عِندمَا نَألف النِعم

عِندمَا نَألف النِعم

كتبت: وئام أحمد

بداخِل الحجرِ الصِحِي أُناسٌ هُم أرقُ مِن خُيُوطِ العنكبُوت،
لا ينَامُون بسرعة، أحدهُم يُفكِر وآخر يتذَكر…
أحدَهُم يبكِي وآخر يبتسِم، منهُم مَن يتأمَل وبعضهُم يتألم،
الحجرُ الصِحِي بمثَابة عَالمٌ مُنفصِلٌ عَن عَالمِنا، له سُكانٌ آخرُون، طُرقهُ طوِيلة وسُبلهُ تعتلِي الأرض، كلُ شيءٍ فيهِ يندفِعُ بسُرعةٍ وشرَاسة، كالدمُوعِ والأدعِية…

تظهرُ فيهِ المشَاعِر علىٰ حقِيقتِها بل تستيقِظُ فيهِ الضَمَائِر النقِية وتشهدُ عليهِ الوسَائِدُ و تبُوحُ بهِ الدُمُوع.
وفِي غَفلةٍ مِن الزمَانِ تُولد فيهِ آمالٌ جدِيدة وشغفٌ ويقينٌ،
قرَاراتُ أُخذت مِئات المَرات بحزمٍ فِي أوقاتِ القُوةِ والصِحة وما تلبثُ أن يُبطلَ مفعُولُ تنفيذهَا عِند آخر شُعاعٍ يغِيبُ للشمسِ أو كلمةٍ من طبِيبٍ تُخبرهُ أن مُكُوثهُ مَازال مُستمِر …

للحجرِ الصِحِي أهلهُ الذِين يعرفُون الفَرق بين السَاعةِ والسَاعة، الذِين يعرفُون متىٰ يَبدأ البُكاء ومتىٰ يَنتهِي..
أهلهُ وحدَهُم مَن يعرفُون الشَغف للشفاء، مَن يتأثرُون بكلماتِ ذوِيهم، من يُغازلُون القَمر فتغَازلهُم النجُوم، فهُم يَعيشُون حياة كامِلة دُون أن يُغادِرُون (أسِّرتهُم) لأنهم لا يَستطِيعُون….
فهُم يَدعُون اللّٰه ألا تكُون نهَاية حياتَهُم بدَاخِل الحَجرِ الصِحِي…بالرَغم مِن إيمَانهِم بأن للموتِ سَاعة لا يعلمهَا سِوىٰ اللّٰه….
هَؤلاء فِي زِحَامٍ مِن النِعم فلديهِم يقينٌ بأن اللّٰه سيجبُر خوَاطرهُم مِثلمَا جَبرهَا قَبل ذٰلك….. ولكِنهُم فِي نفسِ الوقتِ يُريدُون الخرُوج لرؤيةِ أحبَائهُم ولو لبُرهَه…
هُم سُعدَاء بالابتلاء لأنهُم يَعلمُون أن مَنزِلتهم عِند اللّٰه عَالِية…ولكِنهُم بشر يتألمُون بين الحِين والحِين عند سمَاعِ خبر وفَاةِ أو إصَابة….

رفَاقهُمُ الجُدُد هُم الأبطَال (الأطبَاء والتمرِيض) الذِين يبذلُون قصَارىٰ جُهدهُم مَعهم،

الصِحة نِعمة….. ولكن يجِبُ أن نَحذرَ مِن أن نَألف النِعم دُون شُكر اللّٰه دَومًا عليهَا.

الحَمدُ للٰه.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.