في ذكري ميلاد شادية.. رحلة فن بدأت مع الشك وانتهت بالطمأنينة
الشيخ الشعراوي لشاديه: “فعلت ما هو أحسن من الوعد”
في ذكري ميلاد شادية.. رحلة فن بدأت مع الشك وانتهت بالطمأنينة
بقلم: ريهام طارق
يتزامن اليوم الثامن من فبراير مع ذكرى يوم ميلاد صوت مصر العذب والموهبة الفنية النادرة شادية أيقونة الجمال والأنوثة، التي جمعت بين جمال الشكل وخفة الروح والظل، و نجحت في التنقل بين الوسائط التمثيلية المختلفة ما بين التراجيدي و الرومانسى والكوميدى بحرفية وإتقان شديد، لتكتب اسمها بحروف من الألماس على سماء الفن، و على مدار مسيرة فنية حافلة امتدت لأكثر من 40 عاما.
حرصت فيها دوما على تقديم أعمال فنية رفيعة المستوى تليق بها و بجمهورها الذي اجتمع على احترامها قبل حبها، وفي السطور التالية نستعرض قصة حياتها.
مولد شاديه:
فاطمة أحمد كمال شاكر فتوش المعروفة بإسم شادية مواليد القاهرة 8 فبراير عام 1931، بحى عابدين، تنتمي جذور عائلتها إلى أصول شركسية، وهى مجموعة عِرقية أوروبية كانت تسكن شمال غرب القوقاز، كان يعمل والدها مهندسا زراعيا ومشرفا على الأراضي الملكية، في قرية أنشاص الرمل بالشرقية، وكان محب للفن ويهوى العزف على العود ويحب الغناء، وهو الذي شجع شادية على الدخول بالمجال الفني.
بداية مشوارها الفني:
ورثت شادية حب الفن عن والدها، و أحبت الغناء منذ طفولتها وكانت تحب الفنانة الكبيرة ليلى مراد وتحفظ جميع اغانيها و تقلدها، وعندما انتهي عمل والدها في الشرقية عاد ليستقر في القاهرة في شارع طوسون بحي شبرا، ودخلت شاديه مدرسه شبرا .
وعندما كانت شادية في المرحلة الإبتدائية سمعتها ليلي مدرسة الموسيقى وهي تغني و أعجبت بصوتها وشجعتها على تنمية موهبتها، وعندما اكتشف والدها موهبتها الفنية طلب من الفنان فريد غصن أن يعلم شادية الغناء، وأسند إلى الفنان الكبير عبدالوارث عسر مهمة تعليمها التمثيل والإلقاء.
والفنان عبد الوارث عسر هو من أختار لها اسم شادية بعد ما سمع صوتها أول مرة، ووصفها بأنها “شادية الكلمات”.
وفى عام 1947، أعلنت شركة اتحاد الفنانين عن تنظيم مسابقة لاكتشاف المواهب الجديدة وعندما علمت شاديه بالمسابقة سارعت بالمشاركة فيها وبعد انتهائها من الغناء حازت على إعجاب جميع الموجودين داخل أستوديو مصر، وتحمّس لها بشدة المخرج أحمد بدرخان، ورشحها للمشاركة في فيلم “أزهار وأشواك” أمام هند رستم ومديحة يسرى عام 1947.
ثم شاركت في نفس العام في فيلم “العقل في إجازة” أمام المطرب محمد فوزي، وهو يعتبر أول إنتاج للفنان محمد فوزي وأول تجربة إخراجية للمخرج حلمى رفلة أيضاً، في مقابل 150 جنيه، ليحقق الفيلم نجاحًا غير متوقع، ما شجع محمد فوزى على الاستعانة بها مجددا لتكرار النجاح وشهد ذلك أفلام صاحبة الملاليم، بنات حواء، الروح والجسد، و فيلم الزوجة السابعة، وفي تلك الفترة كانت تسخر منها الصحافة لأنها كانت توافق على أجور متواضعة..
وفى عام 1952 قدمت حوالي 13 فيلمًا سينمائيا منها:
“أشكي لمين و أقوى من الحب”، وبدء صعود شادية نحو القمة من خلال دورها في فيلم “المرأة المجهولة”، من إخراج محمود ذو الفقار عام 1959، ثم جاءت المحطة الأهم في حياة شادية الفنية من خلال مجموعة من الأفلام التي يغلب عليها الطابع الكوميدي أمام الفنان صلاح ذو الفقار منها:” مراتي مدير عام ، كرامة زوجتي، عفريت مراتي”، ثم قامت ببطولة مجموعة من الأفلام المأخوذة عن روايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ منها فيلم”اللص والكلاب”، وبمرور الأيام وتعدد التجارب.
