إلى الذين يفتكون بسيرة الأبرياء فضيلة الشيخ أحمد على تركى

إلى الذين يفتكون بسيرة الأبرياءبقلم فضيلة الشيخ أحمد تركى

الشيخ أحمد تركى

▪️مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

سوأ فكرة

النمامين الذين يفتكون بسيرة الأبرياء

إنها الفكرة الذميمة التي يرسمها لك الآخرون بالغيبة والنميمة عن شخصٍ بريء ، طاهرِ السيرة ، نقِيِّ السريرة .

«مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَا يَعْلَمُ ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ .

أيْ : مِن عُهْدَتِه وذَنبِه .

وَمَنْ رَمَى رَمَى مُؤْمِنًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ ( الشَّيْن العَيْب ، وهو ضد الزَّيْن )

أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ، وَلَيْسَ بِخَارِجٍ».

الرَّدْغَة : الوَحل الشديد .

ويقال : ارتَدَغَ الرجُلُ إذا ارتَطَمَ في الوحل .

 الحديث عن معاذ بن أنس 

حلية الأولياء لأبى نعيم

وجاء في تفسير ردغة الخبال :

 أنها عُصَارة أهلِ النار .

إنه منهاج لو تعلمون عظيم .

ستة أمور إذا أخذنا بها حافظنا على المجتمعات من التفكك ، والعلاقات من الانهيار والأعراض من الطعون الأثيمة والأبرياء من التُّهم الباطلة وفوق ذلك أرضَيْنا ربَّنا العَلِيَّة الكبير .

قال الإمام الذهبي : 

كل من حُملت إليه نميمة وقيل له :

قال فيك فلان كذا وكذا لزمه ستة أحوال :

الأول :

ألا يصدقه ؛ لأنه نمام فاسق ، وهو مردود الخبر .

الثاني :

أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويُقَبِّح فِعْلَه .

الثالث : 

أن يُبغضه في الله عز وجل فإنه بَغِيضٌ عند الله والبُغض في الله واجب .

الرابع :

ألا يظن في المنقول عنه السُّوءَ ؛ لقوله تعالى : 

اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ

 [الحجرات:12].

الخامس :

 ألا يَحْمِلَه ما حُكِيَ على التجسس والبحث عن تَحُقَّقِ ذلك لقوله تعالى : 

وَلَا تَجَسَّسُوا

[الحجرات:12]

السادس :

ألا يَرْضَى لنَفْسه ما نَهَى النَّمامَ عنه فلا يَحْكِي نميمتَه .

إنَّ النمامين الذين يفتكون بسيرة الأبرياء في مجالسهم ويستحلون إلصاق المعايب والنقائص بهم هم المُؤْذون والمؤذيات الذين أرادهم الله تعالى بقوله في محكم آيات القرآن الكريم : 

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا

أي : يؤذونهم في أنفسهم وأعراضهم .

وجَمَع سبحانه في ذمهم بين البهتان والإثم المبين للدلالة على فظاعة ما ارتكبوه في حق المؤمنين والمؤمنات .

إذ البهتان هو الكذب الصريح الذي لا تقبله العقول ، بل يحيرها ويدهشها لشدته وبعده عن الحقيقة .

الإثم المبين  

هو الذنب العظيم الظاهر البين ، الذي لا يخفى قبحه على أحد .

إنهم المعنيون بقول سيد المرسلين ﷺ حين حذرنا فقال : 

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ ؟

قَالُوا : بَلَى .

قَالَ : « فَإِنَّ شِرَارَكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ » .

أي : يطلبون بالبرآء والبريئات الهلاكَ والتعبَ بأن يتهموهم بالفواحش ويرموهم بالنقائص ، ويطعنوا في أعراضهم ، ويفتروا عليهم بما فاض به سوادُ وخبث قلوبهم .

أسوأ فكرة

 هي تلك الفكرة التي تترسخ في الذهن راسمةً صورة سلبية عن شخصٍ لم تلتقِ به عن كَثَبٍ ، أو تجالسه عن قُرْب ، أو تحادثه حديث المستَبْطِن ما في داخلة نفسه .

إنها الفكرة الذميمة التي يرسمها لك الآخرون بالغيبة والنميمة عن شخصٍ بريء ، طاهرِ السيرة ، نقِيِّ السريرة .

ولو جالسْتَه وعاشَرْتَه لتَيَقَّنْتَ أنه «مُفْتَرىً عليه».

فكَمْ مِن نمَّام أفسد العلاقة بين الناس وحكامهم ، والرؤساء ومرؤوسيهم ، والمديرين وموظفيهم ، والهيئات وأعضائها ، والزَّمَالات وعلاقاتها والأصدقاء وبعضهم… إلخ !

 ينقل هذا الخبيث الشرير المؤذِي الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة والاتهامات الفاجرة ، بلا أدنى وازعٍ من دينٍ أو ضمير .

اللهم احفظ أعراضنا واستر عيوبنا وعوراتنا ولا تسلط علينا حاقدًا ولا مُغتاظًا ولا ماكرًا ولا كائدًا ولا شانِئًا ولا حاسدًا ولا خبيثًا ونَجِّنا مِن كلِّ مكروه وسوء .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.