فئات الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة.

والثابت أن الحديث عن التنمية العمانية المستدامة لا ينفصل بحال من الأحوال عن أربعة محاور رئيسة تمثل أعمدة رئيسية للبناء والنماء، وهي تمكين الإنسان، والاقتصاد المعرفي، والصمود البيئي، والسلام.

تشير الدراسات التاريخية إلى أن التجربة العُمانية ارتكزت على أن الإنسان هو القضية وهو الحل، وانه ما من تنمية للحجر من دون البشر، بما يعني تمكين الإنسان، ليكون قادرا على صنع الحضارة بذاته. ولعل المتابع للخطاب السياسي للسلطان قابوس عبر العقود الخمسة المنصرمة يدرك إدراكا كبيرا القيمة التي أولاها لاستنهاض الطاقات الحضارية للسلطنة، مرتكزاً في ذلك على تمكين ديني وإيماني إسلامي، عرف باكرا جدا قدر وأهمية المرأة في الإسلام، وكيف أنها كانت شريكا فاعلا ناجزا في السلم والحرب مرة واحدة، بل في صناعة الحضارة بكافة أشكالها وألوانها

الركيزة الثانية ضمن ركائز التنمية هي بناء الاقتصاد المعرفي التنافسي، والذي لا يقوم إلا على أعمدة ثابتة وراسخة من جداول البيانات، وحقائق الأرقام، وهذه وتلك تمكن الإنسان العماني من أن يضحى عنصرا فاعلا في محيطه الإقليمي من جهة، وحول العالم من ناحية أخرى.

الركيزة الثالثة ضم ركائز المجتمع العماني الساعي للوصول الى تنمية حقيقية دائمة ومتطورة، موصولة بما يعرف بالتعزيز البيئي، وهو المحاولة الجادة من أجل إنقاذ العمانيين من التأثيرات السلبية والضارة للتغيرات الايكولوجية، وتسعى السلطنة في محيطها البيئي ان تكون نبراسا لاستخدام الطاقة النظيفة، من خلال الموارد العديدة التي من الله بها عليها، منها المياه حيث الشواطئ البديعة، والغابات والمناطق ذات الأجواء الطقسية البديعة والخلابة، ناهيك عن الطاقة الشمسية التي تتوافر بكثرة غير مسبوقة في أراضي السلطنة.

ولعل حالة الاستقرار السياسي التي تنعم بها سلطنة عُمان كانت الركيزة المحورية في البناء، فقد أدركت عُمان مبكرا أهمية العيش مع من حولها من دول في سياقات من التواصل الخلاق مع جميع دول العالم دون أن يكون لها أجندات مخفية، الأمر الذي جعلها وسيطا متقدما في منطقة ملتهبة، وسيطا يسعى لإنهاء الانقسامات، ووقف الصراعات، وتذليل العقبات التي تحول دون العيش الكريم الإنساني.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.