في ذكرى بليغ حمدي: وردة… حبه الخالد وألم احتل القلب حتى نهاية العمر
لحن الجراح: بليغ يحوّل ألمه إلى أغنية تحكي عن الحنين وخيبة الأمل
بقلم ريهام طارق
في ذكرى رحيل الموسيقار الكبير والفريد في موهبته بليغ حمدي، تحضر في أذهاننا قصة الحب الأسطورية التي نسجت بينه وبين الفنانة القديرة وردة الجزائرية.
كانت هذه الحكاية واحدة من أكثر القصص عشقًا وغموضًا في عالم الفن العربي، حيث امتزجت الألحان الرومانسية العذبة مع مشاعر الحب العميقة لتخلق سيمفونية من الأحاسيس التي تعجز الكلمات عن وصفها.
كانت قصتهم كـ الأغنية التي تبدأ بإيقاع هادئ ورقيق، ناعمة مثل النسيم، ثم تتصاعد بوتيرة الحب لتصل إلى قمة النشوة و الاشتياق، قبل أن تقف وتصبح النغمات فجأة خرساء، تاركة القلوب معلقة في حالة من الدهشة، والأسى، وكأنها نغمة حزينة تتردد في الذاكرة بلا نهاية.
فراق مرير وبداية النهاية
في لحظة انفصال مفعمة بالألم، قررت وردة أن تبتعد عن بليغ حمدي وتعود إلى فرنسا، محطمةً قلبًا ظل ينبض بحبها حتى آخر لحظة، وفي باريس، حيث حاولت وردة الهروب من ظلال الماضي، اقترب منها أحد المعارف، غير مدرك لما حدث من انفصال، وسألها عن أحوال بليغ، هنا، وبدون أي تردد ، أجابت وردة بنبرة باردة خالية من أي عاطفة: “بليغ؟ مين بليغ ده؟ أنا معرفش حد اسمه بليغ…”
كانت تلك الجملة كالسهم الذي اخترق قلب بليغ، عندما علم بالرواية وهو في لندن، لم ينطق بكلمة واحدة، ولكن تحول وجهه كالصخر الأصم لا يعكس سوى مزيج من الألم والخيبة.
فبالرغم من المسافات التي فرّقت بينهما، إلا أن حب ورده كان ما زال يشغل قلب بليغ حمدي.
اقرأ أيضاً: أبطال مسلسل عمر أفندي يعودون داخل الاستوديو مع منى الشاذلي في هذا الموعد
أغنية تعيد ذكريات بليغ الحزينة و تستفز دموعه في ليل لندن:
في أحد ليالي لندن، وبينما كان بليغ يحاول الهروب من آلام قلبه عبر سهرة مع أصدقائه في ملهى “النيل”، كانت الساعة تقترب من السادسة صباحًا هناك، صعدت المطربة الشابة نهاد فتوح، ابنة الفنانة سعاد محمد، إلى المسرح لتؤدي فقرتها المعتادة، فاختارت أن تغني أغنية “وحشتني”، وبينما كانت تغني و تتمايل على النغمات، لمحت بليغ بين الحاضرين، فجاءت اللحظة التي قلبت الموازين.
قطعت نهاد غناءها وقررت تكريم بليغ بتقديم أغنية من ألحانه، فاختارت بالصدفة أغنية وردة الشهيرة “ده في ليلة قابلوه…”، ومع كل كلمة من كلمات الأغنية، كان بليغ يستعيد ذكرى الجرح العميق الذي خلّفه فراقه عن وردة، وعند سماعه لكلمات الأغنية “قال ماعرفهوش ماقبلتوش ماشفتوش…”، عاد شريط ذكريات تلك الليلة في باريس يدور في عقله، وكأنها شريط سينمائي لا ينتهي، لحظتها لم يستطع بليغ أن يحبس دموعه، و انهمرت كالمطر في ليلة شتاء باردة، تعبر عن عذاب وجرح قلبه الذي لم يلتئم.
اقرأ أيضاً: ختام الدورة الـ31 لمهرجان المسرح التجريبى: أجواء احتفالية فى ليلة سحرية
لحن الجراح: بليغ يحوّل ألمه إلى أغنية تحكي عن الحنين وخيبة الأمل.
بعد هذه الليلة، جلس بليغ وحيدًا في غرفته، يستعيد كل لحظة من لحظات حبه لوردة، وألم الفراق الذي عصف بهما، وفي لحظة من الإلهام الحزين، قرر أن يترجم آلامه إلى لحن جديد، كان بمثابة صرخة قلب مجروح، فكتب ولحن لـ ميادة الحناوي أغنية “حبيبي يا أنا”، كلمات تفيض بـ الشجن و الحزن:
“حبيبي يا أنا يا أغلى من عينيا… نسيت مين أنا
أنا الحب اللي كان اللي نسيته قوام من قبل الأوان…”
كانت تلك الأغنية بمثابة رسالة مبطنة إلى وردة، تعكس حجم الألم الذي عاناه بليغ، و الخذلان الذي شعر به من حب كان يظنه خالدًا.
اقرأ أيضاً: حنان ترك تعيد تترتيب الأولويات وتستأنف نشاطها الفنى وصلاح عبدالله يرد عليها ..
بليغ ووردة قصة عشق لم تنتهِ رغم الفراق:
حكاية بليغ ووردة ليست مجرد قصة حب فاشلة، بل هي تعبير عن قوة العواطف في حياة الفنانين، الذين يعيشون كل لحظة بأقصى درجات الحساسية والرقة، فبالرغم من الانفصال والآلام، لم يكن بليغ حمدي قادرًا على نسيان وردة، وظلت مشاعره تترجم في ألحانه، و كأن الموسيقى هي السبيل الوحيد للتعبير عن الجراح الدفينة التي لم تلتئم أبدًا.
هكذا كانت نهاية قصة الحب الكبيرة بين بليغ ووردة، نهاية لم تُكتب بالكلمات، بل بالألحان التي ستظل تروي قصة حبولحن لن يُنسى أبدًا.
التعليقات مغلقة.