غيره شويكار من صباح.. وسبب امتناع محمد فوزي عن أجره في رمضان
ريهام طارق
يرتبط رمضان في أذهان الناس بذكريات خاصة في تأتي عند رؤية أشياء معينة مثل زينة و فانوس رمضان وسماع صوت المدفع أو سماع صوت الشيخ محمد رفعت أو سماع الشيخ محمد متولي الشعراوي، وعند سماع أيضا أغنية أو تتر لعمل فني أو مشاهدة برنامج في تلك اللحظة يمر أمام أعيننا شريط طويل من الذكريات لا نهاية له، يأخذنا الى زمن بعيد عشنا فيه أجمل أيام طفولتنا برفقة الأهل والأصدقاء والجيران، ومن ضمن هذه الأشياء المرتبطة بذكريات بعض الأعمال الفنية الخالدة التي يحضرها الناس كل عام، لاسيما الأغاني التي تنتشر في جميع الشوارع المصرية مع بداية منتصف شهر شعبان، و تملئ الشوارع بالبهجة والسعادة.
وهناك الكثير من الفنانين الكبار الذين حرصوا على مشاركة جمهورهم في الشهر الكريم بأغاني مازلنا مرتبطين بها حتى الآن وتعتبر من الرموز الأساسية لحلول الشهر المبارك، ومهما ظهرت أغاني وألحان جديدة في رمضان يظل القديم هو الفائز ليحقق مقولة
old is gold وهذا ما أكده استمرارية الانتشار الواسع لـ الاغاني الكلاسيكية القديمة التي قدمها كبار الفنانين في العالم العربي بمناسبة حلول شهر رمضان.
وفي السطور التالية نتذكر سويا عزيزي القارئ أهم حكايات وقصص الأغاني التي قدمت في هذا شهر رمضان الكريم:
اغنية الراجل ده هيجنني:
أغنية “الراجل ده هيجنني” بصوت صباح والاستاذ فؤاد المهندس ، من الأعمال الغنائية التي لن تتخيل دخول رمضان بدونها واحدة من الأغنيات التي لا يختلف اثنان على جمالها، ومن المستحيل أن تجد مواطن عربي لا يحفظ كلماتها، كأنها الإعلان الرسمي لحلول شهر رمضان ، حتى أنها أصبحت من واقعيتها جزءًا لا يتجزأ من شخصية المصريين قبل انطلاق مدفع الإفطار، مشاجرة الرجال مع زوجاتهم على الأصناف الموجودة على المائدة بالجملة الشهيرة بالرد الشهير “بسسسس”!!!
وكان الإسم الحقيقي للأغنية “الراجل ده هيجنني”، كان “رمضان قال احمدوه“، و انطلقت من منزل الراحل فريد الأطرش، صديق صباح، وفى إحدى زياراتها له، حيث التقت بالشاعر حسين السيد الذي أبلغها بأن لديه أغنية رمضانية جديدة، وما إن قرأت كلماتها حتى أعجبت بها، وقام بتلحينها الموسيقار محمد الموجي ويقع الاختيار بعدها على المبدع فؤاد المهندس ليكون هو الزوج الصائم الذي لا يملك سوى وضع يديه على خده منتظرا الإفطار مستغيثا: “يا اخواني أنا صايم و راجل شقيان و مراتي عايزة تجوعنى حتى فى رمضان” ولا يمكن تصور فنان آخر كان يستطيع أن يقوم بهذا الدور بصدق و بخفة ظل وبهذه الواقعية التي ظهر بها في الأغنية.
وتم إذاعتها للمرة الأولى إذاعيا نهاية 1962، محققة نجاحا كبيرًا، ثم تم تصويرها لتعرض علي التلفزيون المصري وأخرجها محمد سالم عام 1963، امتد نجاح الأغنية لتعرض ضمن فيلم بعنوان “القاهرة في الليل“، بطوله فؤاد المهندس وصباح، من إخراج محمد سالم، وفي 1967، بات عنوان الأغنية عنوانا لفيلم من بطولة المهندس و شويكار، والذي قام بإخراجه عيسى كرامة.
