خدمة النساء في بيوتهن
بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
شاهدتُّ أحدهم يدعو عبر مقطع مرئي في قناة مشتهرة إلى تمرد الزوجة على الخدمة في بيت زوجها! ونسي بل تناسى أن سيدة نساء العالَمين، الزهراء – عليها السلام -، بنت سيد النبيين ﷺ، كانت تخدم في بيت زوجها علي – رضي الله عنه : تكنس البيت وتفرشه . تطبخ الطعام . تعجن الخبز .
قَالَ ابن حبيب فِي ” الْوَاضِحَةِ “: (حَكَمَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حِينَ اشْتَكَيَا إِلَيْهِ الْخِدْمَةَ ، فَحَكَمَ عَلَى فاطمة بِالْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ ؛ خِدْمَةِ الْبَيْتِ ، وَحَكَمَ عَلَى علي بِالْخِدْمَةِ الظَّاهِرَةِ).
ثُمَّ قَالَ ابن حبيب : وَالْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ : الْعَجِينُ وَالطَّبْخُ وَالْفَرْشُ وَكَنْسُ الْبَيْتِ وَاسْتِقَاءُ الْمَاءِ وَعَمَلُ الْبَيْتِ كُلِّهِ.
وها هي أسماء ذات النطاقين ، بنت الصِّدِّيق – رضي الله عنهما – قد صَحَّ عَنْ أَنَّهَا قَالَتْ : (كُنْتُ أَخْدِمُ الزبير خِدْمَةَ الْبَيْتِ كُلِّهِ ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ ، وَكُنْتُ أَسُوسُهُ وَكُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ ، وَأَقُومُ عَلَيْهِ). ولَمْ يَقُلْ ﷺ لعلي رضي الله عنه : لَا خِدْمَةَ عَلَى فاطمة ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَيْكَ ، وَهُوَ ﷺ لَا يُحَابِي فِي الْحُكْمِ أَحَدًا.
وَلَمَّا رَأَى أسماء وَالْعَلَفَ عَلَى رَأْسِهَا ، والزبير مَعَهُ ، لَمْ يَقُلْ لَهُ : لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا ، وَأَنَّ هَذَا ظُلْمٌ لَهَا ، بَلْ أَقَرَّهُ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا ، وَأَقَرَّ سَائِرَ أَصْحَابِهِ عَلَى اسْتِخْدَامِ أَزْوَاجِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ مِنْهُنَّ الْكَارِهَةَ وَالرَّاضِيَةَ هَذَا أَمْرٌ لَا رَيْبَ فِيهِ.
نعم ، مسألة خدمة المرأة لبيت زوجها فيها خلاف واسع من حيث الوجوب والاستحباب. فهلَّا اختار الشيخ الاستحباب إذا كان يريد التيسير وإرضاء النساء ، وحثهن على تلك الخدمة من باب التَّطَوُّعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وحُسن العشرة، ورعاية الزوج؟! وهلَّا دعا ذلك الشيخ النساء لِيَكُنَّ (فواطم) في بيوتهن؟