بايدن والتيارات الإسلامية يكتبها / ثروت عبدالرؤوف
بايدن والتيارات الإسلامية يكتبها / ثروت عبدالرؤوف
ماذا أنت فاعل بنا يا بايدن؟
هذا السؤال الذي يشغل بال الرأي العام في مصر الآن
وللإجابة عن هذا السؤال علينا أن نعود قليلا إلى الخلف وتحديدا إلى مارس ٧٩ منذ توقيع معاهدة السلام والتي بموجبها أصبحت أمريكا شريك أساسي لمصر لها علينا التزامات وعلينا لها التزامات
بايدن والتيارات الإسلامية والتزامات أمريكا ومصر
بايدن والتيارات الإسلامية
إن أمريكا بإختصار هي تقديم معونة سنوية لمصر تضمن تفوق الجيش المصري إلى حد معين من حيث السلاح والتدريب وأمريكا ملتزمة بذلك حتى الآن
التزامات مصر بإختصار أيضأ هي تسهيل مصالح أمريكا في المنطقة وضمان أمن إسرائيل
ضمان أمن إسرائيل
ضمان أمن إسرائيل بالمفهوم الشامل بداية من عدم وجود قوات عسكرية على حدودها إلى عدم الإنخراط في أية أحلاف تهدد أمنها مرورا بإقناع الدول العربية بتوقيع سلام معها والتعاون السياسي والإقتصادي والأمني والمخابراتي معها
والأهم تحقيق الإستقرار الداخلي في مصر بما يضمن عدم وصول تيار مناهض لإسرائيل لحكم مصر قد يهدد هذه المصالح
التزام مصر
مصر ملتزمة بكل ما عليها منذ توقيع معاهدة السلام والخلاف بينها وبين أمريكا وإسرائيل فقط حول النقطة الأخيرة
السادات ومبارك
السادات بعد توقيع المعاهدة تعرض للإغتيال من التيار الإسلامي الرافض للسلام مع إسرائيل
مبارك ظل عشر سنوات من الصراع المرير وفي كر وفر مع هذا التيار حتى توصل بدعم أمريكي في عام ٩٠ إلى إتفاق للمصالحة مع هذا التيار وإدماجه المشروط في العملية السياسية وبعدها عاشت مصر في أمن وأمان حتى عام ٢٠١١
اندلاع ثورة شعبية
فى عام ٢٠١١ إندلعت ثورة شعبية في وجه مبارك قادها شباب العولمة والقوى الليبرالية في المجتمع الطامحة للحرية والعدالة والديموقراطية والتي ضاق صدرها من الفساد والمحسوبية والبيروقراطية والإتجاه نحو توريث الحكم وأغراها على ذلك نجاح الثورة التونسية في الإطاحة بحكم بن علي
مصر في مأذق
وجدت مصر نفسها في مأزق ليس لديها أحزاب قادرة على قيادة العملية السياسية وليس للثوار قائد يمكن الإعتماد عليه وتسليمه السلطة وهناك ضغوط شعبية في الشارع برفض حكم المؤسسة العسكرية وأصبحت البلاد مهددة بالدخول في فوضى
على الأرض كان فصيل الإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين وحده المنظم القادر على إحتواء الموقف
تم عقد إتفاق بين المجلس العسكري وهذا الفصيل على الدفع به إلى صدارة المشهد لإحتواء الموقف وبالفعل حصد هذا التيار أصوات الأغلبية ووصل إلى الحكم
إخلال التيار بالتزامات مصر
للأسف أخل هذا التيار بالتزامات مصر تجاه أمريكا وإسرائيل المنصوصة والملزمة بموجب معاهدة السلام وفعل ما كانت تخشاه أمريكا وإسرائيل وسعى إلى الإنخراط في تحالف مع إيران العدو التقليدى لإسرائيل وتركيا وباكستان يهدد أمن ومصالح إسرائيل وهدد بالتدخل في الشأن السوري ومارس ضغوط على إسرائيل من أجل سكان غزة وهدد الأنظمة الحاكمة الصديقة لأمريكا السعودية ودول الخليج وإسرائيل ولذلك تمت ممارسة ضغوط على مصر من أجل التخلص من هذا النظام وبالفعل تخلصت مصر منه وشنت حرب ضروس ضد هذا التيار ولم يكن أمام أمريكا إلا الموافقة عليها ودعمها وغض الطرف عن تجاوزاتها
