وقفات مع طفلك الموهوب

د.سلوى سليمان تكتب :
وقفات مع طفلك الموهوب

يدرك الطفل الذي يتمتع بقدرات عقلية استثنائية منذ سن مبكرة أنه مختلف عن أترابه. ومن هنا ينشأ لديه شعور مرير
بالعزلة والمعاناة يصاحبه لبقية حياته، في انتظار أن يفهم نفسه، ويفهم المحيطون به سبب اختلافه عنهم .
ويبدأ الشعور بالوحدة لدى الإنسان منذ بداية تشكّل الوعي بالذات الفردية. والطفل الذي يتمتع بموهبة عالية يدرك اختلافه
عن الآخرين دون أن يكون قادراً على تفسير ذلك. وينشأ لديه شعور بالوحدة يستمر لديه طويلاً، وأحياناً يُسلط عليه
ضغطاً لا يطاق في كافة مراحل حياته.
لاشك أن وجود طفل موهوب، أمنية تتمناها كل أسرة، وحلم جميع الآباء. ومن ناحية أخرى نجد أن ظاهرة الطفل الموهوب
قد لفتت نظر المفكرين والمربين منذ أقدم العصور، وحاول بعضهم أن يقدم تفسيرات شتى لهذه الظاهرة، كما استُخدمت
مصطلحات عدة للدلالة عليها، كالعبقرية والنبوغ والإبداع. ويرى البعض أن الموهوب يختلف عن المبدع، فالموهوب
هو الذي يملك قدرة عقلية عالية، أما المبدع فيتسم بالإنجاز الجديد الأصيل.
وينظر علماء النفس أثناء تعاملهم
مع الموهوبين إلى المستقبل دون تجاهل الماضي والحاضر ، وكأنهم يضعون الإعداد والرعاية والتوجيه نصب أعينهم
، كي يتمكنوا من الاستفادة المستقبلية من هؤلاء الموهوبين.
وفي الواقع فإن الأطفال الموهوبين ذخيرة يجب أن تصان ولا تبدد، فهم القوة التي تدفع البشرية إلى الأمام، وهم القلم
الذي يكتب التاريخ، وهم وديعة الوطن وثروته، ومن هنا تمثل رعاية الموهوبين الأساس ونقطة الانطلاق، وما يتم انفاقة على رعاية
فئات الموهوبين لا يضيع هباء، بل يظهر مردوده بعد سنوات عدة في مختلف مجالات الحياة.

ومن المهم معرفة أن الأطفال الموهوبين، بالإضافة إلى احتياجاتهم الأساسية كأطفال، إلا أنهم يعتبرون أطفالا
ذوي احتياجات خاصة، لأنهم يحتاجون إلي دعم إضافي، حتى تنموا مواهبهم إلى أقصى حد. وفي عديد من الدول في العالم،
تم توجيه عناية أكبر بهؤلاء الأطفال. وتوجد هنالك جمعيات مختلفة أسست لدعمهم وذويهم .
فضلا عن أنه يوجد عدد من الصفات النفسية الإيجابية والسلبية التي يشترك فيها الموهوبون ، فالطفل الموهوب هو طفل قوي الملاحظة،
فضولي جدّاً، يُبدي اهتماماً شديداً بكل شيء. يتمتع بذاكرة ممتازة. لا يَمَل من عمل أي شيء بل يُثابر عليه إلى أن ينجزه.
يمتاز بمهارة عالية في الاستنتاج وتقديم الحجج والبراهين. يمتاز بتطور قواه العقلية ومداركه وقدرته على التأليف
. يستطيع بسرعة وبسهولة فهم العلاقة بين الأفكار والأشياء أو الحقائق
يكتسب مهارة حل المشاكل بسرعة
وبتدريب أقل ومن دون الحاجة إلى التكرار. خياله واسع. يحب العلم، ويساعده حبّه للعلم، وذاكرته القوية،
وقدرته على التعلم بسرعة وسهولة، على النجاح.
لكن هذة الصفات في الأغلب تؤدي به إلى مشاكل اجتماعية وعاطفية، يمكن أن تؤثر في تطوره الاجتماعي والعاطفي. .

و لهذا تعتبر فئة الموهوبين من الفئات المعرضة للخطر إذا لم تجد الرعاية الكافية من المحيطين بهم وتقبلهم وتلبية
احتياجاتهم المختلفة، وتطوير طرق تعليمهم ومحاولة إرشادهم وإرشاد المحيطين بهم نفسيًا نظرًا للحالة الوجدانية
الانتقالية التي تميزهم عن العاديين.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.