ليلي بكي فيها البصل
ليلي بكي فيها البصل
حوار تخيلي
نهار داخلي
مطبخ صغير وبسيط
تدخل سيدة شابة بعتلي وجهها علامات الحزن .. تتجول بعينيها لتشاهد كم الأشباء المطلوبة منها ( الأواني المتسخة تملاء حوض المطبخ …السفرة وما عليها من بقايا الأطباق والطعام )
تتنهد ثم ترتدي مريلة المطبخ وتبدأ في تنظيف المكان
وفجأة تترك كل الأشياء وبكل ما تحملة من طاقة غضب
تمسك بالسكين وتتناول بيدها الأخري بصلة كبيرة لتقشرها
وقبل أن تبدأ تجهش بالبكاء
لتنتفض البصلة وتقع من يدها وتتحول الي حجم أكبر ويظهر لها ملامح بشرية
السيدة الشابة تقابل الموقف بشكل طبيعي كأنه أمر مستمر الحدوث
البصلة :
إيه ؟!
متخضتيش ياعني لما شفتيني إتغيرت ؟!
ولا صرختي لما كلمتك ؟!
طيب عو عووووووووووووووووووووووووووووو
السيدة الشابة تنظر إليها وملامحها لم تتغير
علشان دي مش أول مرة البصل يعمل فيها كده
وبعدين خلاص إتعودت علي الهبل ده
البصلة :
فعلا عندك حق … إحنا فصيلتنا مجانين ممكن نعمل أي حاجة
بس للأسف مفيش حد بيلحق يحكي حاجة
تصدقي
كنت عارفة إن الإناث في عالم البشر دمغهم فاضية
بس مش للدرجادي
حضرتك بتعيطي قبل حتي ما تلمسيني
إيه الهيافه دي؟!
وفي الأخر
تظلمونا معاكم وتقولوا إن إحنا السبب
فعلا عالم ظلمة
السيدة :
قبل ما نتكلم
ممكن أعرف كلامك معيا ليه فايدة ؟
ولا بس بتحاولي تأخري نهاية حضرتك شوية ؟
البصلة :
لا إتكلمي
أنا بقالي كتير وبصراحة خلاص زهقت
حبيت أعرف ليه كل ما تدخلي المطبخ تعيطي
وإنت ماسكة بصلة في إيدك ؟
السيدة تجلس علي كرسي صغير وتنظر الي الأرض :
هحكيلك
الست في عالم البشر
مخلوق موجود بس
علشان كل اللي حوليه يقيمة
في كل مراحل حياته
البداية
من أول ما بنتولد
في ناس بتزعل علشان يا عيني جت بنت مش ولد
وبعدين تبدأ بقا حالات الأسف
لو كانت سمرا شويه ولا شعرها مش ناعم حبتين
وكأنها هي اللي خلقت نفسها
نتعلم ونتفوق يقولولنا
يابنتي أخرتها إيه يعني؟!
الست ملاش غير بتها وجوزها
لما تكبرشويه في السن وميجلهاش عريس
علطول تنول شرف لقب العانس
ولو إتجوزت وإطلقت يا عيني
تتحول من عالم الأحياء الي عالم الأموات
طبعا لازم تموت ماهي مطلقة
ولومات جوزها
وبقت ست أرملة وقررت تربي أولدها يقوللها لازم تتجوزي
ولو قررت تتجوز يقولوا عليها ست مش أصيلة
وفي كل الظروف
بتكون دائما متهمة وموضع شبهات وكل اللي حوليها خايفين منها وكأنها
الحداية اللي هتخطف رجلتهم
ولو إتجوزت تاني
لازم تعيش وتستحمل كل السخافات والتعب ومتقولش أي
مطلوب منها وبكل بساطة وكأنة حق أصيل مكتوب علي جبنها من يوم الولادة
تشيل مسئولية البيت والأولاد والزوج وممكن كمان تكون بتشتغل
وبتصرف علي البيت
لا
وممكن علشان خاطر حياتها الإجتماعية تتخلي عن أحلمها ونجاحتها الشخصية
أو تقدر تعمل المعادلة الصعبة وتنجح بس محدش بيحس بيها
وفي الأخر
محدش بيشكر
كل ده
الست ممكن تستحملة لكن اللي يوجع أوي إنها بتستحمل
ومفيش تقدير
مفيش كلمة حلوة
مفيش شكر
والمضحك جدا إنها ممكن
تلاقي جوزها بيبص علي وحده تانية بإعجاب شديد
لمجرد إنها
مهتمة بنفسها حبتين
أو إنها شخصية قوية
أو إنها ناجحة في مجال عملها
والشيزوفرينيا الحقيقية بقا
لو حولت تعمل زيها وتحقق ذاتها
ماتلقيش صدي ولا مساعدة ولا حتي قبول
هو.. الزوج المبجل
أول واحد بيقف ضدك ويقولك بيتك وأولادك أولي بيك
وفي نفس الوقت يجري ورا الست التانية وممكن الموضوع بوصل لجواز
وهنا
ممكن تموتي
وللأسف
يا تكملي وترضي
يا تحصلي وبجدارة علي لقب مطلقة
وندور في نفس الدايرة
علشان أكون
أفضل من الولد لأهلي
أعمل زيه وأحسن منه كمان
( أذاكر وأنجح وأشتغل )
وعلشان مبقاش عانس
أتجوز
وعلشان مبقاش مطلقة
أستحمل
وعلشان مبقاش نكدية
مكشرش
وعلشان مبقاش زنانة
مطلبش
وعلشان
وعلشان
وعلشان
المهم
متكلمش
وأكون الست راضيا
والست راضيا
مش راضيا
مش راضيا
تبكي بشدة
ثم تكمل
كل الكلام اللي قولتة ده ممكن أحكي فيه حكايات ملهاش نهاية
وعلشان ملناش حبيب ولا مساحة نفرغ فيها كل الطاقات السلبيه دي
بتنزل دموعنا هنا
في المطبخ
وإحنا مسكين بصلة زيك كده
ولما حد يسأل بتعيطي ليه ؟
نرد
عياط إيه ؟!
لا
دي
البصلة حرقت عيني
ترفع السيده الشابة رأسها
لتجد البصلة في حالة ذهول
وهنا
نسمع صوت الزوج ينادي وهو يقترب من باب المطبخ
صوت الزوج :
فين الغدا يا أمال ؟
هموت من الجوع
عايز ألحق الماتش الناس مستنياني علي القهوة
تنتفض البصلة مرة أخري وتتحول لحجمها الطبيعي
لتستقر في يد السيدة الشابة
وهنا يدخل الزوج
الزوج إيه مبترديش ليه ؟
بنده عليك بقابي ساعة
عايزتكوي القميص الأبيض
وتلمعي الجزمة
وخلصي الغدا بقا هتأخر
إيه ده… إنت بتعيطي ؟
الزوجة الشابة :
أعيط !!
لا أبدا
دي البصلة حرقت عيني
لتنظر البصلة للسيدة الشابة في أسي شديد
وتبتسم بمرارة
وتذرف دمعة ثم تغمض عينيها الأبد
رانية المهدي