أصبحت شادية نجمة أولي وتصدرت صورتها الأفيشات، وقدمت ما يزيد عن 117 فيلماً و10 مسلسلات إذاعية، وما يتجاوز 1500 من الأغاني الخفيفة والوطنية.
المسرح في حياة شادية:
قدمت شادية مسرحية واحدة في نهاية حياتها الفنية وهي مسرحية “ريا وسكينة” فى عام 1983، وهي المسرحية الكوميدية التى أصبحت علامة بارزة فى تاريخ المسرح المصرى ، أمام العملاق عبد المنعم مدبولي، سهير البابلى وأحمد بدير، واستمر عرضها أربع سنوات حققت خلالها إقبال جماهيري غير مسبوق ومن الأسباب الرئيسية في هذا الإقبال هو رغبة الجمهور في رؤية شادية على خشبة المسرح للمرة الأولى.
الحب في حياة شادية :
كانت شادية انثى رقيقه حنونه وعطوفه رومانسيه إلي حد كبير اجتماعية تحب الضحك، وكانت تقدس التجمعات العائلية وأكلتها المفضلة الرنجة والكباب، كما أنها كانت أيضا زوجة مثالية وربة منزل ممتازة تزوجت ثلاث زيجات فقط طيلة حياتها وهم:
الزوج الأول عماد حمدي:
تزوجت شادية للمرة الاولى من الفنان الراحل عماد حمدي وكان يكبرها بحوالي 22 عاما، وقع عماد حمدي في غرامها منذ النظرة الأولى، فى قطار الرحمة عام 1953، وعرض عليها الزواج ووافقت علي الفور وتم الزواج بينهما ولم تكن شادية الزوجة الأولى لعماد حمدي حيث أنه كان متزوج قبلها ولديه إبن كانت تعامله شاديه بكل حب وظلت مسؤوله عنه حتى بعد طلاقها من عماد حمدي وبعد وفاته وكانت تقول له دائما “لو احتجت أي حاجه متتكسفش وقولي “.
نشبت الكثير من الخلافات بين شادية وعماد حمدي بسبب غيرته الشديدة عليها والتي كانت سبب رئيسي في إنهاء هذا الزواج في هدوء وسلام عام 1956، بعد مرور ثلاث سنوات.
وبعد الطلاق توقف التعاون الفني بينهما ولكن عادت المياه إلي مجاريها من جديد بفضل حلمى رفلة عندما دعا شادية وعماد حمدي إلي بيته لحضور حفل عشاء وقام بسؤال عماد حمدي هل لديه مانع من العمل مع شادية، ليرد حمدي قائلًا:
(يمكن هي مش عايزة تِصور معايا)، وعلى الجانب الآخر سأل حلمي رفلة شادية عن إمكانية التعاون مع عماد حمدى، لترد عليه (يمكن هو مش عايز)، فرد عليها رفلة وقال أن عماد حمدي علي استعداد للتعاون معها فوافقت على الفور، وبالفعل قدما سويًا فيلم “ارحم حبى”، بطولة عماد حمدي وشادية، و فيلم “المرأة المجهولة”، ليصل مجموع أفلامهم معا ستة عشر فيلمًا سينمائيا من أنجح وأعظم الأفلام في تاريخ السينما المصرية.
تزوجت عزيز فتحي انتقاماً من فريد الأطرش:
بعد طلاق شاديه من عماد حمدي انتقلت إلي مسكن جديد كان بجوار الفنان فريد الأطرش الذي جمع بينهما علاقة صداقة وحاول فريد أن يقف بجانبها ليعوضها عن صدمة ما بعد الطلاق، وفي المقابل عوضته هي عن كل العذاب والمعاناة التي عاشها في حياته، وغمرته بحبها وحنانها واهتمامها، وكانت تهتم بكل تفاصيل حياته حتى عدد ساعات نومه و تقوم بطهي الطعام له بيدها، ونشأت قصة حب كبيرة بينهما وعرض فريد الزواج عليها وبالفعل وافقت.
استعدت شادية للزواج واشترت فستان الزفاف، ولكن فريد أخبرها فجأة وبدون مقدمات عن سفره إلى فرنسا واصر أنه يكون بمفرده وطلب منها تأجيل موعد الزفاف لأنه لا يعرف تاريخ عودته
وكان الهدف من سفر فريد هو إجراء فحوصات طبية، ولكنه أخفي عليها ذلك .
