المزيد من المشاركات
منذ فترة انتشرت ظاهرة البث الإذاعي عبر الإنترنت والتي عرفت بالبودكاست وهي عبارة عن ملف صوتي يستمع له أي فرد علي الإنترنت تحت الطلب ومتاح في أي وقت من خلال الموبايل.
تنتجه جهه أو شخص محترفاً كان أو هاوياً ويتطرق فيه إلي مواضيع مختلفة تحمل معلومات بعينها تخاطب جماهير عديدة ومتنوعة وقضيتي هنا هي تلك المعلومات التي تكتسب رواج وشهرة وانتشار ومتابعة واعتناق وتغيير أفكار.
وهي قد تكون مضللة وغير حقيقية أو خاطئة وغير صحيحة وقد يكون وراها أغراض أخري تغلف بمجموعة من المؤثرات وأساليب الاقناع المختلفة تجعل الفرد المستمع إليها يستقبلها بأنها مسلمات لا تقبل الخطأ .
أقرأ المزيد: شكرا لمن علمنى كيف أكتب أسمى بالمد وليس بالهمزة ..
من هؤلاء ومن أين أتوا بتلك المعلومات وماهي خبراتهم وتعليمهم وثقافتهم ليكي نتأثر بهم وبأفكارهم ونسلم بمعلوماتهم بل ونغير مجري حياتنا وسلوكياتنا وأفكارنا بمجرد التعرض لمحتواهم ومعلوماتهم باستمرار.
وهنا تحدث الاستمالة العقلية أو العاطفية بحسب نوع البودكاست الذي تستمع إليه ، الاستمالات العقلية تبدأ بجذب الفرد نحو المحتوي بالتأييد حتي وأن كان الجمهور في بداية الأمر يرفض ذلك المحتوي .
تقوم الاستمالة هنا بتعمد مخاطبة عقل الفرد إزاء موضوع معين بمجموعة من النقاط كالاستشهاد بالمعلومات أو بناء النتائج أو عرض وجهات النظر المتعددة المؤيدة لذلك الموضوع حتي وأن كانت تلك المهمة شاقة فأنها بفضل التكنولوجيا وتغير طبيعة الجماهير المدمنة للانترنت أصبحت من أسهل ما يمكن الآن.
لأن الجمهور يبني معلوماته وثقافته وحياته وردود أفعاله المختلفة من خلال ما يتعرض له من خلال الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي فالواقع الافتراضي قد أصبح هو الواقع الحقيقي لحياة الأفراد والغريب أن الفرد أصبح يشعر بالغرابة والافتراضية في الواقع الحقيقي وهذا نتج عن كثرة معايشته لحياته الافتراضيه وراحته فيه فأيما يريد أن يسمع أو يري سيجده علي الموبايل من خلال البودكاست والريلز .
وأصبح الجمهور يتهافت للاستماع لتلك النوعيات من البرامج بل ويستمد معلوماته منها ليس ذلك فقط بل أصبحت قاعدة كبيرة من أفراد المجتمع تلجأ إليه كأول الحلول للمعرفة حول شئ ما وتأخد تلك المعلومات كمسلمات حتي وأن كان مروجيها أشخاص غير أهل للثقة فسهولة المحتوي وتوفره والبساطة في التقديم والعرض جعل منه سلاحا له حدين.
الإفادة الحقيقة للمجتمع ولكن من قبل المتخصصين ذوي الخبرة والثقافة والعلم في المجالات المختلفة.
الضرر وتشوية الفكر وتضليل العقل من قبل أفراد تروج لأفكارهم بإستمالات عقلية وعاطفية مخاطبة جمهور أصبح يتلقي المعلومة دون أن يتحري من صحتها يأخدها كمسلمات دون نقد أو تفكير وفي كثير من الأحيان كمصدر أوحد للمعلومات.
والحقيقة أن الانتشار المرعب للبودكاست يمثل ظاهرة تحمل في طياتها جزءا من الخطر علي عقول الشباب والمراهقين، الذين ترسخت لديهم عقيدة أنه المصدر الأول والأسهل بل وأحياناً الأوحد للمعرفة دون النظر لمن مقدمه أو حقيقة مايقدمه.
أن الثقافة السمعية المكتسبة من البرامج ليست آفة أو ضرر أنما الضرر الحقيقي أن تكون تلك الثقافة مأخوذة من أفراد ليسوا أهل لها وهؤلاء ما أكثرهم في عالم “البودكاست”.
وبمذهب أخر ليس كل ما انتشر وروج لها صحيح خاصة في ظل عالم الانترنت الذي يدعم الترويج المجاني لتلك المحتويات ويكتسب مقدميها شهرة يأخذها الجمهور كسبب للثقة في محتواهم وهنا وقفه مع النفس فماذا نسمع ولمن نسمع لابد أن نعي جيداً أن لكل شئ نسمعه تأثيراً علينا وعلي أفكارنا حتي وأن كان ذلك التأثير غير لحظي فقد مر علي العقل الباطن لنا وسيتم استرجعه حتماً في موقف معين أو وقتاً معين .
الدكتورة خلودمحمود
-مدرس الاعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الادبية
-المدرس الزائر بأكاديمية ناصر العسكرية
-المحاضر الزائر لليونسكو
المقال التالى
قد يعجبك ايضآ