أيام الوداد ما انتهت فينا…ولكن بعض الود لا يتجدد*
*أيام الوداد ما انتهت فينا…ولكن بعض الود لا يتجدد*
*كتبت: مايسة صابر*
هناك قانون يحوي بداخله قوانين الحياة كافة وهو قانون التسامح، وهذا من قديم الزمان منذ الفتح وحتی قبل ذلك؛ التسامح لا يجعل العدو يردع عن التمادي في الإساءة فقط؛ بل يجعله يشعر بالندم والتحسر، وهذا لا ينطبق علی السفيه لأن السفيه يری التسامح والعفو ضعف وخضوع، فيزداد بذلك جرأة في الظلم والعداوة.
_”إذا قدرت علی عدوك، فاجعل العفو عنه شكرًا للقدرة عليه” ؛ هذا المبدأ لا يعني ولا يبرر المسالمة للعدو، وقد ورد عن الصين”نستطيع مسامحة المذنب، ولكن ليس بقليل الحياء” .
ليس علينا دائماً بالمسامحة والعفو؛ لأن الله سبحانه وتعالی هو الذي يصفح ويمحو الذنوب دائماً، هو من يتجاوز عنا ويمحو سيئاتنا بكرمه ورحمته؛ وورد في حديث: “اتق حيثما كنت، واتبع السيئة بالحسنة تمحوها، وخالق الناس بخلق حسن”.
ولكن بعض منا لا يستطيع المسامحة، فليس هناك عيب في ذلك فالمسامحة تأتي من الداخل، تأتی وحدها؛ فقد كان هناك أحدهم أغلی عليا من الدنيا وما فيها؛ وذات يوم حدث بيننا ما حدث؛ ما كان مقدر له أن يحدث؛ من قبيل المسامحة واجب عليا أن اعفو وأصفح؛ ولكن منذ ذاك اليوم وأيقنت جيداً بأن المسامحة ليست بهينة ولا بسهله، بل هي أصعب مواقف الحياة التي تأتي في طريق الإنسان منا بغير أن يعد لها حساب؛ في الظاهر نتحدث كثيرًا ونذكر العفو بأنه ليس بأمر صعب؛ ولكنه من أصعب الأمور وأكثرها تأثيرا علی حياة الفرد، هناك من يسامح ولكنه يختار البعد ؛ فيكفي عليا أني سامحتك وصافحتك أمام الله؛ ولكن يعلم الله بأن داخلی خراب لا يطيق المداومة والاستمرارية معك وكأن شيئًا لم يكن.
البعض ينسی؛ والبعض يتناسی؛ وهناك من تأخذه الدنيا فلا ينسی ولا يتناسی ويعش علی الذكری فقط مكتفی بذلك؛ لكن حينما يأتي موعد الصدفة والقرب هنا تبدأ المعاناة والذات التي تجلد نفسها بالبطيء.
_في بعض المدارس الإنسانية للعلاج النفسي، تری أن الإنسان خير بالفطرة؛ مسامح بطبيعتة الإنسانية؛ فالأمر الذي يدعونا ويذرع بداخلنا الرغبة للتسامح _ هو أن بداخل كل إنسان…إنسان.
وليس علينا إلا بإخراجه ونبدي له اهتماماً وتقديراً لكرامته؛ وعندها سوف يخرج ما بداخله من خير فاتحا أبواب نفسه علی مصراعيها؛ مسرعاً في طريقة للتسامح والصفح الجميل.
أيضًا يعلمنا التسامح، التغلب علی الاضطرابات؛ السلوكية والأمراض النفسية؛ والتخلص من الوحدة والاكتئاب والكبت المدفون بجوف الفرد؛ هذا بالإضافة إلى دحض الأفكار اللاعقلانية المسيطرة، وإحلال محلها أفكار عقلانية مسالمة؛ هذا بجانب إلی أن التسامح من سمات وملامح الشخصية السوية.
_ولا ننسی أبداً، أن الشخصية المتسامحة؛ تتسم بمجاهدة شديدة النفس والهوی؛ وهذا من صفات الرفعة والتمكن من زمام النفس؛ وما ردخها للتسامح إلا دليل وبرهان علی رقتها وسموها في مقابلة الإساءة ورد الأذى ، بالإحسان.
~`وأخيراً وليس بآخرا: أن الذي تعود علی التسامح يكتسب مناعة مع الوقت وهنا تتجلی الحكمة التي تقول:
“إذا ما أظل رأسك هم، فقصر البحث فيه لكي لا يطول”.
التعليقات مغلقة.