د.حازم أبوعلي استشارى تغذية النباتات في حوار شامل لجريدة أسرار المشاهير

 

أهمية وفوائد قصب السكر وحقيقة إستهلاكة للمياه ..

 

كالمعتاد ارتبط لدينا السكر بالقصب، فكلما ظهرت أزمة يرتبط ذلك في أذهان الناس بمحصول القصب وكأنه سبب رئيسي لتلك المشكلة، فهل يعود ذلك لاستنفاذ محصول القصب كميات كبيرة من المياه؟ وبالتالي يرتبط لدينا بأزمة في مصادر المياه كأزمة سد النهضة وازدياد عدد السكان الذي جعل حصة مصر من المياه قليلة عما قبل؟ وهل غلق بعض المصانع حاليًا سوف يتسبب في أزمات ومشكلات لدينا فيما بعد؟! في الحوار التالي مع استشاري تغذية النبات، سنتعرف على إجابة لهذه الأسئلة التي لطالما تدور في أذهان الناس.

 

قال الدكتور حازم أبو علي استشاري تغذية النبات: أنه تم تجربة زراعة محصول قصب السكر في الاراضي الصحراوية، ونجح بشكل كبير وملحوظ بنظام الري بالتنقيط وهو نظام موفر للمياه، في الصحراوي الغربي لمدينة ملوى وابوقرقاص، لاسيما انتجت بهذه الطريقة كميات أعلي من متوسط انتاج الفدان في الاراضي الطينية، وبذلك يتضح لنا أن فكرة استهلاك محصول القصب للمياه خاطئة، وأن هناك خطأ في أسلوب الزراعة متوارث بين الأجيال.

هل تم استحداث سلالات جديدة من القصب تعطي انتاجية أعلي من الأصناف القديمة وتعميمها علي المحافظات؟

أكد أبو علي: أنه لم يحدث أي استحداث لسلالات حديثة من قصب السكر، وما يحدث هو توارث لنفس الصنف، وجمبع المزارعين يزرعونها، لا يتم استحداث سلالات متطورة من الأصناف، كأصناف جيزة 3، جيزة 4، جيزة 5، حوامدية 24، وهي أحدث السلالات ولكن لازالت في مرحلة التجربة وليس التعميم.

أضاف: أن زراعة القصب في الأراضي الطينية، وهي أراضي الوادي القديم التي استُهلِكت بكثرة زراعة نفس الصنف في نفس الأرض منذ 50 عامًا بدون أي تحديث، وبالتالي كل نبات يمتص عدد من العناصر بشراهة، وعند تغيير الأرض في الزراعة ترتفع انتاجية المحصول كما حدث في الأراضي الصحراوية لقصب السكر، حيث أدى إنتاجه منها إلى ضعف إنتاجه بالأراضي الطينية تقريبا وبذلك يكون قد نجح في الصحراء بدون استهلاكه للمياه بالشكل الملحوظ في الأراضي الطينية، وهو ينفي تمام إن القصب محصول مستهلك للمياه.

 

في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعار ايجار الأراضي، ومنافسة بعض المحاصيل للقصب والبنجر في حساب التكلفة والإنتاج الأرباح .. هل السعر المعلن من قِبل المصانع أصبح مجزي للمزارع؟

ليس هناك سعر منافس بل على العكس تماماً، السعر المطروح من المصانع للمزارعين زهيد جداً مقارنة بأسعار معامل إنتاج العسل، ومن هنا يتضح لنا أن المزارع ليس لديه خطأ، ذلك لأن السعر المطروح من قبل المصانع قليل جداً ولا يسد احتياج المزارع لتكلفة توريد المحصول ورفع تكاليف النقل وخلافه، بالنسبة لأسعار عصارات العسل فهي ليست مكلفة للمزارع من حيث النقل والتوريد، لذا يفضل المزارع بيع المحصول للعصارة والعوادي “محلات عصير القصب”.

هل مساحات زراعة محصول قصب السكر في تناقص؟

أوضح استشاري تغذية النبات: أن مساحات قصب السكر في مصر تتناقص بشكل كبير، وذلك لعدة أسباب ومنها: ضعف الإنتاج الناتج من تكرار زراعة نفس المحصول في نفس الأراضي في الوادي القديم لسنوات عديدة كما ذكرنا سالفاً، وعدم استنباط أصناف جديدة لديها القدرة على إعطاء محصول إنتاجه عالي مقاوم للآفات وأمراض التربة والإصابات الحشرية وتقلبات المناخ، بالإضافة إلى امتناع معظم المزارعين عن زراعة محصول القصب لطول المدة التي يمكثها في الأرض 12 شهر تقريباً، وزراعة بعض المحاصيل الطبية والعطرية التي لها مردود اقتصادي أعلى من القصب.

 

تابع الدكتور حازم أبو علي: عدم تقدير مصانع السكر لأسعار توريد القصب بالسعر المناسب لتكلفة الإنتاج العالية للمزارع، في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات، وارتفاع إيجار الأراضي، الأمر الذي أدى إلى امتناع معظم المزارعين عن زراعة القصب في الوجه القبلي، والاتجاه إلى زراعة محاصيل أخرى ذات عائد مادي كبير، وذلك يهدد باندثار واختفاء قصب السكر وهو محصول استراتيجي، حيث يتم تصنيع السكر من خلاله بنسبة تتعدى 50% من انتاج السكر في مصر.

 

هل يأتي اليوم وينتهي زراعة محصول قصب السكر في مصر؟

نعم أوشك علي ذلك، فحينما نتحدث عن اختفاء صناعة السكر في مصر، فهو أمر مرتبط بصناعات أخرى وليس السكر وحسب، ولكننا نعلم جميعا أن صناعة الخشب الحبيبي والمولاس الذي يصدر إلى الخارج، بالإضافة إلى صناعة الخل والكحول والخمائر، والعديد من الصناعات الناتجة عن صناعة السكر، منوهاً إلى أن زراعة قصب السكر ليست مستهلكة وشرهة للمياه كما يشاع، وليس محصول ضاغط على الاحتياطي المائي لمصر.

 

هل مصانع السكر في مصر هي السبب في أزمة نقص السكر؟

بالطبع لا، ذلك لأن خطوط الإنتاج في هذه المصانع قديمة جدآ ومتهالكة، وكانت مصممة لإنتاج السكر من القصب، وبالتالي نقص المحصول أدى إلي توقف معظم المصانع، ومصانع السكر لا تقرر الاسعار في التعاقد.

 

من كل ما سبق يتضح لنا، ان محصول قصب السكر غير مستهلك المياه كما يشاع، وامتناع المزارعين عن زراعة وتوريد المحصول، ناتج عن ضعف قيمة التقدير لسعر الطن، كما اثبتت زراعة محصول قصب السكر في الأراضي الصحراوية وارتفاع الانتاج، ناتج عن تغيير بيئة الزراعة نظرًا لتتابع زراعة نفس الارض بنفس الأسلوب ونفس المحصول واستنزاف ذلك المحصول لعناصر بعينها من التربة مما أدى إلي ضعف الإنتاج وقلة جودته.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.