فن الإتيكيت والذوق في الإسلام
فن الإتيكيت والذوق في الإسلام
بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
الذوق حاسَّة معنوية تدعو صاحبَهَا إلى مراعاة مشاعر الآخرين وأحوالهم وهو أدبيَّات التعامل مع الناس .
للذوق في الإسلام منزلة رفيعة وهو أمر جمالي مهم في حياتنا نحن المسلمين .
الذوق حاسَّة معنوية تدعو صاحبَهَا إلى مراعاة مشاعر الآخرين وأحوالهم ، وهو أدبيَّات التعامل مع الناس ، وهو الفنُّ الجميل في العَلاقة مع الآخرين وهو آدب ضائع بين الناس .
والذوق أيضًا ظاهري ومعنوي ، وهنا نعدِّد بعض مظاهر الذوق الذي جاء به الإسلام ، وأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم وكان هو فيه القدوة:
جمال الذوق في طريقة المشي والصوت
قال تعالى :
{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْـجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا}
سورة الفرقان
وقال تعالى :
{وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْـحَمِيرِ}
سورة لقمان
جمال الذوق في عدم إزعاج الآخرين
قال تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْـحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُون}
سورة الحجرات
ونزلت هذه الآيات في أناسٍ من الأعراب قَدِموا وافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوه في بيته وحجرات نسائه ، فلم يصبروا حتى يخرج بل نادوه :
يا محمد يا محمد .
أي : اخرج إلينا ، فذمَّهم الله بعدم العقل .
جمال الذوق في الشارع
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
إِيَّاكُمْ وَالْـجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ .
فقالوا : يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُدٌّ نتحدَّث فيها .
فقال : إِذْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْـمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ.
قالوا : وما حقُّ الطريق يا رسول الله ؟
قال : غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْـمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْـمُنْكَرِ .
رواه البخاري ومسلم
جمال الذوق في الاستئذان
قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
سورة النور
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
الاِسْتِئْذَانُ ثَلاَثٌ ؛ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ .
رواه البخاري
فهذه بعض مظاهر الذوق التي جاء بها الإسلام تحفل بتفاصيل قد لا ينتبه لها واضع فلسفة أو تشريع على الإطلاق .
ولكن هذا هو فرق ما بين الله تعالى وبين البشر ، فكان هو الفرق بين الإسلام وغيره من الفلسفات ، ثم كان الفرق بين حضارتنا وغيرها من الحضارات .