ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
بقلم: د. رحاب أبو العزم
أحداث بارزة لعام 2022م
نحن على مشارف توديع عام ميلادي؛ جرى العرف الدولي على التأريخ به لذا فنحن أمة الإسلام نضعه في حساباتنا حيث تؤرخ العقود الدولية، وبه تعقد الصفقات العالمية. مر عام 2022م وانطوت كل أسرة على أحزانها لما تعرضت إليه من أحزان وكوارث مفجعة، وانبهرت كل أسرة بأفراحها لما أنجزت من سعادة في النجاحات وسعادة في الأحداث المضيئة. ومن دائرة العائلات إلى دائرة المجتمعات والشعوب والبلدان لنرى الكرة الأرضية مازالت تعاني تداعيات فيروس كورونا، والتأثير السلبي على اقتصاد كثير من الدول، وعلى التعليم والصحة. ولم يتنفس العالم الصعداء حتى داهمنا الرئيس الروسي في مطلع عام 2022م بالحرب على أوكرانيا لتزداد خسارة العالم وتتفاقم من وقف تصدير البلدين للقمح غذاء الشعوب، ووقف تصديرهما لمصادر الطاقة نتيجة اشتعال الحرب بينهما ومقتل العديد من المواطنين في البلدين، وصار الغلاء هو السمة الرئيسة التي يعيش عليها شعوب البلاد المستوردة للقمح ومصادر الطاقة من البلدين. تتوالى الأحداث المفجعة لتوقف عقولنا أمام سؤال محير: مالسبب في تلك الضربات الموجعة؟ ومالسبيل إلى النجاة؟
*سبب الأحداث المفجعة*
قال تعالى في محكم آياته: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)، والآية من جوامع كلم القرآن الكريم لما تقصده من الموعظة بالأحداث ماضيها وحاضرها للإقلاع عن أوجه الفساد والإفساد، والعظة بعاقبة الفاسدين والمفسدين، والتفكر في عدل الله تعالى بعقوبة الجاحدين بعد إنذارهم؛ هؤلاء الذين ساءت أعمالهم فساء حالهم، وحاربوا المصلحين والصالحين ففسدت جل أمورهم فيما ينتفع به الناس من خيرات الأرض برها وبحرها. والعجيب تلك الحيرة في سؤالهم: لماذا تتلاطم علينا المواجع والأحداث الفواجع؟ ليرد عليهم كتاب الله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَٰبَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ)، فإن مخالفة أوامر الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والتهاون في فعل نواهي الشريعة الغراء، والتطلع إلى الأفضل بالوسيلة المحرمة من أهم أسباب نزول غضب وسخط الله تعالى، وانتزاع البركة من بر وبحر الأرض، وانتشار المتناقضات اللامعقولة؛ حيث العاقل هو من يحاسب نفسه عند ما يفاجئه المكروه، ويعمل على تدارك ذنوبه وأخطائه، ويقبل على حاضره ومستقبله بتوبة نصوح وثبات عليها وصبر على مغريات الدنيا مستفيدًا من أخطاء ماضيه ومتعظًا بما حدث له فيه حيث من الجنون ارتكاب نفس الأخطاء بدون رادع.
*الاحتياج إلى عام جديد مشرق*
وما أحوج البشر عامة والمسلمين خاصة إلى رفع مستوى الحياء وقيمته، والبعد عن التبجح والتمرد والتمرس على فعل أي محرم بلا وازع أخلاقي، وما أحوج أمتنا المسلمة إلى الأخذ بجميع أسباب الرقي والتقدم لجلب القوة والهيمنة فلا مجال للضعف والهوان في الأعوام المقبلة؛ إنما ستكون السيادة لصاحب القوة العقائدية والعلمية والاقتصادية. إن جميع البشر في حاجة ماسة إلى التعايش السلمي، والحياة المشرقة المبهجة، في احتياج لما نفتقده من أعوام مشرقة بالنجاح والرقي والتطور الإيجابي. إن جميع الكرة الأرضية تحتاج إلى السِلم والأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذا لا يتأتى إلا بالتعاون بين شعوب العالم لخلق أعوام جديدة في تطورها الإيحابي متنوع المجالات.