حرب أكتوبر هي إحدي جولات الصراع العربي الإسرائيلي
كتبت الإعلامية/ مروة مطر
تعتبر حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي ، حيث خططت القيادة المصرية مع السورية لشن حرب في وقت واحد على إسرائيل بهدف استرداد شبه جزيرة سيناء و الجولان التي سبق أن احتلتهما إسرائيل في حرب 1967 ، وقد كانت المحصلة النهائية للحرب هي تدمير خط بارليف في سيناء وخط آلون في الجولان، وكانت إسرائيل قد أمضت السنوات الست التي تلت حرب يونيو في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ ضخمة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان وفي قناة السويس، فيما عرف بخط بارليف.
في 29 أغسطس 1967 اجتمع قادة دول الجامعة العربية في مؤتمر الخرطوم بالعاصمة السودانية ونشروا بياناً تضمن ما يسمى ب”اللاءات الثلاثة”: عدم الاعتراف بإسرائيل، عدم التفاوض معها ورفض العلاقات السلمية معها. في 22 نوفمبر 1967 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 242 الذي يطالب الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي (النسخة العربية من القرار 242 تحتوي على كلمة الأراضي بينما الإنجليزية تحوي كلمة أراض) التي احتلتها في يونيو 1967 مع مطالبة الدول العربية المجاورة لإسرائيل بالاعتراف بها وبحدودها. في سبتمبر 1968 تجدد القتال بشكل محدود على خطوط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا بما يسمى حرب الاستنزاف، مما دفع الولايات المتحدة إلى اقتراح خطط لتسوية سلمية في الشرق الأوسط، وكان وزير الخارجية الأمريكي وليام روجرز قد إقترح ثلاث خطط على كلا الجانبين الخطة الأولى كانت في 9 ديسمبر 1969، ثم يونيو 1970 ، ثم 4 أكتوبر 1971. تم رفض المبادرة الأولى من جميع الجوانب ، و أعلنت مصر عن موافقتها لخطة روجرز الثانية حتى تعطي نفسها وقتاً أكثر لتجهيز الجيش و تكملة حائط الصواريخ للمعركة المنتظرة، أدت هذه الموافقة إلى وقف القتال في منطقة قناة السويس، و إن لم تصل حكومة إسرائيل إلى قرار واضح بشأن هذه الخطة. في 28 سبتمبر 1970 توفي الرئيس المصري جمال عبد الناصر ، وتم تعيين أنور السادات رئيساً للجمهورية. في فبراير 1971 قدم أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة غونار يارينغ، الذي أدار المفاوضات بين مصر وإسرائيل حسب خطة روجرز الثانية، شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر وإسرائيل وأهمها انسحاب إسرائيلي إلى حدود 4 يونيو 1967. رفضت إسرائيل هذه الشروط مما أدى إلى تجمد المفاوضات. في 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967م. كانت الخطة ترمي الاعتماد على المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية في التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية و مفاجأة إسرائيل بهجوم غير متوقع من كلا الجبهتين المصرية والسورية، و هذا ما حدث، حيث كانت المفاجأة صاعقة للإسرائليين.
لم يكن انتصار أكتوبر مجرد انتصارا عسكريا فقط ؛ بل كان انتصارا لقيمة السلام ؛ وترسيخا لمبدأ السلم في العالم ، وترجمة للرسالة الأخلاقية للأمة المصرية . فيذكر التاريخ دائما أن مصر لم تكن على يوما داع للحرب والعنف والإحتلال ، ولم تكن يوما بلدا محتلا لأرض الغير ولم تكن طرفا معتد .
ولكي نفك شفرات حرب أكتوبر المجيدة علينا العودة بالتاريخ الي ماقبلها بسنوات طويله لنكتشف أن التاريخ مترابط مع بعضه بسلسة طويلة وقوية من الأحداث والتشابكات الزمانية والمكانية. ودون الخوض في ملابسات التاريخ وإرتباطات حرب أكتوبر بالأحداث والحروب العديدة التي سبقتها ؛ سنمر سريعا بحرب 48 وأثرها على منطقة الشرق الأوسط ، وما نتج عنها من تغيرات سياسيه واستراتيجيه انعكست على الوضع في المنطقة ، مرورا بحرب 56 والتي بدأت ترسخ فعليا لفكرة وضع مصر على خط المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني ، وصولا الي نكسة 67 والتي كاتت بمثابة الزلزال بالنسبة للمصريين .