اغنيه الصيام مش كده:
نجحت اغنيه “الراجل ده هيجنني” مما أثار إشعال غيرة شويكار و كانت في هذا الوقت زوجة فؤاد المهندس وشعرت شويكار بالغيرة من صباح ومن نجاح الأغنية مع زوجها بالشكل الذي لم تكن تتوقعه، فهي التي طالما تعودت على نجاح أغنياتها هي وحدها معه، كأشهر واجمل دويتو عرفته السينما المصرية، فقررت أن تعيد نفس التجربة مع زوجها فؤاد المهندس ولشهر رمضان أيضًا بأغنية اسمها “الصيام مش كده” من كلمات حسين السيد وألحان الموسيقار حلمي بكر، أحد أشهر الأغنيات التي قدمتها الفنانة الكبيرة شويكار برفقة زوجها الفنان القدير الاستاذ فؤاد المهندس، وهي من إنتاج التليفزيون المصري، وكانت الأغنية مزيج من الدراما والغناء قدمها الثنائي، بكل صدق وخفة ظل، وتعتبر من أجمل الأغاني التي جسدت شعور الزوج المصري الصائم بشكل واقعي في كل بيت مصري، وتقديم واقعي لما يحدث من حوارات بين الزوج المصري وزوجته في كل بيت مصري.
اغنيه “الصيام مش كده”، كلمات: حسين السيد، ألحان حلمي بكر، ومن إخراج رشاد عبدالغني.
وكانت هناك مخاوف من عدم نجاحها في بداية الأمر لأنه كان يسبقها أغنية شبيهة لها وهي “الراجل ده هيجنني“، والتي نجحت نجاحا ساحقا، الأمر الذي أثار مخاوف البعض من فشل التجربة إذا تم تكرارها، لكن ما حدث هو العكس حيث ونجحت نجاحا كبيرا وتم تسجيل هذه الأغنية بتكليف من الإذاعة والتليفزيون، وتم تصويرها في بداية ظهور (الألوان) في التلفزيون، ولا أتذكر في أي عام بالتحديد تم إنتاج هذه الأغنية”.
اغنية هاتوا الفوانيس:
أغنية هاتوا الفوانيس ألحان غناء الموسيقار محمد فوزي، و كلمات الشاعر عبدالعزيز سلام، ولدت الاغنيه عندما ذهب الموسيقار محمد فوزي إلي الإذاعة المصرية وبصحبته عدد من الأطفال، الذين عبروا عن سعادتهم بوجودهم مع محمد فوزي، أمام ميكرفون الإذاعة، سكت الجميع وفجأة قال: “هاتوا الفوانيس يا ولاد.. هنزف عريس يا ولاد.. هيكون فرحه 30 ليلة”، فعمت روح الدعابة والابتسامة وردد الأطفال خلفه ما يقوله، ليصبح ذلك شهادة ميلاد أول أغنية يتم تقديمها فى الإذاعة المصرية خلال شهر رمضان.
وصل محمد فوزي من خلال كلمات الأغنية للأطفال إن الصيام ليس فقط فانوس وطعام شهي، وأن 30 يومًا مليئة بالفرحة لقوله: “م العشا راح تتلم صحابنا، ونروح كل مكان، ونغني على نور فوانيسنا، آه يا بنت السلطان، ويا بخت اللي يصالح صاحبه، ويسبق بالخير ويروح له، ان شالله ما يقطع لنا عادة، ويعوده عليكم في سعادة، واللي يزكي له جناته، هاتوا الفوانيس يا ولاد، على صوت الطبلة يصحينا، ينادينا بحنان، قوم صلي على الهادي نبينا، يلا اصحى يا نعسان، يا صايم قوم وحد ربك، من غيره يعزك ويحبك”.
وطالب محمد فوزي، الأطفال في نهايه الاغنيه بالصلاة لرؤية كرامات رمضان: “وما تنسوش يا ولاد العيد بعده، هيجي بلبس جديد، واللي يصلي يشوف كراماته، هاتوا الفوانيس يا ولاد”.
ظلت الأغنية تذاع على الإذاعة حتى ظن المستمعون أنها الأغنية الرسمية للإذاعة، وكانت تلك الأغنية تعبر عن شكل جديد على الإذاعة آنذاك، عندما كانت الاغنيه تقدم رساله هادفه، وقرر محمد فوزي، أنه لن يتقاضى أى أجر عن هذه الأغنية و اهداها للإذاعة المصرية.