بايدن والتيارات الإسلاميةوهدف أمريكا
الآن ذهب ترامب وجاء بايدن لكن مازال هدف أمريكا كما هو الإستقرار الداخلي في مصر الذي لا يسمح بوصول تيار مناهض لأمن إسرائيل وضد المصالح الأمريكية في المنطقة وضد مصالح أصدقاء أمريكا
بايدن والتيارات الإسلاميةو الخلاف الوحيد
الخلاف الوحيد هو أن الديموقراطين مؤمنين بأنه من الصعب بل من المستحيل القضاء على التيار الإسلامي فى مصر مهما كانت الحرب ضده وأنه من الأولى إدماج هذا التيار في العملية السياسية على غرار ما حدث ويحدث في اوروبا وامريكا مع اليمين واليمين المتطرف وأنه يمكن من خلال ذلك إنشاء ديموقراطيات تهتم بمصالحها العليا بعيدا عن التحالفات التي تهدد أمن إسرائيل ومصالح أمريكا فى المنطقة أو على أقل تقدير التوصل إلى إتفاق على غرار ما تم بين نظام مبارك وهذا التيار فى عام ٩٠
هل ينجح التيار الإسلامي في تقديم نفسه بشكل جديد؟
فهل ينجح التيار الإسلامي في تقديم نفسه بشكل جديد لصناع القرار في أمريكا بعد تجربته الفاشلة في الحكم ويتعهد بعدم المساس بأمن إسرائيل ومصالح أمريكا ويقنع صناع القرار فى أمريكا بذلك ويحوز على دعم أمريكا والإندماج في العملية السياسية كما حدث أثناء حكم مبارك من عام ٩٠ وحتى عام ٢٠١١ مع ضمان عدم وصول هذا التيار إلى قمة الحكم أو التعهد بهذة الإلتزامات صراحة حال وصوله إلى الحكم وعدم أعادة إنتاج تجربة حكم الإخوان مرة أخرى
بايدن والتيارات الإسلامية و التحالف الإسلامي
الكورة في ملعب الإخوان إما أن يتخلوا عن إيديولجيتهم وحلم الخلافة و إقامة تحالف إسلامي قوى مناهض لإسرائيل وأمريكا وإما الإستمرار فى الصراع حتى يحسمه أحد الطرفين وإما الرضاء ببعض المكاسب والتعايش السلمى داخل المجتمع كما حدث أيام مبارك
موقف بايدن المتوقع
وهذا موقف بايدن المتوقع وموقف الإخوان يحدده الإخوان وموقف النظام مرن لا يضيره ما يتوصل له بايدن مع الإخوان وسوف يرضخ له كما رضخ نظام مبارك من قبل خاصة وأن تكلفة التعايش السلمي أقل بكثير من تكلفة الحرب ضد الإرهاب ومصر جربت هذا وذاك وتعلم جيدا الفرق بينهما
نمو التيار الحالم بالحرية والديموقراطية
لكن التحدي الأكبر الذي يواجه مصر هو نمو التيار الحالم بالحرية والديموقراطية والرافض للثنائية البغيضة التي تحكم مصر والحالم بالحرية والديموقراطية وهذا التيار سوف يلقى دعم من إدارة بايدن لا محالة وقد يعيد إنتاج ثورة جديدة ضد النظام مالم يتم إحداث تغيير جذري في معادلة الحكم
بايدن والتيارات الإسلامية الموضوع معقد جدا وكل الأطراف متأهبة وبايدن بحكم السن وبحكم أن هذه أخر فرصة أمامه للحكم ومن الصعب أن يترشح مرة أخرى بعد أن يصل عمره إلى ٨٢ عام و لديه رغبة فى إحداث تغير في المنطقة يقترب من التغيير الذي أحدثه ترامب نحو فرض السلام في هذه المنطقة المنكوبة من العالم