التنمر ترفضه الشريعة الإسلامية
المتنمر يحدث أثراً سلبياً فى نفسية المتنمر عليه بل قد يتعدى أثر التنمر إلى أثار جسدية أيضاً، وقد حرمت الشريعة الإسلامية
التنمر ترفضه الشريعة الإسلامية
بقلم.. منال المسلاوى واعظة بوزارة الأوقاف
إنتشرت فى الفترات الأخيرة ظاهرة يطلق عليها ظاهرة التنمر ، فالتنمر هو سلوك عدوانى يصدر من شخص أو أشخاص غير أسوياء تجاه شخص أخر بهدف الإضرار به أو السخرية والإستهزاء به وهذا ما نهت عنه الشريعة الإسلامية الغراء التى تحث على التحلى بفضائل الأعمال فقد قال الله عز وجل فى سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الأية (١١) سورة الحجرات.
،فالمتنمر يحدث أثراً سلبياً فى نفسية المتنمر عليه بل قد يتعدى أثر التنمر إلى أثار جسدية أيضاً، وقد حرمت الشريعة الإسلامية الإعتداء على النفس بل جعلت حفظ النفس مقصد من مقاصد الشريعة الغراء، فقد قال النبى “صلى الله عليه وسلم”: (لا ضرر ولا ضرار) بمعنى عدم إيذاء النفس بأى نوع من أنواع الأذى وكذلك عدم إيقاع الأذى بالغير، كما حرمت الشربعة الإسلامية الإعتداء على الغير فالحق تبارك وتعالى يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) الأحزاب أية (٥٨).
النمر يتنافي مع مبادئ الشربعة الإسلامية
فالتنمر سلوك مرفوض لأنه يتنافى مع مبادئ الشربعة الإسلامية التى تدعو إلى الرقى والسمو بالأخلاق، ففد جعل الإسلام حسن الخلق أثقل شئ يوضع فى ميزان الإنسان يوم القيامة.
للتنمر صور متعددة منها:
ما هو بالقول كالسباب بالألفاظ الخارجة عن حدود الأدب وهذا النوع إعتبرته الشريعة الإسلامية فسوق أى خروج عن طاعة الله عز وجل بنص حديث عن الرسول “صلى الله عليه وسلم”: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، ومنها ما يكون بالهمز واللمز وقد توعد الله عز وجل من يفعل ذلك بالويل فى قوله تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) أية (١) سورة الهمزة، وقد يكون التنمر بالتعدى من خلال إحداث أضرار جسدية قد تؤدى إلى إزهاق النفس وهذا محرم بنص القرأن الكريم فى قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) الأية (٣٣) الإسراء.
والمتنمر فى الغالب هو شخص يعانى من نقص أو خلل معين فى شخصيته، جعله يحاول تعويض هذا النقص عن طريق إستعراض قوته على من هو أضعف وأقل منه متلذذاً بهذا العمل ليثبت لنفسه أنه هو الأقوى، فعادة ما يمارس التنمر على أشخاص أضعف منه حجماً أو قوة، أو أصغر منه سناً، فالمتنمر هو شخص عادة يعتمد على قوة جسمه وضعف المتنمر عليه، أو كبر سنه وصغر سن المتنمر عليه.
ينتشر التنمر فى المجتمعات المختلفة التى يتواجد فيها الشباب والأطفال بكثرة بخاصة فى المدارس والجامعات، وفى حالة إنتشار التنمر فى هذه الأماكن فإن هذا يعد إساءة للمؤسسات التعليمية التى تعد محراب له قدسيته واحترامه.
ومن الأثار السلبية للتنمر أن التنمر يترك أثر سلبى فى حياة المتنمر عليه من خلال أنه يتسبب أحياناً فى عدم رغبته بالتواجد فى الأماكن التى تم التنمر عليه فيها كالمدرسة أو الجامعة، بالإضافة إلى عزوفه عن التواجد فى أى تجمعات، وقد يؤدى به إلى أن يصبح إنطوائى ويفضل العزلة، ومن الممكن أن يؤدى به إلى العنف كنوع من رد الفعل ورغبة فى الإنتقام فيتحول من معتدى عليه إلى معتدى.
يقع على عاتق الأسرة دور كبير جداً تجاه الأبناء حماية لهم من التنمر ويتمثل هذا الدور فى تعزيز الثقة لدى الأبناء وتنشئتهم فى جو نفسى إيجابى يشعرهم بالأمان والطمأنينة ونبذ الخوف من داخلهم.
ففى حالة وجود أحد الأبناء داخل الأسرة يعانى من التنمر عليه، هنا يجب على الأسرة توعيته بكيفية التعامل فى حالة ما إذا تعرض للتنمر بأن يلجأ للمدرس أو للأخصائى الإجتماعى بالمدرسة، لعرض الأمر عليه حتى لايتطور الأمر.
فى حالة وجود أحد الأبناء داخل الأسرة متنمر، فعلى الأسرة أن تتعامل مع هذا الأمر بهدوء وحنكة ومحاولة معرفة أين يكمن الخلل الذى يعانى منه الإبن، ومحاولة معرفة نقاط الضعف فى الإبن والعمل على تحويلها لنقاط قوة، والأخذ بيد الإبن من خلال معرفة الهوايات التى يتقنها ويحبها والعمل على تنميتها لشغل وقت فراغه وتفكيره فى أشياء هامة وهادفة.
أهمية دور الأسرة في تنشاة أبناء اسوياء
فاللأسرة دور كبير فى تنشئة الأبناء على الأخلاق السليمة السوية التى تجعل الأبناء أسوياء فلا يتنمروا على أحد ولا أحد يتنمر عليهم، وللأسرة أيضاً دور كبير فى مساعدة الأبناء على إختيار الأصدقاء، فالرفقة الصالحة خير معين على الطاعة وعلى السير فى الطريق المستقيم ولهذا قال النبى “صلى الله عليه وسلم”: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، والصداقة بين الأباء و الأمهات والأبناء تعمل على خلق جو نفسى يشعرهم بالأمان و الإطمئنان، بالإضافة إلى ضرورة أن يشارك الأباء الأبناء فى اهتماماتهم والعمل على تنمية قدراتهم ومهاراتهم.
فمسئولية الأسرة عن التنمر مسئولية كبيرة، فقد أوصى النبى “صلى الله عليه وسلم” بحسن رعاية من نعول حينما قال “صلى الله عليه وسلم”: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) فالإهمال فى رعاية الأبناء وعدم تنشئتهم التنشئة السويةالسليمة سبب رئيسى فى لجوء الأبناء إلى التنمر.
وقد حدثت أكثر من واقعة تنمر فى عهد الرسول “صلى الله عليه وسلم” منها:
– فى قصة سيدنا بلال عندما تنمر عليه أبى ذر الغفارى وعايره بأمه بأنها سوداء حبشية فقال له الرسول “صلى الله عليه وسلم” إنك أمرؤ فيك جاهلية ثم قال له (إخوانُكم خَوَلُكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطعمْه مما يأكل وليُلبسْه مما يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم”) ، وكان هذا النوع من التنمر فيه عنصرية وبدعو إلى الكراهية.
– وما روى لنا عن أم المؤمنين السيدة عائسة “رضى الله عنها” عندما وصفت السيدة صفية “رضى الله ع