وبالفعل سافر فريد إلى فرنسا مما جعل الشك يدخل قلب شادية تجاه فريد واعتقدت أنه يتهرب منها ولكى تنتقم شادية من الأطرش وتثأر لكرامتها المجروحة قررت شادية الزواج بعزيز فتحي، الذي كان يعمل مهندسًا بالإذاعة، وكان يرغب في الزواج منها والذي تعرفت عليه من خلال سهرات “فريد الأطرش” والذي كان يتردد عليها برفقة شقيقات والدته زوزو وميمي شكيب.
و بدأت قصة حبهما على شاطئ ستانلي في الاسكندرية خلال 10 أيام و كان عزيز فتحي يصغرها بعدة أعوام إلا أن هذا الفارق لم يمثل أزمة أو مشكلة في الزواج، و تم الزواج بينهما و باركت الأسرتان زواجهم، ونشرت مجلة الكواكب في العام 1957 صور زواجهما.
واستمرت شادية، في نشر صورها مع زوجها على صفحات المجلات خاصة مجلة الكواكب، لكي ينتشر الخبر ويصل إلي فريد الاطرش حتى عاد فريد الأطرش من فرنسا وفوجئ بخبر زواجها وكانت صدمه كبيره لفريد الاطرش عاني منها فتره كبيره.
ولكن هذا الحب المزيف لم يستطيع الاستمرار وأنهار أمام أو أزمة تقابلهم بعد خمس شهور من زواجها أولها إكتشفت شاديه انه كان متزوج قبلها ولم يصارحها بذلك، و ازدادت الصراعات بينهما بسبب غيرة فتحي القاتلة وتدخله في كل كبيرة وصغيرة في عمل شادية حتى أصبح عائقا في حياتها الفنية، مما جعل شادية تبحث له عن أدوار لدى المخرجين على هذا يحد من المشاكل بينهم ولكنه لم يوفق في أي عمل، وهذا جعله أكثر غضبا وترجم هذا الغضب إلى تحكم في حياة شادية ما جعلها تطلب الطلاق، وقدمت تنازلات كبيرة لإتمام الطلاق حيث تنازلت عن كافة حقوقها المادية وقامت بإبراء عزيز فتحي من كل شيء شريطة أن يكون الطلاق بائنًا حتى لا يتمكن من ردها دون موافقتها.
صلاح ذو الفقار قصة حب العمر في حياة شادية:
بعد فيلم “أغلي من حياتي”، نشأت قصة حب جمعت بين شادية وصلاح ذو الفقار توج بالزواج عام 65، وكان صلاح ذو الفقار حب عمرها الحقيقي والأخير ولكن حياتهم الزوجية كانت محاطة دائما بالشائعات ومنها ما تردد كثيرا حول انفصالهما، وفي عام 1969 وبعد 5 سنوات من زواجهما، نشب خلافاً بينهما، انتهى بأن صلاح حمل حقائبه وترك منزل الزوجية وأقام عند شقيقه محمود ذو الفقار، و كانت كل الظواهر تدل على أن قصة حبهما في طريقها للانهيار وفي هذه الفترة عاش الاثنان في حالة نفسية سيئة.
وكان صلاح ذو الفقار بدء في تصوير فيلمين هما “عين الحياة” و”أسعد رجل في العالم” فى نفس الوقت الذى كانت تستعد شادية فيه لدخول الاستوديو لتبدأ تصوير فيلم “نصف ساعة جواز”، وفي تلك الفترة شعرت شادية أن صلاح ذو الفقار يبعد عنها يقضي وقتا طويلا بدونها خارج البيت، ومع محاولات صلاح بإقناع شادية بأنه مضطرا لذلك بسبب العمل وبدأت شادية تهدأ قليلا عادت المشكلة من جديد عندما سافر صلاح في رحلة إلى أسوان بدونها مع مجموعة من الفنانين والفنانات، وهنا وصلت المشاكل بينهما إلى ذروتها.
في تلك اللحظة شعر صلاح أنه من الضروري أن يبتعد عن شادية بعض الوقت حتى يخف حجم التوتر الموجود بينهما وترك منزل الزوجية مرة أخرى مما أثار غضب شادية، وانطلقت الشائعات حول انفصالهما، ولكن عندما طالت فترة البعد بينهم تأكد كل منهما أنه لا يستطيع أن يعيش بدون الآخر، وقام صلاح ذو الفقار إجراء مكالمة لشاديه.