ولكن كان ذلك الجيل على قدر الحدث وتحمل الأمانة بكل مسؤلية وشجاعه وصبر رغم الألم والمرارة ورغم الصورة القاتمة وغياب الأمل وهول الحدث ، إتحد الجميع وعبرت مصر والأمة العربية عبورا تاريخيا نحو النصر .
ومن يتأمل في تلك الحرب المجيدة وماقبلها من السنوات الست التى لم تخلو ايضا من انتصارات وبطولات سطرها أبناء الحيش المصري في أصعب حرب يمكن لجيش نظامي أن يخوضها بهذه الإمكانيات الضئيلة ؛ وهي حرب الإستنزاف الشاقة والتي أنهكت العدو بشكل واضح جدا.
تمكن الجيش المصري في يوم السادس من أكتوبر عام 1973 من عبور قناة السويس و اختراق الساتر الترابي في 81 مكان مختلف وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياة ذات ضغط عال ، قامت بشرائها وزارة الزراعة للتمويه السياسي ومن ثم تم الاستيلاء على أغلب نقاطه الحصينة بخسائر محدودة ومن ال 441 عسكري إسرائيلي قتل 126 و أسر 161 و لم تصمد إلا نقطة واحدة هي نقطة بودابست في أقصي الشمال في مواجهة بورسعيد وقد اعترض أرئيل شارون الذي كان قائد الجبهة الجنوبية علي فكرة الخط الثابت واقترح تحصينات متحركة وأكثر قتالية ولكنة زاد من تحصيناته أثناء حرب الاستنزاف.
وبلغت تكاليف خط بارليف 500 مليون دولار في ذلك الوقت .هدفت مصر وسورية إلى استرداد الأرض التي احتلتها إسرائيل بالقوة، بهجوم موحد مفاجئ ، في يوم 6 أكتوبر الذي وافق عيد الغفران اليهودي، هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس و في عمق شبه جزيرة سيناء.
ومن جهة أخري يعتبر انتصار أكتوبر قاده شعب عظيم قبل جيشه الذي قدم للوطن حدثاً فريداً في تاريخه ومجداً مقيماً نظل نتذكره ونُذكِّره أيضاً للأجيال المتعاقبة، هذا النصر إن أمكن لنا تحليل هدف استرجاعه ذهنياً هو مطمح راق من أجل عدم الوقوع في غياهب الإحباط أو الاستسلام الوئيد لمشاعر اليأس التي تجتاح صدور بعض المصريين، إن أكتوبر النصر والحدث درس عظيم من شعب قادر على لم شتاته وقت الأزمات والشدائد التي تعصف به، فالمواطن الذي مزقته وقائع السياسة الداخلية وإبطاء قرار العبور العظيم نجح في أن يعبر أزمته النفسية واجتاز بنجاح مخاطر المرحلة الضبابية والحرب النفسية التي كان يحياها مثلما استطاع البواسل ضباط وجنود مصر العظيمة دائماً في اقتحام واجتيار وعبور خط بارليف الذي صُوِّر للبعض أنه منيع.
وتكمن أهمية الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر التي تعد أحد أهم ذكريات المصريين على مر الزمان، فحرب أكتوبر المجيدة أعادت للمصريين هيبتهم مرة أخرى وأثبتت صلابة وقوة الجندي المصري وعظمة القوات المسلحة المصرية التي أدارت واحدة من أهم الحروب العسكرية في تاريخ البشرية بكل مهارة وحنكة عسكرية أبهرت العالم أجمع، وأصبحت حرب أكتوبر بتفاصيلها وأحداثها حربًا يتم تدريسها في كبرى الجامعات المتخصصة في العلوم العسكرية.
وهذا يجعلنا نتحلي بالالتزام بروح أكتوبر في جميع التحديات التي تواجههم في حياتهم فالشباب هم أساس النهضة والتقدم وعصب الأمة وروحها وعزوتها وجيشها وأوصاهم بالتحلي بالعلم والإيمان والأخلاق والكرامة والاهتمام بقضايا الوطن المهمة واتخاذ القدوة من نبينا وأصحابه لكي ننهض بوطننا، فالأمة بلا تاريخ كإنسان دون ذاكرة.
شعب مصر دائمًا نسيج واحد، ولا فرق بين مسلم أو مسيحي على جبهة القتال، والشارع المصري هو الجندي المقاتل الذي يدافع عن أرضه وعرضه، مشيرا إلى أن تحية الشهداء ضرورة للتأكيد على تكريمهم لما فعلوه من التضحية لأجل الوطن.