القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان بقلم الكاتب محمد الدكرورى

القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان
بقلم الكاتب محمد الدكرورى

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في ضحكه ومزاحه ودعابته وسطا بين من جفّ خلقه ويبس طبعه وتجهّم محيّاه وعبس وجهه.

القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان

وبين من أكثر من الضحك واستهتر في المزاح وأدمن الدعابة والخفة، بل كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يمازح بعض أصحابه قال له أحد أصحابه ذات مرة أريد أن تحملني يا رسول الله على جمل، قال “لا أجد لك إلا ولد الناقة” فولى الرجال، فدعاه وقال ” وهل تلد الإبل إلا النوق؟” أي أن الجمل أصلا ولد ناقة.

ويقول جرير بن عبد الله البجلي “ما رآني رسول الله إلا تبسّم في وجهي” وسألته امرأة عجوز قالت يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم “يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز” فولت تبكي، فقال “أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول ” إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا، عربا أترابا”.

القوة الروحية

وإن مراقبة الله تعالي في السر والعلانية من الأهمية بمكان، وينبغي للعبد أن يراقب الله عز وجل في جميع أحواله وأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته لأن الله أقرب إليك من حبل الوريد، فالحق عز وجل أقرب إلى عبده من حبل الوريد، لكنه عامل العبد معاملة الغائب عنه البعيد منه، فأمر بقصد نيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال له، فقلوب الجهال تستشعر البعد، ولذلك تقع منهم المعاصي، إذ لو تحققت مراقبتهم للحاضر الناظر اليهم وهو الله عز وجل.

القوة الروحية و مواقف الإنسان

لإبتعدوا وكفوا عن الخطايا، والمتيقظون علموا قربه فحضرتهم المراقبة، فالعبد لو استشعر الخوف والمراقبة من الله عز وجل ما قدم على المعصية، وإن الضمير هو تلك القوة الروحية هى التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره، وهو منحة من الله للإنسان يدله بها على الخير والشر.

وكيف يكسب الرضا والراحة النفسية، وإن تربية الضمير، وتقوية الوازع الديني في نفوس الناس فيه سعادة الأفراد والمجتمعات، وبدونه لن يكون إلا مزيدا من الشقاء، مهما تطورت الأمم في قوانينها ودساتيرها، وطرق ضبطها للجرائم، وإدارة شؤون الناس.

فإنه سيأتي يوم وتظهر ثغرات في هذه القوانين، وبالتالي ما الذي يمنع الموظف أن يرتشي، والكاتب أن يزور، والجندي أن يخل في عمله، والطبيب أن يهمل في علاج مريضه، والمعلم أن يقصر في واجبه، والقاضي أن يظلم في حكمه.

والمرأة أن تفرط بواجبها، والتاجر من أن يغش، ويحتكر في تجارته، الذى يمنع ذلك كله هو الضمير، والنبى صلي الله عليه وسلم أنقى العالمين سريرة وأزكاهم سيرة، قد حذر من مخالفة السر للعلن فقال “لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا”.

قال ثوبان يا رسول الله، صفهم لنا، جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها” رواه ابن ماجة، وإن المرء لينظر في حياة الناس فيجد عجبا، مشاكل وصراعات، وتهاجر وقطع أرحام، وغمط للحقوق، وتنكر للمعروف على أتفه الأسباب.

بل إنك تجد من يكون سببا في شقاء المجتمع، بسبب سوء أخلاقه وتصرفاته، يستغل المواقف، ويتحين الفرص، ليشبع رغباته، ويحقق شهواته على حساب القيم والأخلاق والدين، ومصالح الآخرين، ومنافع العباد.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.