وعندما ردت عليه شادية حدث عتاب طويل فى المكالمة أعقبه عودة صلاح إلى منزل الزوجية و اعترف كل منهما للآخر بأنه كان تعيسا فى غيابه وانتهت الأزمة..ولكن للأسف لم تكن هذه نهاية الخلافات بل استمرت حتى تم الطلاق بشكل نهائي عام 1972.
حرمان شادية من الأمومة:
كانت شادية تتمنى عندما تصل إلى الخمسين تكون لديها دستة من الأبناء، ولكنها فشلت في تحقيق تلك الأمنية، بسبب أنها كانت تفقد الجنين بعد مرور أشهر على الحمل، وحرمت من الأمومة في الواقع ولكنها عاشتها بكل صدق في فيلم المرأة المجهولة، وفيلم لا تسألني من أنا”، وكأن أراد الله أن يجبر بخاطرها وجعلنا نتذكر شاديه كل عيد أم عندما نستمع إلى أغنيتها الشهيرة “سيد الحبايب”.
شاديه مطربة كوكب الشرق المفضلة:
عندما سئلت كوكب الشرق أم كلثوم عن المطربة المفضلة لديها قالت: “شادية حبيبة قلبي”.
أقرب أصدقاء شاديه:
أقرب صديقات شاديه من الوسط الفني كانوا سهير البابلي بشكل خاص يليها يسرا و شهيرة و دلال عبد العزيز، وهم فقط من كانوا يسمح لها بزيارتها في منزلها أثناء فترة مرضها.
موقف لاينسى في طفولتها:
تعرضت شادية لحادث اختطاف وهي طفلة عندما أغرتها سيدة بقطعة حلوى وخطفتها وحبستها مع الحيوانات في مكان مهجور. غير أنها استطاعت الهرب والنجاة بأعجوبة.
عندما سئلت شاديه عن أحب ألقابها الي قلبها أجابت:
” شادية الممثلة”، كما حصلت على جائزة الدولة في التمثيل عن دورها في فيلم “شىء من الخوف”، وفازت أيضا بلقب أفضل ممثلة سينما في عام 1963 عن فيلم زقاق المدق، للأديب العالمي نجيب محفوظ و صنفت اربع افلام من أفلامها ضمن أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهى: “الزوجة 13، مراتى مدير عام، شىء من الخوف، و فيلم اللص والكلاب”.
هذا ما رفضته شاديه وهددت باللجوء للقضاء لو حدث:
كانت شادية حريصة على متابعة كل ما يكتب عنها وتمتن كثيرا لمن يتذكرونها رغم بعدها عن الساحة، وكان ما يقلقها هو أن تقدم أي جهة إنتاجية سيرتها الذاتية في عمل فني، وأعلنت أنها سوف تتخذ إجراءات قانونية ضد من يفعل هذا لأنها ترفض هذا الأمر تماما.
شادية أول بطله في حياة العندليب :
كونت شادية مع عبد الحليم حافظ ثنائي ناجح وهي الوحيدة من الفنانات التي شاركها حليم في بطولة أكثر من فيلم سينمائي، كان أولها “لحن الوفاء” عام (1955) والذي يعتبر أيضا أول فيلم في حياة عبد الحليم حافظ في السينما، بعدها تعاونا مجددا في فيلم “دليلة” (1956)، ثم فيلم “معبودة الجماهير” والذي تم عرضه لأول مرة في 9 يناير 1967 وكان آخر تعاون بينهما، و اشتهرت لهما أغان مشتركة مثل “حاجة غريبة” و”تعالي أقول لك”.
سر تهديد شاديه لعبد الحليم حافظ
عند اختيار كاست فيلم “معبودة الجماهير”، تم اختيار يوسف شعبان لـ يشارك في الفيلم وعندما علم عبد الحليم حافظ رفض وطلب استبداله بالفنان محسن سرحان ، وهذا لأن يوسف شعبان كان في تلك الفترة متألقا، وأراد عبد الحليم أن يكون مركز النجومية والاهتمام فقط ، وعندما علمت شادية اعترضت على رأيه، وهددت بعدم المشاركة في الفيلم، إذا تم استبعاده، واستجاب الجميع لرغبة معبودة الجماهير.
ذكاء شادية في التعامل مع الصحافة
كانت تتمتع بذكاء شديد فى التعامل مع الصحفيين، تنهال بالأسئلة في بداية اللقاء لكي يتخلص الآخر من قلقه أو رهبته أمامها وعندما تشعر بأنه مستعد تنصت لجميع اسئله الصحفي وكانت تفضل الصحفي الذي يعرف تفاصيل حياتها وشاهد أعمالها وحفلاتها لأن هذا يتيح له المناخ المناسب لطرح الأسئلة المناسبة.