أغنية رمضان جانا:
من أشهر الأغاني الرمضانية التي ترتبط بأذهان الجميع بقدوم الشهر، هي أغنية محمد عبد المطلب “رمضان جانا”، من كلمات حسين طنطاوي وألحان محمود الشريف.
قدمها محمدعبد المطلب للمرة الأولى في الثاني من شهر رمضان عام 1362، الموافق الثاني من شهر سبتمبر عام 1943 ، و تقاضي عليها محمد عبد المطلب مبلغا قيمته ستة جنيهات آنذاك.
اغنية “مرحب شهر الصوم”:
عبد العزيز محمود من أجمل الأصوات المرتبطة بحلول شهر الكريم عندما يؤدي اغنية، “مرحب شهر الصوم” التي تعتبر من أشهر الأغاني الرمضانية أيضا التي يعود تاريخها إلى عام 1966، من كلمات محمد علي أحمد، وألحان عبد العزيز محمود.
ويأتي في مطلعها: “مرحب شهر الصوم مرحب، لياليك عادت بأمان.. بعد انتظارنا و شوقنا اليك، جيت يا رمضان”.
ومع اقتراب شهر رمضان تبدأ الإذاعة والتليفزيون المصرى فى إذاعتها، لتقول لشهر رمضان “مرحب شهر الصوم” بصوت المطرب الرائع “عبد العزيز محمود”، الذي جمع بين الطرب وخفة الظل في الأداء، وتم اعتماده في الراديو عام 1937، بعدما سمعه مدحت عاصم رئيس قسم الموسيقى والغناء فى الراديو، وقدم له أول لحن.
وبدأت قصة اغنية “مرحب شهر الصوم”، عندما ذهب الشاعر محمد علي أحمد، للإذاعة المصرية، لعرض كلمات اغنية مرحب شهر الصوم، على مراقب عام الموسيقى، الموسيقار محمد حسن الشجاعي، الذي أعجب بها ووافق عليها مبدئيا لحين عرضها على لجنة الاستماع.
وعند موافقة لجنة الاستماع على أغنية “مرحب شهر الصوم”، رشح الموسيقار محمد الشجاعي، المطرب عبدالعزيز محمود لغنائها، وتم تسجيل الأغنية، بعد عمل عدد من البروفات في حديقة معهد الموسيقى العربية، ثم تم طرحها عبر الإذاعة المصرية عام 1966، ولاقت استحساناً و نجاحا كبيراً و أحدثت صدى واسعا لدى المستمعين، ولم يكتفى المطرب الراحل عبد العزيز محمود بغنائها فى الإذاعة، بل كان يغنيها فى حفل أضواء المدينة.
أغنية “أهو جه يا ولاد”
تعد أغنية “أهو جه يا ولاد”، من أفضل الأغاني التي مازالت مستقرة في قلوب المصريين، كلمات نبيلة قنديل، وألحان على إسماعيل، ومن إخراج منى أبو النصر، وتم إذاعتها لأول مرة عام 1959، بعد عرض كلمات الأغنية التي كتبتها الشاعرة نبيلة قنديل، زوجة الملحن علي إسماعيل، على لجنة النصوص بالإذاعة، وبعد إجازة النص، قام الموسيقي محمد حسن الشجاعي، الذي كان مشرفا على الإنتاج الإذاعي، باختيار المطرب والملحن، ورشح الملحن على إسماعيل، لـ تلحين الأغنية ورأى أنه يجب أن يغنيها مجموعة وليس مطربا واحدا، وبالفعل وقع الاختيار على الثلاثى المرح لـ غنائها، واستغرق تسجيلها ساعتين”.
وحصل الملحن على إسماعيل، على 20 جنيها، أجر تلحين هذه الأغنية، بينما حصل الثلاثي المرح على 140 جنيها، وبعد نجاحها الكبير حرصن على تقديم أغنيات أخرى لشهر رمضان، ليكون بمثابة ميلاد أغنيات أخرى، منها “افرحوا يا ولاد، سبحة رمضان، افرحوا يا بنات”.
