ظل ونور
بقلم: د. ريمون ميخائيل كامل
المزيد من المشاركات
ويبقى وجودك في غيابك كأنك ظلٌ لم يُشهر أمام نور، أو حلمٌ لم يستيقظ في صباحه. لا تُرَى، لكنك موجود في كل مكان لا يراه العين، ولا يسمعه الأذن، في تلك المساحات بين اللحظات، حيث لا يُقاس الزمن ولا يُختزل في لحظة واحدة. أنتَ في غيابك تُعلّمنا أن الكون ليس مجرد تتابع للأحداث، بل هو مزيج من الحضور والفراغ، من الوجود الذي يرفض أن يُحصى في الأبعاد المادية، من الروح التي تسبح في بحرٍ من اللازمان، حيث كل شيء يبدأ ولا ينتهي.
ما من شيء في هذا الوجود يبقى ثابتًا؛ حتى الغياب هو حركة، وأنت في غيابك تتحرك في أعماق الأرواح، تترك أثرك في الأماكن التي لا يعرفها أحد سواك، وكأنك تقيم في قلب كل لحظة عميقة تعيش بعيدًا عن المظاهر، مستمرًا في رسم الكون على ورقة قلبك. في هذا الفضاء الذي لا يخضع لقوانين الزمان والمكان، تُدرك الروح أن كل حضور هو غياب، وكل غياب هو حضور، وأننا في النهاية لا نحتاج لأجسادنا لتكون أرواحنا موجودة.
أنتَ لستَ هناك حيثُ نراك، بل في أعماق الروح التي تتأملك في صمتها، تلك الروح التي لا تسكن الزمان ولا المكان، بل تسكن فكرة الحب، والوجود، والحقيقة التي لا يُمكِن أن تمسها اليد. حضورك ليس في المكان، بل في الفكرة التي لا تُمحى، في القلب الذي يعيد صياغة العالم بألوانٍ جديدة، لا ترتبط بالزمن، ولا تأسرها حدود.
![](https://elmshahir.com/wp-content/litespeed/avatar/2d9f357a3facde99c805e0eb90248fba.jpg?ver=1739103749)
المقال السابق
قد يعجبك ايضآ