ومن المواقف الطريفة أنها إذا أجرت لقاء صحفي في منزلها وحدث أن أحد من عائلتها تحدث معها كانت تتكلم باللغة التركية لكي لايفهم الصحفي ما يدور حوله.
ومن التفاصيل آلتي كانت ترفض بصرامة أن تتكلم فيها أو تفتحها هي قصة حبها لفريد الاطرش أو تفاصيل خلافها مع طليقها عزيز فتحي.
لكنها كانت تحب أن تتحدث اعمالها وعن تجاربها في الفن آلتي خاضتها وكانت تحب أن تتكلم كثيراً عن شقيقها طاهر و تردد اسمه كثيراً في كل حوار لها.
وفي آخر سنوات حياتها وبصفه خاصه بعد الاعتزال كانت نادراً ما توافق على إجراء حوار صحفي أو إعلامي.
قرار الاعتزال عن الفن:
شاركت شادية في حفل “الليلة المحمدية” بمناسبة المولد النبوي الشريف، وغنت خلاله أغنية دينية هي “خذ بإيدي” .
بإحساس صادق، وبعدها بأسابيع قليلة أحست بتعب شديد في صدرها، وتم نقلها إلى المستشفى، وبعد إجراء التحاليل والأشعة تبين أنها تعاني من سرطان الثدي، و قررت السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلاج هناك، وأجرت عملية جراحية لاستئصال الثدي، وبعدها قررت أن تؤدي مناسك العمرة، و طلبت من شقيقتها عفاف أن تساعدها في السفر من الولايات المتحدة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية وأثناء تواجدها في سفارة المملكه العربيه السعوديه بامريكا، تصادف مرور السفير ومسؤول كبير في السعودية.
وعندما علم بوجودها تدخل، وأمر بسفرها على متن طائرة خاصة هي وشقيقتها وزوج شقيقتها لأداء العمرة، بالفعل وصلت إلي السعودية وتم استقبالها بحفاوة شديدة،
بعد عودتها من العمرة توجهت للشيخ الشعراوي لتسأله وهي ترتدي الحجاب برفقة الفنانة المعتزلة ياسمين الخيام، وقالت له أنها تريد اعتزال الفن وتلتزم فقط بغناء أغانٍ دينية تشكر الله بها على نجاحها وسترها، فرد عليها الشيخ الشعراوي :“فعلت ما هو أحسن من الوعد”، وبالفعل أعلنت اعتزالها الفن، وارتدت الحجاب تحديدًا في العام 1985.
وفي لقاء نادر لها مع الدكتور العالم مصطفى محمود تحدثت خلاله عن رحلتها مع الشك والإيمان وقالت: “الحمد لله، رحلتي مع الشك والإيمان انتهت بالطمأنينة، وبحمد ربنا إني نجحت في عملي، وأديت رسالتي، ودي موهبة ربنا خلقها في الإنسان”.
ظلت شادية متمسكه بموقفها من الاعتزال رغم كل الإغراءات والضغوط، التي تعرضت لها وفي نفس الوقت لم تُحرِّم الفن أو تتبرأ منه، وتفرغت شادية لمساعدة المحتاجين، ورعايه الأيتام ولها أياد بيضاء كثيرة في العديد من المشاريع الخيرية وقامت بالتبرع بمنزلها ليكون مركزا لأبحاث علاج السرطان، و اعتزلت الفن وانسحبت من الساحة الفنية تاركة وراءها تاريخًا فنيًا عظيمًا، لتسدل الستار على مسيرة فنية مليئة بالكفاح والنجاح.
رحيل دلوعه مصر:
تعرضت شادية في الرابع من نوفمبر عام 2017 إلي نزيف بالمخ مما أدى إلى إصابتها بسكتة دماغية أدخلتها المستشفى قرابة الشهر، ثم أصيبت بالتهاب رئوي حاد أدى لوفاتها داخل مستشفى الجلاء العسكري بالقاهرة، في الـ28 من نوفمبر، عن عمر يناهز 86 عاما، في يوم الثلاثاء عام 2017، ليكون ذلك اليوم شاهدًا على رحيل دلوعة مصر بعد مسيرة فنية حافلة امتدت لأكثر من 40 عاماً لتترك بعد غيابها مكانة فنية يصعب تكرارها.