ومن بعدها ذاع صيت الثلاثى المرح و أصبحن فقرة ثابتة فى بداية كل الحفلات، و سافرن لإحياء الحفلات في الدول العربية، و غنوا أمام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، واستمر نشاطهم 7 سنوات، حتى تزوجت سهام من الملحن أحمد فؤاد حسن و اعتزلت، وحاولت صديقاتها استبدالها بـ مطربة أخرى، لكن بعد زواج سناء وصفاء توقفت الفرقة وفشلت محاولات استنساخها بفرق أخرى.
أغنية “و حوى يا و حوى”:
تعتبر أغنية “و حوى يا و حوى“، من أشهر الأغاني التي ارتبطت بذاكرة المصريين عن ذكريات رمضان، و قدمت لأول مرة عام 1937 بكلمات محمد حلمي المانسترلي وألحان أحمد شريف وغناء أحمد عبدالقادر، والموسيقار أحمد الشريف فهو من مواليد العشرينات وعمل مطربا و ملحنا فى كازينو بديعة مصابنى ولحن الاسكتشات من ألحانه و يغنيها بعد اعتماده فى الإذاعة وتخصيص ركن له مع بداية إرسال الإذاعة ورحل فى 5 يونيه عام 1966.
والمطرب أحمد عبد القادر فهو من مواليد عام 1910 محافظة الشرقية وكان يغنى وهو في عمر الثامنة عن طريق حلقات الذكر و الإنشاد، لينطلق مشواره الغنائي عام 1926، وعند افتتاح الإذاعة الأهلية عام 1934 كان من الذين افتتحها بصوته وحصل على دبلوم معهد الموسيقى العربية عام 1939 وغنى باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، وفى عام 1976 تم اعتماده مبتهلاً وأدى فريضة الحج على نفقة إذاعة الشعب وفى عام 1979 وفى عيد الفن عام 1980 تم منحه جائزة الجدارة، ورحل فى 21 يوليو 1984، وهو أول ملحن مصري يضع كتاباً في تأليف العود.
ثم أعيد تقديمها مرة أخرى بكلمات فتحي قورة وألحان أحمد صبري بصوت هيام يونس من فيلم “قلبى على ولدى”، إنتاج عام 1953،، ثم أعيدت صياغتها للمرة الثالثة على يد الشاعر نبيل خلف وألحان وليد سعد في 2009 وتغنى بها محمد منير، وتعبير «و حوى يا و حوى» كان يغنى منذ العصر الفاطمي في وداع شهر شعبان واستقبال رمضان.
اغنية “كلك معاني يا شهر الصيام”:
قدمت الإذاعة المصرية كثيراً من الأغنيات الخاصة بشهر رمضان، والتي منها “كلك معاني يا شهر الصيام”، من روائع الزمن الجميل، للفنانة فايزة احمد صاحبة الصوت المتميز و الأغاني الخالدة، والتي غنتها للإذاعة في الستينيات، من الحان، الفنان محمد فوزي، ولم يكن هذا هو التعاون الوحيد بين فايزة أحمد ومحمد فوزي بل غنيا معاً دويتو من أروع الأغاني وهو توبة و ألفين توبة من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان محمد فوزي، كما قدما معاً أغنية ناي، و تشاركا البطولة في فيلم ليلى بنت الشاطئ مع ليلى مراد.
وكتب كلمات أغنية “كلك معاني يا شهر الصيام”، الشاعر عبدالفتاح مصطفى وهو نجل العالم الأزهري الشيخ مصطفى الغمراوي.
أغنية وداع رمضان.. “لسه بدري يا شهر الصيام”:
لا تستطيع أن توقف دموعك عند سماع هذه الأغنية وكأنها اشارة انذار لرحيل شهر رمضان الكريم وهي أغنية، “لسه بدري يا شهر الصيام”، بصوت المطربة شريفة فاضل، آلتي كانت تصنف في هذا التوقيت مطربة جديدة في بداية مشوارها الفني إلى أن رشحها الإعلامي وجدي الحكيم لـ غنائها، ورغم إنتاج العديد من الأغنيات المتعلقة بـ وداع شهر رمضان، تظل هي الأغنية المتربعة على عرش أشهر الأغنيات التي تعلن بسماعها إنتهاء الشهر الفضيل.